تتجه الأنظار اليوم الى الاجتماع الدوري للمجلس الإسلامي الشرعي الأعلى في دار الفتوى برئاسة مفتي الجمهورية اللبنانية الشيخ محمد رشيد قباني، والذي يمكن ان ينذر بأزمة مفتوحة بين الأخير ومن يؤيده وبين «تيار المستقبل» بزعامة رئيس الحكومة السابق سعد الحريري وحلفائه في حال إصرار الأول على إجراء انتخاب أعضاء المجلس في الموعد الذي حدده في 30 من الشهر الجاري ولم يستجب الدعوات المطالبة بتأجيل الانتخابات الى حين إعادة النظر بلوائح الشطب للهيئة الناخبة وتحقيق العدالة في تمثيل المناطق وتهيئة الظروف السياسية والأمنية التي تسمح بإجرائها من دون أن تتسبب بتداعيات داخل البيت الواحد الذي يتجمع تحت سقفه أهل السنّة في لبنان. وقالت مصادر مقربة من لجنة المساعي الحميدة المشكّلة من أعضاء المجلس الشرعي والمؤلفة من محمد السمّاك ومحمد بركات ومحمد المراد ومحمد فواز والمكلفة بتهيئة الظروف لإجراء الانتخابات في موعد آخر، إن الاختلاف القائم بين المفتي قباني والداعمين له وبين «تيار المستقبل» وحلفائه ومحازبيه، «يمكن ان يتصاعد باتجاه المزيد من التأزم ما لم يصرف النظر عن إجراء الانتخابات في 30 الجاري بإصرار من المفتي قباني الذي كان أول من أيّد في جلسة سابقة للمجلس تأجيلها بعدما طرح عدد من أعضائه أن ولايته تنتهي في 30 من هذا الشهر». وأكدت المصادر أنها لم تعرف الأسباب التي كانت وراء عودة المفتي عن موقفه وإصراره على إجراء الانتخابات. وقالت ل «الحياة» انها لا تستطيع «تحييد ما يدور في المجلس الشرعي عن الصراع السياسي الدائر في لبنان والذي بلغ ذروته بين المعارضة والأكثرية من خلال القيادات والشخصيات السياسية المنتمية اليها التي تجد ان الفرصة سانحة الآن للدخول في معركة الأحجام، مستفيدة من تدهور العلاقة بين المفتي والمستقبل بعد ان كانت وثيقة لسنوات مضت». ولفتت الى ان وساطة لجنة المساعي الحميدة ارتأت القيام بمهمة اللحظة الأخيرة لعلها تتوصل الى توافق بالتراضي على تأجيل انتخابات المجلس الشرعي. وقالت انها اجتمعت مع رئيس الحكومة السابق رئيس كتلة «المستقبل» النيابية فؤاد السنيورة ونالت تأييده لدورها التوفيقي، وأن الأخير أبلغ موقفه هذا الى رئيس الحكومة نجيب ميقاتي قبل دقائق من استقباله مساء أول من أمس أعضاء اللجنة. وأكدت ان السنيورة بارك مساعي اللجنة الرامية الى رأب الصدع بين المفتي قباني و «المستقبل» واستيعاب الاحتقان قبل ان يبلغ مرحلة من التأزم يصعب السيطرة عليها. وقالت انه مع تأجيل الانتخابات على أن تجرى فور إجراء الانتخابات النيابية، ولا سيما أن المجلس الأعلى هو الذي يقرر ما إذا كانت الظروف مناسبة لإتمامها أو لا. وأضافت: «ميقاتي أيد إجراء الانتخابات، لكنه ينأى بنفسه عن التدخل، وموقفه لم يمنعه من التحدث الى المفتي قباني في حضور اللجنة وإبلاغه بأنه والرئيسين السنيورة والحريري موافقون على تأجيلها وأنه يفضل أن تعالج المشكلة ضمن البيت الداخلي». إلا ان الوفد كما قالت مصادر، «فوجئ بموقف المفتي لدى زيارته له، ليس برفضه ما حمله اليه من مقترحات تدعم وجهة نظره بتأجيل الانتخابات وإنما في إصراره على ان تجرى في موعدها باعتباره يوماً مقدساً لا رجوع عنه مهما كلف الأمر». لذلك، فإن جلسة المجلس الشرعي اليوم يمكن ان تشهد طرح مسألة التأجيل من خارج البند الوحيد لجدول أعمالها والمتعلق بإعادة النظر في نظام أحكام الأسرة في الإسلام ودراسته وتعديله خصوصاً في شأن المهور، هذا في حال إصرار الأكثرية على مناقشته مع ان المفتي ليس في وارد تعديل موقفه إلا إذا استحضرت مداخلة غير منظورة أدت حتماً الى خلط الأوراق لمصلحة تغليب التأجيل على أي خيار آخر. على صعيد آخر، توقفت مصادر سياسية مواكبة للتحقيقات الجارية مع الوزير السابق ميشال سماحة بتهمة نقل متفجرات من سورية الى لبنان، أمام ما تردد أخيراً من أن الأدلة الجنائية سلّمت قاضي التحقيق العسكري الأول رياض أبو غيدا تقريراً يتعلق بمحاكمته، وقالت ان هذا التقرير «لا يشكل عنصراً أساسياً يمكن ان يضاف الى ملف التحقيق يستدعي التريث في إصدار القرار الاتهامي». وأكدت المصادر عينها ان «الطابع الفني والتقني يغلب على التقرير ويتعلق بالمتفجرات التي ضبطت في سيارة سماحة وبالتالي لا يمكن استخدامه لإعادة النظر في التحقيقات التي أجريت معه لجهة تبيان بعض الأدلة والبراهين».