اتفق وزيرا الخارجية السعودي والأميركي على أهمية الوقوف في وجه التنظيمات الإرهابية وعلى رأسها «داعش»، مؤكدين على أهمية دحر الإرهاب. وأوضح وزير الخارجية السعودي الأمير سعود الفيصل أن خطر الإرهاب الذي بدأ ينتشر في المنطقة بكل شراسة لطالما حذر منه خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز منذ أمدٍ طويل. وقال في مؤتمر صحافي مشترك مع وزير خارجية الولاياتالمتحدة الأميركية جون كيري عقب الاجتماع الإقليمي لمكافحة الإرهاب في المنطقة بحضور وزراء خارجية كل من دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية ومصر والعراق والأردن ولبنان وتركيا وبحضور الولاياتالمتحدة إن هذا الاجتماع جاء في ظل تعاظم خطر الإرهاب في المنطقة وتزايد عدد التنظيمات الإرهابية التي تقف وراءه. وشدد الفيصل على أن هذا الخطر الذي بدأ ينتشر في المنطقة بكل شراسة لطالما حذر منه خادم الحرمين الشريفين ومنذ أمد طويل ولعل آخرها في الأول من شهر أغسطس الماضي حينما قال إن «من المعيب والعار أن هؤلاء الإرهابيين يفعلون ذلك باسم الدين فيقتلون النفس التي حرم الله قتلها ويمثلون بها ويتباهون بنشرها كل ذلك باسم الدين والدين منهم براء فشوهوا صورة الإسلام بنقائه وصفائه وإنسانيته»، ودعا في حينه قادة وعلماء الأمة الإسلامية لأداء واجبهم في وجه التطرف والكراهية والإرهاب معبراً في الوقت ذاته عن خيبة الأمل من التزام المجتمع الدولي الصمت تجاه ما يحدث في المنطقة بأسرها. وأشار إلى أن خادم الحرمين الشريفين وجه رسالة لقادة العالم عند استقباله لعدد من سفرائهم في ال29 من أغسطس الماضي بأهمية محاربة هذه الآفة الخبيثة بالقوة والعقل والسرعة محذراً من أن إهمالها سوف يفضي إلى انتشارها في أوروبا وأميركا في غضون أشهر قليلة. ونوه الأمير سعود بخطاب الرئيس الأميركي باراك أوباما وما حمله من مضامين وجدية في مكافحة الإرهاب بما في ذلك تأكيده على ملاحقة الإرهابيين أينما وجدوا، لافتاً الانتباه إلى أن اجتماع اليوم استمع إلى شرح واف من الوزير كيري عن استراتيجية الولاياتالمتحدة في هذا الشأن. وقال إن «اجتماعنا اليوم شكل لنا فرصة جيدة لبحث هذه الظاهرة من مختلف جوانبها والغوص في جذورها ومسبباتها والحرص على الخروج برؤية موحدة لمكافحتها عسكرياً وأمنياً واستخباراتياً واقتصادياً وسياسياً وفكرياً»، مضيفاً أن الاجتماع حرص على التعامل مع ظاهرة الإرهاب من منظور استراتيجي شامل لا يقتصر فقط على دولة واحدة بل يمتد إلى التعامل مع الإرهاب الذي يضرب بأطنابه في كل من ليبيا ولبنان وسورية والعراق واليمن التي أصبحت ملاذاً لهذه التنظيمات وشبكاتها وخصوصاً فيما يتعلق بتدفق السلاح والعتاد إليها وفيما بينها. ولفت وزير الخارجية السعودي الانتباه إلى أن أكبر مثال على تفشي ظاهرة الإرهاب قيام تنظيم «داعش» الإرهابي بإلغاء الحدود بين العراق وسورية والتحرك بكل حرية إلى الأراضي السورية بقواته وعتاده كملاذ آمن عند اشتداد القصف عليه في العراق. وتطرق إلى أن العنصر الآخر والمهم الذي