تشكل الزيارة الأولى لرئيس المكتب السياسي لحركة «حماس» خالد مشعل لقطاع غزة واحدة من جملة مؤشرات على خروج القطاع من الحصار الى صدارة المشهد الفلسطيني بعد الحرب الأخيرة التي ألقيت فيها على القطاع كمية من المتفجرات بلغت كيلوغراماً لكل واحد من سكان القطاع البالغ عددهم مليون ونصف المليون. وتحقق زيارة القطاع هدفين لرئيس المكتب السياسي لحركة «حماس»: الاول هو تكريس دوره قائداً لحركة التحرر الفلسطينية بعد حرب طاحنة صمد فيها أهالي القطاع، والثانية تكريس مكانته في «حماس» التي تشهد نهاية الشهر الجاري انتخابات لمكتبها السياسي لأربع سنوات مقبلة. وكان مشعل أعلن في مناسبات سابقة نيته عدم الترشح لرئاسة المكتب السياسي للحركة، لكن الدور الذي لعبه أثناء الحرب للتوصل الى اتفاق وقف النار، واتصالاته مع زعماء المنطقة، خصوصا مصر وقطر وتركيا، حملته الى صدارة الاحداث من جديد. وقال مسؤولون في «حماس» ان من غير المستبعد أن يعدل مشعل عن قراره عدم الترشيح لرئاسة المكتب السياسي لفترة جديدة في ضوء التطورات الجديدة التي أفرزتها الحرب، خصوصا تكريس «حماس» لاعباً رئيساً، وربما اللاعب الرئيس في المعادلة الفلسطينية. وقالت مصادر مطلعة ل «الحياة» ان أطرافاً مهمة في المنطقة، مثل مصر وقطر وتركيا، تبدي اهتماماً كبيراً ببقاء مشعل على رأس «حماس» في المرحلة المقبلة لأهمية دوره في المعادلة الاقليمية، كما ترى في «حماس» بقيادته شريكاً مهماً في مرحلة ما بعد الربيع العربي لجهة الحوار الجاري بين الغرب و»الاخوان المسلمين». وتابعت ان هذه الدول ترى في مشعل الأكثر قدرة من بين قادة الحركة على تمثيل «حماس» في هذه المعادلة، والتوصل الى اتفاق مصالحة وطنية مع الرئيس محمود عباس يعيد توحيد الفلسطينيين تحت قيادة واحدة. ويتوقع كثيرون أن يكون لوصول مشعل الى غزة، ومخاطبته قيادة «حماس» وأعضائها في القطاع الذي بات صاحب الثقل الرئيس في الحركة، أثراً كبيراً في إزاله آثار الخلاف الذي ظهر بينه وبين قيادة الحركة في غزة عقب توصله الى اتفاق الدوحة مع الرئيس عباس. وأياً تكن أهداف مشعل من وراء زيارته الأولى غير المسبوقة لقطاع غزة، فإن ظهوره في القطاع يشكل اعترافاً بدور القطاع ودور «حماس» المتنامي في المشهد الفلسطيني. ويسعى قادة الحركة الى الدخول بقوة الى منظمة التحرير الفلسطينية لقيادتها في مرحلة ما بعد الرئيس عباس بعد أن تصدرت «حماس» حركة المقاومة الفلسطينية. ويقول قادة الحركة ان ملف منظمة التحرير سيكون الملف الأول في أي لقاءات مصالحة مع حركة «فتح» التي ترى غير ذلك. وينظر أهالي الضفة الغربية بإعجاب كبير لدور «حماس» في الحرب الاسرائيلية الأخيرة وفي كسر حصار دام على القطاع أكثر من خمس سنوات. كما يرى كثير من الأوساط الشعبية في الضفة في نموذج غزة المقاوم أكثر جدوى من نموذج المفاوضات والمقاومة الشعبية التي لم تفلح في وقف الاستيطان الذي طاولت مخالبه غالبية أراضي الضفة. وتحفل الأنشطة الوطنية والثقافية في الضفة برموز المقاومة «الغزية»، ففي جامعة بيرزيت انتشرت مجسمات صواريخ غزة بين القاعات الدراسية تعبيراً عن التقدير الكبير لدور المقاومة في مواجهة الهجوم الاسرائيلي وصده.