لم يخل لقاء قيادتي «حزب الله» والحزب «التقدمي الاشتراكي» الذي خصص للوقوف على رأي الأول في المبادرة التي طرحها رئيس «جبهة النضال الوطني» النيابية وليد جنبلاط للخروج من الوضع المتأزم الذي يمر فيه لبنان، من عتب نائب الأمين العام ل «حزب الله» الشيخ نعيم قاسم على جنبلاط على خلفية قوله في المؤتمر الصحافي الذي أطلق فيه مبادرته إن «نقطة الخلاف الأساسية هي السلاح، والبيان الوزاري للحكومة وللحكومات السابقة كان الجيش والشعب والمقاومة، وأقول لا بد في يوم ما بعد استكمال الحوار من صيغة جديدة لأنه لا يمكن أن نبقى في هذه المعادلة التي فيها عدم وضوح ولا بد في يوم ما أن تكون المرجعية هي الدولة». وعلمت «الحياة» من مصادر سياسية مواكبة للأجواء التي سادت اللقاء بأن قاسم رأى أن لا ضرورة لطرح هذه المسألة في العلن في الوقت الذي يتعرض سلاح المقاومة الى حملة منظمة من قوى 14 آذار «وكنا نفضل أن تطرح في الاجتماعات الثنائية، خصوصاً أننا نبدي انفتاحاً على الرأي الآخر». كما علمت أن قاسم عاتب الوفد على دعوة رئيسه الى وقف التهريب الأمني والحزبي في المرفأ والمطار، لا سيما أن هناك من سارع في سابقاً الى استغلال كلامه لشن حملة على «حزب الله» متهماً إياه بأنه يقف وراء عمليات التهريب. ونقلت المصادر عن قاسم قوله إن لا علاقة للحزب بكل أشكال التهريب «ونحن على استعداد لرفع الغطاء السياسي عن أي مهرب والتعاون الى أقصى الحدود مع القضاء اللبناني والضابطة الجمركية من أجل وضع حد للتهريب الذي يستنزف خزينة الدولة اللبنانية ويحرمها من زيادة نسبة الإيرادات المالية». كما أن قاسم انتهز فرصة اللقاء ليؤكد أن لا علاقة للحزب بتزوير الشهادات المخبرية لعدد كبير من المستحضرات الطبية وأن الوزير والنائب محمد فنيش سارع فور التداول باسم شقيقه (محمود) في عمليات التزوير الى القول بأن الحزب لا يغطي اي مرتكب أو مخالف وأنه على استعداد للتعاون مع القضاء الذي باشر التحقيق وأن لا غطاء سياسياً فوق أحد حتى لو كان من أقرب المقربين. ومع أن قاسم لم يتطرق الى مطالبة قوى 14 آذار برحيل حكومة الرئيس نجيب ميقاتي، فإنه أكد في المقابل أن هناك إمكاناً للتوصل من خلال الحوار الى قواسم مشتركة وأن لا محاذير أمام طرح أي موضوع على الطاولة. وأكد قاسم - وفق المصادر - أن الحزب منفتح على العناوين الخلافية، في إشارة غير مباشرة الى مطالبة المعارضة برحيل الحكومة، وأنه لا يرى طريقاً مسدوداً في علاقته بتيار «المستقبل»، وقال إن إمكان التفاهم قائم «وكنا في الماضي على اختلاف معه حول عدد من القضايا وتوصلنا في فترة من الفترات الى تفاهم». العريضي وكان الاجتماع الذي عقد في مكتب كتلة «الوفاء للمقاومة» في ضاحية بيروت الجنوبية ضم عن «الاشتراكي» وزراء الأشغال غازي العريضي والمهجرين علاء الدين ترو والشؤون الاجتماعية وائل أبو فاعور وأمين السر العام للحزب ظافر ناصر، في حين ضم وفد «حزب الله»، إضافة إلى قاسم، وزير الدولة لشؤون التنمية الإدارية محمد فنيش والنائب حسن فضل الله. وأكد العريضي في مؤتمر صحافي، أنّ « اللقاء كان مفيداً، وهو ليس الأوّل، واللقاءات مفتوحة»، مشيراً إلى أنّه «يأخذ طابع التحرك، في سياق هذه المبادرة». واذ شدّد على «ضرورة الحوار حول كلّ القضايا من دون استثناء»، لفت إلى «الرغبة والعمل لدى حزب الله والتقدّمي للوصول إلى قواسم مشتركة»، عازياً ذلك إلى «قناعة ثابتة بأنّ الجميع سيعود إلى الحوار». وأكّد أنّ «العناوين بيننا وبين حزب الله مطروحة سابقاً وسيستكمل النقاش حولها»، لافتاً إلى أنّه يجب «البحث في كيفيّة تقليص النقاط المختلف عليها وبلورة الأمور المتفق عليها لمزيد من النقاش». وأضاف: «سنذهب إلى كلّ القوى لنناقشها في كل الأمور المطروحة، ومنها قوى نختلف معها». وقال: «لسنا بحاجة إلا إلى تحكيم العقل والحكمة والمنطق وتقديم المصلحة الوطنيّة على أي أمر آخر»، مشدّداً على أنّ مبادرة «التقدّمي» إنّما انطلقت من «فخامة رئيس الجمهوريّة (ميشال سليمان)»، مجدّداً تأكيده أنّ «ما نقوم به مكمّل للمبادر الأوّل لجمع اللبنانيين حول طاولة الحوار». وعن إرجاء الحوار، قال: «المقاطعة ليست في مكانها وليست إيجابيّة، ولكن نحترم هذا الحق». وأكّد انفتاح «التقدّمي» على «كل من يبدي استعداداً للشراكة»، وقال: «لسنا رومانسيين في التعاطي السياسي، ونعرف أن هناك تشابكات كبيرة ومؤثرات إقليمية على لبنان، ولكن الأمور العالقة في البلد لا علاقة للخارج بها». قاسم: لا يمكن أي جهة أن تختصر البلد واعتبر قاسم في بيان بعد اللقاء: «أن محور المبادرة الأساسي هو الحوار، وحزب الله مع الحوار من دون قيد أو شرط، ومن دون شروط مسبقة، حيث يمكن النقاش في الموضوعات التي يُتفق على طرحها، وتُحدَّد نقاط الاتفاق ونقاط الخلاف، بل يمكن التوصل إلى تنظيم نقاط الخلاف بما يحفظ مصلحة البلد وتعاون جميع الأفرقاء بعضهم مع بعض». وأضاف: «موقفنا واضح، لا يمكن أي جهة مهما بلغ حجمها وتمثيلها أن تختصر البلد بنفسها أو أن تحتكر التمثيل السياسي والشعبي، ولا يمكن أن يستقر البلد ويرتاح مع أي محاولة من محاولات العزل لجهات تمثيلية لطوائفها أو مذاهبها أو جمهورها»، مؤكداً ان «الحل الوحيد المتاح والفعال والمنتج هو البحث عن السبل التي تساعد على الحوار البنَّاء، وهذا هو البديل عن الفراغ أو وضع البلد على سكة المجهول. ومهما طال الزمن فسيكتشف المراهنون على التطورات الإقليمية والدولية أن الحوار هو الحل، ولكن بعد حدوث خسائر يمكن تفاديها الآن».