تم بحثه اليوم هو أهمية الوضوح في الخطط والسياسات وتقاسم المسؤوليات علاوة على الجدية والاستمرارية في التحرك المطلوب للقضاء على التنظيمات الإرهابية لأن التقاعس أو التردد لن يساعد في اقتلاع هذه الظاهرة من جذورها بل ربما يشجع على عودتها وبشراسة ولنا في تجربة الأعوام الماضية أكبر مثال، مطالباً بتحرك جاد نحو محاربة الفكر الضال المؤدي إلى الإرهاب قائلاً: «غني عن القول بأن أي تحرك أمني ضد الإرهاب لكي يؤتي نتائجه المطلوبة لابد أن يصاحبه تحرك جاد نحو محاربة الفكر الضال المؤدي إليه وقطع التمويل عن الإرهابيين سواء بالمال أو السلاح بما في ذلك مراقبة السلاح المتدفق من بعض الدول التي لا هم لها سوى زعزعة أمن واستقرار المنطقة والتدخل السافر في شؤونها وبعثرة أوراقها». وأشار الفيصل إلى أن الاجتماع بحث أيضاً الأوضاع السياسية المضطربة في الدول التي يتمركز فيها الإرهاب وهو الأمر الذي بات يتطلب تكثيف الجهود السياسية لدعم معالجة أوضاعها وعلى نحو يحقق اللحمة بين أبناءها بمختلف مكوناتهم المذهبية والعرقية وعلى مبدأ المساواة فيما بينهم في الحقوق والواجبات، لافتاً إلى أنه وفي سياق الجهود المطلوبة لمكافحة الإرهاب تم التأكيد على أهمية الحفاظ على وحدة الدول وسيادتها واستقلالها وسلامتها الإقليمية. من جهته، أعرب كيري عن شكره وامتنانه لحكومة المملكة العربية السعودية، مشيداً بالاجتماع الذي لم يكن ليحدث في وقت أفضل من هذا الوقت، وقال إن «هذا الاجتماع لم يكن ليشمل على شركاء أفضل، كل دولة ممثلة هنا اليوم، ولا سيما على وجه الخصوص العراق الذي سيكون جزءاً مهماً في جهد تدمير قدرة «داعش» على الإرهاب». وثمن كيري جهود الأمير سعود الفيصل على دعوة العراق مباشرة بعد تشكيل الحكومة الذي يعطي مؤشراً للاعتراف بفرص إيجاد تحول حقيقي وهذا في حد ذاته ساعد على إضفاء المزيد على هذا الاجتماع. وأكد كيري أن تنظيم «داعش» منظمة إرهابية، لا تعرف أي حدود، عادها منظمة تقوم باغتصاب وقتل النساء وبيعهن، وتقوم بمهاجمة الناس من المجموعات والأقليات، وقتل الأبرياء بوحشية، وذلك ما حدث أخيراً من قتل مواطنين أميركيين، مضيفاً أن ««داعش» قامت بقطع رؤوسهم، ولا تعترف بأي حدود ويجب أن نقوم بإيقافها». ولفت كيري الانتباه إلى أن «هذا اليوم يعد يوماً جيداً لعقد هذا الاجتماع، فاليوم يصادف ال11 من سبتمبر، أي بعد 13 عاماً من الهجمات الإرهابية التي تعرضت لها الولاياتالمتحدة الأميركية في 2001»، مبيناً أن الآثار والعواقب الفظيعة للكراهية لا تزال حية في أذهان الكثير من الأميركيين، مشيراً إلى أن هذه العواقب يشعر بها الناس كل يوم في الشرق الأوسط، إذ تتفشى الآيديولوجية المتطرفة التي تمثلها تنظيم «داعش» وتقوم بإرهاب الناس وتنتهج العنف واضطهاد الأشخاص كما تقوم «داعش» بمعارضة أي نوع لسيادة القانون. وقال كيري إن الرئيس أوباما وضع استراتيجية شاملة عالمية من أجل تدمير «داعش» أينما تتواجد وهذه الاستراتيجية تتمحور حول تشكيل تحالف عالمي وهذا ما ركزنا عليه اليوم، مشدداً