قبيل زيارة رئيس البرلمان العراقي أسامة النجيفي لإقليم كردستان، في إطار جهود يبذلها لنزع فتيل الأزمة بين أربيل وبغداد، دخلت المرجعيات الشيعية على الخط، فحض المرجع الأعلى آية الله علي السيستاني الحكومة المركزية على «التحلي بالصبر والابتعاد عن الصراعات الدموية بين العراقيين»، ذكَّر آية الله حسين الصدر بفتاوى سابقة لكبار المراجع تحريم قتال الأكراد. وكان رئيس الحكومة الاتحادية نوري المالكي اتهم مسؤولين في كردستان بالتصعيد، «بعيداً من مصالح الشعب الكردي». ودعا السيستاني في بيانٍ امس، المالكي إلى «التحلي بالصبر وعدم زج العراقيين بأي صراع دموي يكون الشعب هو الخاسر الوحيد فيها». إلى ذلك، قال آية الله حسين إسماعيل الصدر، في بيان امس أن المرجعيات «ملتزمة فتوى آية الله السيد محسن الحكيم وعمه الشهيد محمد باقر الصدر بتحريم القتال ضد الأكراد التي صدرت خلال الستينات من القرن الماضي»، وأكد حرصه على «بذل مساعيه للتقريب بين الطرفين واعتماد الحوار في ظل حاكمية الدستور ومبادئ الأخوّة والتاريخ الكفاحي الطويل بين المظلومين». وأشار إلى أن» التحالف الشيعي الكردي ليس تحالفاً طائفياً قومياً، إنما هو كفاح من أجل الحقوق والعدالة وحماية الضعفاء والمحرومين ممن بطشت بهم السلطات الجائرة». وأعرب عن أمله في «انتصار الحكمة والعقل وتغليب منطق الحوار، بعيداً من التلويح بالسلاح». وطالب»بتفعيل فتوى السيد الحكيم وعمه (اي عم حسين الصدر) بتحريم القتال ضد الأكراد وإلزام كل الأطراف تحري سبل التوافق، حرصاً على بناء الدولة العراقية الديموقراطية التي ينبغي ألا يظلم فيها أي مواطن بغض النظر عن طائفته أو قوميته». واكد الشيخ علي النجفي، نجل المرجع آية الله بشير النجفي، في تصريحات نشرت امس، تسلم المراجع رسائل من القادة الأكراد تتعلق بالأزمة. وأشار إلى أن «الرسائل ما زالت قيد المداولة والبحث»، لافتاً إلى أن «المرجعيات الدينية تتعامل مع الأمور بالحكمة التي تتمتع بها وغايتها حفظ الدماء العراقية وهناك منطلقات أساسية ستنطلق منها». وزاد أن «تاريخها معروف بالحكمة في التعامل مع القضايا ووحدة الشعب العراقي، ومن أولوياتها المهمة الحفاظ على الاستقرار». لكن زعيم التيار الصدري، مقتدى الصدر، انتقد في بيان امس تصريحات المالكي الأخيرة حول الأزمة مع الأكراد وصفقة الأسلحة الروسية، وشدد على ضرورة أن «يكون شراء السلاح للدفاع عن العراق لا من أجل دجلة (قوات دجلة) أو غيرها، بالإضافة إلى أن عملية شراء السلاح يجب ألا تكون بدافع انتخابي». واشترط تأييده تسليح الجيش العراقي ب «ألا يكون السلاح من دولة محتلة للعراق ولا يكون فاسداً ولا قديماً ولا يكون بأضعاف سعره، بالإضافة إلى نزاهة الصفقة». واعتبر تصريحات المالكي اخيراً «تهديداً محضاً وخطأ فادحاً يجب ألا يتكرر». وقال: «الأفضل له أن يبدل كلامه وان يلين لسانه نحو شركائه». وأعلن مصدر في «التحالف الكردستاني» امس، أن «النجيفي سيتوجه عصر اليوم (امس) إلى مدينة اربيل للقاء رئيس إقليم كردستان مسعود بارزاني استئنافاً لمبادرته لتسوية الخلاف بين حكومتي المركز والإقليم». وكان النجيفي أطلق مبادرة واجتمع مرتين المالكي، بعدما التقى بارزاني. واتهم المالكي في بيان الليلة قبل الماضية حكومة الإقليم «بتحريك القوات العسكرية ومحاولات تهجير بعض العائلات من كركوك وتوجيه الإنذارات اليهم». وقال إن «ما يتعرض له المواطنون من مضايقات في إقامتهم هناك أو أثناء دخولهم أو خروجهم من الإقليم، كل هذه المؤشرات وغيرها لا تدل على رغبة حقيقية في إيجاد الحلول، بل تكشف محاولات للتصعيد لأغراض تعبوية خاصة بمسؤولين معينين بعيداً من مصالح الشعب الكردي وحقه في الأمن والاستقرار». ودعا «المسؤولين هناك إلى الكف عن هذه التصرفات والانتباه إلى خطورة هذا المسلك وما يمكن أن يجلبه من مخاطر لا تحمد عقباها».