نجحت حركة «طالبان» في الوصول إلى رئيس الاستخبارات الأفغانية أسدالله خالد الذي يعتبر من أشد المناوئين لها. إذ تمكن امس انتحاري من الحركة من اختراق الإجراءات الأمنية المشددة في مقر الاستخبارات في كابول، وألقى قنبلة يدوية في اتجاه خالد، ما أسفر عن إصابته بجروح بالغة. وأحدثت محاولة الاغتيال بلبلة في صفوف القيادات الأمنية المحلية، الأمر الذي نتج منه تضارب في الروايات حول ملابسات الحادث ومكان وقوعه. لكن مسؤولين أمنيين بارزين أكدوا أن الهجوم وقع داخل مجمع مديرية الأمن الوطني في حي تايماني في كابول، وليس في مقر إقامة خالد في أحد فنادق العاصمة كما تردد. كما ان الانتحاري الذي لاذ بالفرار على الأرجح، لم يستخدم سيارة مفخخة ولا حزاماً ناسفاً، ما يثير احتمال أن يكون الهجوم من فعل أحد المتعاونين مع «طالبان» أو المتعاطفين معها، من داخل صفوف القوى الأمنية. وأكد نائب قائد شرطة كابول محمد داود أمين أن المهاجم استخدم قنبلة يدوية، لكن أمين تردد في تأكيد أن الحادث وقع داخل مقر مديرية الأمن، مشيراً إلى تقارير عن وقوع التفجير في فندق. ويعزز اختراق مقر الأمن الأفغاني، المخاوف من اتساع ظاهرة «المجندين المارقين» في صفوف القوات النظامية الأفغانية والذين نجحوا في الأشهر الأخيرة، في شن سلسلة هجمات داخل ثكنات أو أماكن تجمع عسكرية، استهدفت خصوصاً عناصر القوات «الأطلسية» المنتشرة في أفغانستان. وأكدت تقارير أجنبية أن خالد نقل إلى المستشفى في حال خطرة بعد الهجوم الذي أدى إلى إصابة اثنين من عناصر قوى الأمن. واعتبر الهجوم ضربة إلى الرئيس حميد كارزاي الذي أصر على تعيين خالد في منصبه نظراً إلى قربه منه، على رغم اعتراضات محلية ودولية من سجله السيئ في ظل اتهامات له بالتورط في تهريب مخدرات وغسل أموال وتعذيب سجناء. وانتقدت منظمتا «هيومن رايتس ووتش» و «العفو الدولية» تعيين خالد في هذا المنصب في أيلول (سبتمبر) الماضي، لكن البرلمان الأفغاني صادق على قرار التعيين استجابة لطلب كارزاي الذي يسعى إلى ضمان استمراريته في منصبه تمهيداً للانتخابات الرئاسية المقررة عام 2014. وسبق ل «طالبان» أن توعدت خالد لتورطه في تعذيب معتقليها، ما تسبب في وفاة بعضهم وفي إعاقات دائمة للبعض الآخر. وتحول خالد بذلك إلى هدف لمقاتلي الحركة، ما اضطره إلى اتخاذ احتياطات أمنية مشددة في إقامته وتنقلاته. ورجحت مصادر أفغانية أن يؤدي الهجوم إلى استبعاد خالد من منصبه ولو موقتاً، نظراً إلى إصابته، وفي ظل خرق خطر محتمل في جهاز حمايته الشخصية. من جهة أخرى، وجّه كارزاي انتقادات لاذعة إلى الولاياتالمتحدة وحلف شمال الأطلسي (ناتو)، واتهمهما بالتسبب بجزء من الحال المتزايدة لانعدام الأمن في بلاده. وقال كارزاي في حديث إلى شبكة «إن بي سي نيوز» الأميركية، إن «جزءاً من حال انعدام الأمن التي تعيشها بلادنا سببه البنى التي أنشأها الناتو والولاياتالمتحدة في أفغانستان». وأشار إلى أن الاستمرار في احتجاز المعتقلين في السجون الأميركية في أفغانستان، يعدّ انتهاكاً للاتفاق الذي وقّعه مع الرئيس باراك أوباما في آذار (مارس) الماضي، مطالباً السلطات الأميركية بتسليم السجناء فوراً إلى السلطات الأفغانية. وقال كارزاي: «وقّعنا اتفاق الشراكة الاستراتيجية (مع واشنطن) على أمل أن تتغيّر طبيعة النشاطات التي تقوم بها الولاياتالمتحدة»، غير أنه أشار إلى أن السلوك الأميركي لم يتغيّر، معتبراً أن الإرهاب لا يمكن قهره «من خلال الهجوم على القرى والمنازل الأفغانية». وأعرب كارزاي عن اعتقاده بعدم وجود تنظيم «القاعدة» في أفغانستان، وقال: «لا أعرف حتى إن كان تنظيم القاعدة موجوداً على الإطلاق في الشكل الذي يصورونه». وأضاف: «كل ما نعرفه هو أن أمننا غير مستقر».