على ضرورة مشاركة الدول العربية ودورها القيادي في جميع الجهود من مشاركة الدعم العسكري والمساعدات الإنسانية والعمل للحيلولة دون تدفق الأموال غير المشروعة التي تحتاج إليها «داعش» والتخلص نهائياً من التشويه المهين للإسلام الذي تحاول «داعش» أن تنشره حول العالم والذي تحاول أن تقول للعالم أن ما تقوم به هو بناء على وجهة نظرها وتفسيرها للإسلام وهذا بطبيعة الحال لا يتفق مع طبيعة الإسلام وتسامحه. وأكد أن جميع الدول التي شاركت في هذا الاجتماع التزمت القيام بدور في هذه المهمة، مشيراً إلى مواصلته لقاء القادة في المنطقة وخارجها لتشكيل أوسع تحالف ممكن، الأمر الذي سيكون موضع نقاش في الجمعية العامة للأمم المتحدة الأسبوع المقبل. ورأى وزير الخارجية الأميركي أن العالم يشهد مرحلة عصيبة جداً، معتبراً أن التحرك يأتي في اتجاه تفهمه جميع البلدان والشعوب حول العالم وهو جلب السلام والازدهار والاحترام والكرامة لشعوب العالم، مشيراً إلى أن هذا التحرك فرصة نادرة للقادة الذين يتخذون القرارات الصحيحة من أجل تحقيق الهدف المشترك وهو السلام فإذا ما استفدنا من هذه الفرصة سيكون ذلك مثالاً ونموذجاً لمعالجة التطرف وعزله، مؤكداً على أن دحر «داعش» يسهم في تحقيق السلام والازهار في العالم، والذي يحتاجه ويستحقه الناس. وحول ردة الفعل الروسية على العمل العسكري حتى ولو كان ضد جماعات إرهابية وضرورة أن يكون ذلك بالتنسيق مع الأممالمتحدة أشار كيري إلى أن حكومة العراق دعت الولاياتالمتحدة وطلبت منها المساعدة ومن جيرانها من دول أخرى في المنطقة وبموجب القانون الدولي عندما يتم غزو بلد معين وتطلب هذه الدولة المساعدة من العالم فإنه يتوجب على العالم أن يستجيب إلى هذه الدعوة. وقال كيري: «لو كان الوضع الذي يجري وما نراه يحصل في أوكرانيا لقلنا إنه من السخرية أن تقوم روسيا بإثارة موضوع الرجوع إلى الأممالمتحدة، لذا أنا متفاجئ من إشارة روسيا إلى مسألة مجلس الأمن». وحول أماكن تدريب «الجيش الحر» أشار الأمير سعود الفيصل إلى أنه له أماكن تدريب تقريباً في كل الدول المجاورة. وفي سؤال عن دور المملكة المطلوب في إطار هذا التحالف قال الفيصل إن «المملكة كانت مبادرة دائمة في ضرورة الوقوف دائماً أمام الإرهابيين والتصدي لهم فليس هناك حدود بما يمكن أن تقدمه المملكة ولم أسمع من أي من الأطراف التي حضرت أي تحفظ على لعب الدور المطلوب منهم وهذا يدل على أن دولهم مصممة على مواجهة هذا البلاء الذي حل بنا». وعن الأطراف التي يمكن أن تقوم بعمل بري ويعتمد عليها ضد تنظيم «داعش» في ظل الحديث فقط عن ضربات جوية وتكثيفها أوضح وزير الخارجية الأميركي أن الخطة الحالية كما قال الرئيس لا تتحدث عن وضع قوات على الأرض، فالعراق لديه جيش وبعض قواته بحاجة إلى إعادة تنظيم وسوف ندعم الجهود في هذا الاتجاه لكن خطة الرئيس الحالية لا تتطلب وجود جنود أجانب أو مشاركتهم في هذه الحرب، المعارضة السورية والقوات العراقية لديها القدرة على رغم ضرورة إعادة تدريب بعضها ولكننا نركز على هذا الأمر.