هاشم الشيخ (أبو جابر) الذي عُيّن رئيساً ل «حركة أحرار الشام الإسلامية» خلفاً لقائدها حسان عبود (أبو عبدالله الحموي) الذي اغتيل مع عشرات من قادة الحركة في شمال غربي سورية قبل يومين، هو أيضاً كان أحد المسؤولين عن تنظيم «رحلات الجهاد» ضد القوات الأميركية في العراق بعد غزوه عام 2003. وكان أيضاً أحد الذين أفرجت عنهم السلطات السورية بعد انطلاق الثورة في عام 2011. وكانت «أحرار الشام» سارعت إلى تعيين «أبو جابر» رئيساً للهيئة السياسية وقائداً عاماً خلفاً ل «أبو عبدالله الحموي»، كما عيّنت «أبو صالح الطحان» قائداً عسكرياً للحركة بعدما كان نائباً للقائد السابق «أبو طلحة الغاب» الذي كان بين 47 مسؤولاً سياسياً وعسكرياً قتلوا في عملية تفجير غامضة قرب بلدة رام حمدان بريف إدلب (شمال غربي سورية). ووفق عبدالعزيز سلامة زعيم «لواء التوحيد» أحد الفصائل المنضوية تحت لواء «الجبهة الإسلامية» التي تضم أيضاً «أحرار الشام»، فإن اجتماع أركان «أحرار الشام» كان يرمي إلى البحث في «توحيد واندماج» الحركة مع بقية الفصائل المسلحة. وكان 18 فصيلاً أسست مجلساً لقيادة الثورة، سرعان ما توسع ليضم عشرات الفصائل الأخرى، بهدف تشكيل مجلسين عسكري وقضائي موحدين، فيما توحدت فصائل الغوطة الشرقية في جسم قضائي موحد مع تشكيل مجلس عسكري برئاسة رئيس «جيش الإسلام» زهران علوش. كما أن خمساً من الفصائل المعتدلة بينها «الفرقة 13» و «الفرقة 101» اندمجت تحت لواء «الفيلق الخامس» بهدف الحصول على دعم عسكري من الجانب الأميركي باعتبارها «فصائل معتدلة». كذلك، فإن زعيم «جبهة ثوار سورية» جمال معروف القوي في ريف إدلب موقع حصول عملية اغتيال قادة «أحرار الشام»، أعلن الأحد الماضي «انتفاضة شاملة» ضد «الدولة الإسلامية» (داعش)، متمسكاً بقتال النظام السوري و «داعش» معاً والتمسك ب «محور الاعتدال... من بيروت إلى دمشق وبغداد». وتُعتبر «أحرار الشام» من بين أقرب الجماعات إلى فكر «داعش» و «جبهة النصرة». ودرست واشنطن أكثر من مرة إدراجها على قائمة المنظمات الإرهابية، كما أنها كانت تضم «أبو خالد السوري» الذي كان مطلوباً من واشنطن، وقتل بهجوم «انغماسي» قام به مسلحون متشددون يُعتقد أنهم ينتمون إلى «داعش» في ريف حلب بداية العام الحالي. لذلك، يُعتقد أن تنظيم «داعش» هو واحد من أبرز المشتبه بهم في عملية اغتيال قيادة «أحرار الشام»، في ظل توقعات بأن جزءاً من كوادر هذه الحركة سينتقل الآن - بعد مقتل معظم قادتها - إما إلى «داعش» أو إلى «النصرة» لتعزيز وضع التنظيمات الجهادية في ريف إدلب، خصوصاً بعد «الانتفاضة الشاملة» المعلنة من «المعتدلين» ضدهم. وأظهرت معلومات عن «أبو جابر» أنه كان أحد نزلاء سجن صيدنايا بريف دمشق بعد قتاله الأميركيين في العراق، وهو الأمر الذي يتساوى فيه مع كل