ليس جديداً أن تهمّش متطلبات وحاجات طالبات قسم التربية الخاصة سواء أكن تابعات للعوق السمعي أو البصري أو التخلف العقلي وصعوبات التعلم، وكذلك التوحد في الإدارات التابعة لوزارة التربية والتعليم، بل إن المسألة تتركز في سؤال إلى متى سيستمر عدم الاكتراث بتوفير تلك النواقص والحاجات لفئات هي بأمس الحاجة للدعم والمؤازرة، وليس للتراخي والإهمال، بحسب رأي أولياء أمور ومتخصصات ومعلمات. وذكرت معلمة مسار التخلف العقلي ومشرفة سابقة في المرحلة الابتدائية أن عدد طالبات التخلف العقلي ما بين القابلات للتعليم والتدريب 38 طالبة في المدرسة، وأن معلمة التخلف تعمد إلى تحضير وتدريس ما لا يقل عن 10 مناهج متباينة في مقابل 18حصة في الأسبوع لكل واحدة منهن، بل تضطر إلى تحضير خاص بفريق القابلين للتعلم وآخر للقابلات للتدريب في ظل دمجهن داخل الفصل الواحد واقتطاع الحصة الواحدة بينهم، لافتة إلى أن المعلمات يعانين من ضغط شديد وعجز في أعدادهن لا يمكنهن من الإبداع في عطائهن أو عمل دروس نموذجية. وقالت: «على رغم أن طالبات التربية الخاصة بأمس الحاجة إلى اختصاصية نطق وتخاطب من شأنها تطوير قدراتهن وتنمية مهاراتهن، في مختلف مساراتهم، إلا أنه لا يتوافر في محافظة الخرج بأكملها سوى اختصاصية نطق وتخاطب سعودية واحدة واثنتين من جنسيات عربية لم تجدد عقودهن بعد، بل إن مدرستي لم تحظ باختصاصية نطق وتخاطب منذ عام كامل، ما أسهم في تدني مستوى الطالبات وتردي نطقهن»، وأضافت: «مدارس التربية الخاصة تفتقر إلى معامل نطق وتخاطب مجهزة، بل يُكتفى في بعضها بتوفير غرفة لا تحظى بأية تجهيزات، ولا يقتصر الأمر على ذلك فقط، بل إن عدم توافر جدول خاص بالاختصاصية، يضطر بعضنا إلى التبرع والتضحية بحصصهن لها». وأوضحت معلمة المسار السمعي فاطمة محمد أنه في ما يتعلق بإلحاق معلمات التعليم العام بدورات لغة الإشارة لتكليفهن لاحقاً بتدريس فئة الصم فضلاً عن إسناد مهمة تدريسهن إلى اختصاصيات المسار السمعي غير المختصة بالمادة نفسها يعد أفضل، إذ إنه من مصلحة الطالبة أن تعمد إلى تدريسها معلمة المنهج نفسه، فضلاً عن معلمة المسار غير المؤهلة لتدريسه، بدءاً من الصفوف العليا في المرحلة الابتدائية التي تحظى بمناهج مطورة. وقالت: «لا أعتقد أن دورة لا تتجاوز أسبوعين إلى ثلاثة كافية لاكتساب معلمات التعليم العام كل ما يتعلق بالصم، بل لا بد ألا تقل الدورة عن ستة أشهر، تصقل بعدها بالخبرة والممارسة، كما أن إلحاق اختصاصية المسار بدبلومات تخصص في المناهج التي تدرسها، وإدراج وزارة التعليم العالي أقسام متنوعة من المناهج كفيل بتأهيل اختصاصية التربية الخاصة، والحصول على مخرجات مميزة قادرة على تحقيق طموحها وإكمال دراساتها العليا في الجامعة بجدارة أسوة بنظرائها من التعليم العام وتفتح لهم مجالات التوظيف». بينما ذكرت مشرفة التربية الخاصة مضاوي العاصمي أنه على رغم نجاح تجربة تدريس معلمات التعليم العام لفئة المسار السمعي بعد إلحاقهن بدورة لغة الإشارة بنسبة 85 في المئة إلا أنه من المفترض أن تتجاوز مدتها شهر واحداً، ويقتصر عطاؤها حالياً على فترة الدوام المدرسي من الساعة التاسعة إلى الثانية عشرة ظهراً، وقالت: «إن طالبات التربية الخاصة يعانين من التهميش، إذ تفتقر فصولهم إلى التجهيزات وأركان متعددة كمعامل نطق وتخاطب مجهزة، وفصول مفروشة وجدران مبطنة وأجهزة كمبيوتر وبروجكتور وسبورة ذكية ومكتبة خاصة بهم، بل إنه على رغم أن طالبات التربية الخاصة أحوج من نظيراتهن من التعليم العام من ناحية الوسائل التعليمية إلا أنها لا توفر لهن»، مطالبة بتوفير اختصاصية نطق وتخاطب وأخرى نفسية مقيمة في المدرسة. أما في ما يتعلق بالتوحد، فأشارت إلى أن هذه الفئة تفتقر إلى عدم توافر مراكز تشخيص خاصة بهم. وقالت: «لم أستلم موازنة فئة الصم عندما كنت معلمة أولى في إحدى المدارس سوى مرة واحدة قبل سبعة أعوام قدرها 5 آلاف ريال، بعد ذلك قيل لنا إن النظام تغير، وطلب منا رفع الفواتير التي تشمل حاجات الصم إلى قسم الرجال في الإدارة حتى يعمدوا إلى تسديدها، ولم تسدد إلى اليوم». إلى ذلك، ذكرت مشرفة سابقة ومعلمة صعوبات التعلم بثينة العفالق أنه توجد عشوائية في افتتاح برامج التربية الخاصة، وتعمد دمج طالباتها ضمن مدارس التعليم العام من دون تهيئة البيئة المدرسية سلفاً لهم، بل إن المسؤولين لا يضعون في حسبانهم عند تشييد المدارس تأهيل مرافقها وأقسامها لمثل هذه الفئة، بل يكتفون بإقحامهم داخل مدارس جديدة فقط، فضلاً عن أخرى تتميز بمواصفات ومقاييس تخدم حاجاتهم. وقالت: «طالبات التربية الخاصة يفتقرن لموازنة مخصصة وتجهيزات ووسائل، ما يدفع المعلمة إلى تكفل توفير بعضها وأخذها معها في حال نقلها، إذ إني لم أر موازنة لهن منذ أن توليت زمام الإشراف، وأطالب الجهة المسؤولة بإسناد مهمة تفعيل الدورات إلى مدربة متخصصة فضلاً عن موجهة، وتوفير مرشدة طلابية متخصصة في الإرشاد النفسي أو اختصاصية نفسية فضلاً عن أخرى غير متخصصة». بدورها، تواصلت «الحياة» مع المتحدث باسم وزارة التربية والتعليم محمد الدخيني، إلا أنه لم يرد على الاستفسارات التي وجهت إليه عبر البريد الإلكتروني.