رداً على مقال «كوندوليزا رايس»، المنشور الأربعاء «28 تشرين الثاني (نوفمبر) 2012»، بعنوان: «آن أوان التدخل الأميركي في سورية». الجميع مقتنع بالدور الرائد الذي تلعبه أميركا في العالم العربي، وخلال مقال «رايس» من الواضح أن أميركا تضع في أولوية سياستها الخارجية تجاه العرب مبدأين اثنين مقدسين. الأول: هو حماية الدول العربية قدر المستطاع، بصرف النظر عن التقلبات الداخلية التي تطرأ من حين إلى آخر، التي لا تؤثر كثيراً على توازن القوى في العالم؛ فالجميع يعلم أن هَمّ أميركا الوحيد هو النفط والغاز العربيان، ولا يهمها بدرجة كبيرة من في السلطة، سواء كان محمد مرسي أو حسني مبارك. أميركا تعي جيداً أن التغيير السياسي لا بد منه بعد تسدي السلطة، وترى أن لا اختلاف بين علمانية نظام حسني مبارك ومحمد مرسي، الذي لم يلغ اتفاقات «كامب ديفيد»، فأميركا ترى أنه من مصلحتها وضع الذي هو أقوى في الشارع، وتهديده من حين إلى آخر بقطع المساعدات الأميركية، إن لم يتصرف كما ترغب أميركا. أما المبدأ الثاني من المبدأين المقدسين في السياسة الخارجية الأميركية تجاه العرب، فهو أن إسرائيل دولة مقدسة لدى أميركا، ونلاحظ في مقال رايس أنها تتجنب ولو حتى ذكر كلمة «فلسطين»، وترغب أن توهم القارئ أن أميركا تحمينا من العصبية العربية التي تكلم عنها «ابن خلدون»، وأن عدونا المشترك «وهذه هي النقطة الأساسية التي ترغب رايس في تمريرها» أن العدو الوحيد للأمة العربية والإسلامية وأميركا وأوروبا أو العالم الحر، هو إيران نووية، وأكتب وأسطر على «نووية»، فنرى رعباً حقيقياً من الدول الغربية إن أصبحت إيران نووية. منذ الثورة الإيرانية لم نسمع خطاباً من الأميركيين يقول إن إيران ترغب في بسط سيطرتها على العالم العربي، ومنذ أن رأى العالم الحُر أن من الممكن جداً أن تتحصل الجمهورية الإيرانية على ترسانة نووية، وهم يحاولون زج العرب في حرب طائفية ضد إيران لمنع حرب نووية بين إسرائيل وإيران. أما القول بأن الحرب الداخلية الجارية بين قوات المعارضة والنظام الأسدي حرب طائفية، أو ستصبح حرب انتقام ضد الطائفة العلوية، فهذا الخبر لا أساس له من الصحة، فالعرب أمة عجلى، وحتى لو حدثت تجاوزات بشعة فلا نقبل أن يقال إننا نحارب أقليات، بل في مصر حاربنا نظام «كامب ديفيد»، وفي ليبيا نظام «القذافي»، فلا توجد حال واحدة من حرب إبادة جماعية. في النهاية أرغب أن أهنئ «رايس» لأنني أظن أن هذا المقال هو برنامجها المستقبلي، وأن «أوباما» أخبرها أنها ستكون الوزيرة المقبلة للشؤون الخارجية، كما استغل الفرصة لتوجيه نداء للذين هم في ساحة القتال في سورية بوقف إطلاق النار، وأطلب من بشار الأسد أن يترك السلطة، إن كانت لديه قطرة من الدم الوطني، وأن يجنبنا معارك أخرى ستحصد مزيداً من الضحايا، و«إنا لله وإنا إليه راجعون». [email protected]