زاد تمرير المسودة النهائية للدستور المصري عبر الجمعية التأسيسية التي انسحبت منها قوى المعارضة وطلبت إعادة تشكيلها، الهوة بين الحكم والمعارضة التي تحشد اليوم في ميدان التحرير وميادين المحافظات احتجاجاً على الإعلان الدستوري وطريقة تمرير الدستور، فيما تجنب الإسلاميون التظاهر في التحرير غداً مثلما سبق أن أعلنت جماعة «الإخوان المسلمين» وحلفاؤها بعدما حذرت القوى المعتصمة في الميدان من «حرب أهلية» في حال الإصرار على «اقتحامه»، وحملت الرئيس محمد مرسي المسؤولية عن «أي دماء». وأطل مرسي على شاشة التلفزيون الرسمي مساء أمس مدافعاً عن الاعلان الذي أصدره. واعتبر أن الإعلان «يحقق مصلحة البلاد والثورة ولا يتعارض مع استقلال القضاء»، مشيراً الى أنه «كان لابد من أن أتخذ هذا القرار في ذلك التوقيت». وأضاف أن «الشعب المصري سيقول كلمته من خلال استفتاء على مسودة الدستور التي إن قبلها ستسقط كل الاعلانات الدستورية». وتجاهلت الجمعية التأسيسية أمس انسحاب غالبية القوى السياسية والمجتمعية منها، ومررت الدستور ليبقى تسليم مسودته للرئيس ليطرحها على استفتاء شعبي يتوقع أن يُجرى منتصف الشهر المقبل. وصوتت الجمعية على مواد المسودة واحدة تلو الأخرى، وشارك في الجلسة 85 عضواً غالبيتهم الساحقة من الإسلاميين، بينهم 11 عضواً صُعدوا من قائمة الاحتياطيين بدل المنسحبين. ومن المنتظر أن يصدر الرئيس خلال ساعات قراراً بدعوة الشعب إلى الاستفتاء، استباقاً لحكم المحكمة الدستورية العليا المقرر الأحد في شأن الدعاوى المطالبة بحل الجمعية التأسيسية. وفي غياب ممثلي القوى من غير تيار الإسلام السياسي، مررت الجمعية غالبية المواد التي يبلغ عددها 234 مادة بالإجماع. وكان اكبر اعتراض (9 من أصل 85) على المادة الخامسة التي تنص على أن «السيادة للشعب يمارسها ويحميها ويصون وحدته الوطنية، وهو مصدر السلطات» والتي يرفضها السلفيون اعتراضاً على منح السيادة للشعب، كما رفض سلفيون أيضاً المادة التي تنص على احتكام غير المسلمين إلى شرائعهم في تنظيم أمورهم. وينقل طرح الدستور على استفتاء المواجهة بين الإسلاميين والقوى المنسحبة من التأسيسية والرافضة للإعلان الدستوري إلى مستوى جديد. وعقدت «جبهة الإنقاذ الوطني» التي تضم رئيس «حزب الدستور» محمد البرادعي ومؤسس «التيار الشعبي» حمدين صباحي ورئيس «حزب المؤتمر» عمرو موسى وآخرين اجتماعاً طارئاً مساء أمس «لمناقشة سبل التصدي لتمرير الدستور». وعُلم أن المجتمعين تداولوا في خيارين هما مقاطعة الاستفتاء أو التصويت بالرفض. ورجحت مصادر داخل الاجتماع الذي استمر حتى وقت متقدم من مساء أمس أن ينتهي القرار إلى مقاطعة الاستفتاء «لتسجيل نسب مشاركة متدنية». وفي وقت تحشد المعارضة اليوم في ميدان التحرير، أعلنت جماعة «الإخوان» التراجع عن الحشد في الميدان غداً، وقررت نقل تظاهرة «الشرعية والشريعة» إلى ميدان جامعة القاهرة. وقال الناطق باسم الجماعة محمود غزلان ل «الحياة»: «نظرنا في هذا القرار إلى المصلحة العليا للبلاد». وتنظم المعارضة اليوم مسيرات من مساجد عدة في القاهرة تتجه صوب ميدان التحرير، كما أعلنت اعتزامها استمرار التظاهر غداً في كل المحافظات والاعتصام في مختلف الميادين، لكنها حضت على عدم الاحتكاك بمؤيدي «الإخوان» وأنصارهم.