اختتمت منتصف ليل أمس حملة الانتخابات المحلية الجزائرية المقررة الخميس المقبل، والتي يتنافس فيها 52 حزباً ومئات القوائم الحرة. وأجمع مراقبون على وصف الأسابيع الثلاثة التي خصصت للحملات ب «الباهتة» لعدم تمكنها من جذب اهتمام غالبية الناخبين. ولم تمكن الحملة الانتخابية من تحديد الوجهة المفضلة للجزائريين في الاقتراع المرتقب، رغم توقعات تقترب من اليقين بفوز كاسح جديد لحزب الغالبية «جبهة التحرير الوطني» وتقدم ل «التجمع الوطني الديموقراطي» يليهما «الجبهة الشعبية الجزائرية» و «تكتل الجزائر الخضراء» الإسلامي. وكان واضحاً أن الحكومة اختارت الابتعاد عن سجال الحملة وحتى عن حض الجزائريين على التصويت، تاركة مهمة الدعوة إلى المشاركة بقوة للأحزاب المتنافسة، خلافاً لموقفها في الانتخابات التشريعية في أيار (مايو) الماضي حين أفرطت السلطات في توجيه الدعوات إلى الجزائريين عبر حملة على شاشات التلفزيون والإذاعات المركزية والجهوية انخرط فيها مشاهير وفنانون ولاعبو كرة قدم، إضافة إلى رسائل نصية قالت فيها إن «الانتخاب فعل مواطنة ومسؤولية». واقتصر دور السلطات في الحملات على ما يفرضه قانون الانتخابات من توفير إمكانات للجنة الإشراف القضائي واللجنة المستقلة وتوفير القاعات للأحزاب والمكاتب الانتخابية، ما يضع الطبقة السياسية في اختبار لتأثيرها في الناخبين في ظل جملة من المعطيات المختلفة عن التشريعيات التي كان فيها الرهان أكبر من مجرد رهان محلي بل إقليمي واسع متصل بتداعيات «الربيع العربي». وقالت مصادر موثوقة إن وزارة الداخلية رفضت أن تلجأ إلى حملة دعائية كبرى إثر تشاور مع رئاسة الوزراء بسبب «تغير الرهان ولتفادي أي قراءات شبيهة بما حدث في الانتخابات التشريعية حين قالت أحزاب إن خطاب الرئيس عبدالعزيز بوتفليقة هو الذي أهدى الفوز» إلى «جبهة التحرير الوطني». وساد سجال بين لجنة مراقبة الانتخابات ووزارة الداخلية خلال أيام الحملة. ورفضت الوزارة أمس»تسريب ورقة التصويت الخاصة بقائمة جبهة التحرير الوطني». ودانت اللجنة المستقلة لمراقبة الانتخابات هذا الحادث واعتبرته «تزويراً مسبقاً». وطالبت السلطات ب «التحقيق في ملابساته ومعاقبة مرتكبيه». ودخلت «الجبهة الإسلامية للإنقاذ» المنحلة على خط الداعين إلى المقاطعة «النشيطة» للمحليات، فيما تقاطع خمسة أحزاب معتمدة بينها حزبان إسلاميان هما «جبهة العدالة والتنمية» و «جبهة التغيير». ويشارك حزبان معارضان تقليديان هما «جبهة القوى الاشتراكية» و «التجمع من أجل الثقافة والديموقراطية» وهو حزب علماني كان قاطع المحليات الماضية. وانعكست مظاهر لا مبالاة الشارع بالحملة الانتخابية على الفعاليات التي نظمها مرشحون. ولم تسلم الملصقات الانتخابية من مجهولين مزقوا بعضها وألغيت تجمعات كثيرة بعد رفض سكان دخول زعماء أحزاب سياسية لأحيائهم. ويعد فتور الحملة دافعاً لتفاؤل الأحزاب التقليدية، خصوصاً أن هناك علاقة طردية تجمع بين تدني المشاركة وفوزها الكاسح. وربما ستكون النسبة الإقصائية التي تتجاوز 7 في المئة فرصة جديدة ل «جبهة التحرير» و «التجمع الوطني» لكسب مئات البلديات والمجالس الولائية، ما يفسر تكرار الأمين العام لحزب الغالبية عبدالعزيز بلخادم تفاؤله بالفوز أينما حل في الولايات معلناً أن الجبهة ستحصل على «أكثر من ألف مجلس بلدي من أصل 1541».