من «أبو عبدالله الحموي» وعدد من قادة بقية فصائل «الجبهة الإسلامية» مثل زهران علوش وزعيم «صقور الشام» أحمد عيسى الشيخ (أبو عيسى). وهؤلاء يتفقون في ذلك مع زعيم «جبهة النصرة» أبو محمد الجولاني الذي قاتل أيضاً الأميركيين في العراق. ووفق المعلومات وما نشره موقع «الدرر الشامية» أمس، فإن «أبو جابر» من مواليد مدينة مسكنة شرق حلب عام 1968، ولديه عشرة أولاد، حائز شهادة الهندسة الميكانيكيّة. وهو كان نال نتيجة دراسته خارج البلاد وذكائه منصباً رفيعاً في مركز البحوث العلميّة في مدينة حلب، وهو واحد من أكثر المواقع حساسية في سورية. وقال الموقع إنه «قضى عمره في حفظ القرآن وتحفيظه ونشر دين الله، وكان يتعرّض لمضايقات (من السلطات) بسبب التزامه الديني». كما كان من أوائل المساهمين في الجهاد العراقي، وكان يعمل منسّقاً لتأمين الطريق للمجاهدين نحو العراق عبر الأراضي السوريّة. ويُعتقد أنه أحد الذين نسّقوا مع الشيخ محمود غل أغاسي (ابو القعقاع) في توريد الجهاديين إلى العراق من حي الصاخور في حلب شمالاً. وكان «أبو القعقاع» قُتل في ظروف غامضة من جانب أحد مساعديه ل «أسباب جرمية» بعد انتهاء العزلة التي فُرضت على دمشق بعد عام 2005، وبدء التعاون مع واشنطن. واعتقل «أبو جابر» في عام 2005، وتنقّل بين فروع أمنيّة عدّة، قبل أن ينتهي به المطاف في سجن صيدنايا قرب دمشق حيث شهد التمرد الشهير من جانب السجناء الإسلاميين قبل بضع سنوات. وأصدرت المحكمة حكماً بسجنه 8 سنوات، لكنّه خرج في أيلول (سبتمبر) 2011 بعد ستّ سنوات، عقب القرار الذي شمل السجناء السياسيّين بالإعفاء من ربع مدّة حكمهم. وقال موقع «الدرر الشامية»: «بعد خروجه من السجن لم يتوانَ عن الالتحاق بركب الجهاد الشاميّ، فكان من أوائل من التحق به، وأسّس كتيبة مصعب بن عمير في مدينة مسكنة، وساهمت الكتيبة بقيادة الشيخ في تحرير مدينة الرقة والطبقة (شمال شرقي سورية) ومطار الجرّاح العسكريّ وخناصر في ريف حلب، ومسكنة شرقها». وانضمّت الكتيبة إلى «حركة فجر الشام الإسلاميّة» قبل أن ينضمّ إلى «أحرار الشام الإسلاميّة» بعد السيطرة على مطار الجرّاح العسكريّ في آذار (مارس) 2013. وبعد انضمامه عيّنت قيادة الحركة «أبو جابر» نائباً لأمير حلب الشيخ «أبو خالد السوريّ» الذي اغتيل بداية العام الحالي. بعدها عُيّن أميراً لريف حلب الشرقيّ بين ثاني أكبر مدينة والرقة معقل «داعش». وكتبت الناشطة زينة إرحيم على صفحتها على «فايسبوك» أمس: «التقيت مرة بالشيخ جابر على معبر باب الهوا على حدود تركيا الذي كان مغلقاً لأسبوع بسبب انفجار. بعد تفتيش دقيق في حقيبتي وجدوا جهازاً لتحديد موقعي اعطتنيه منظمتي للاطمئنان عليّ. أبو جابر عرفه من أول نظرة إليه. سألني أسئلة عن عائلات في إدلب بذكاء فظيع لمعرفة توجهي والتأكد من أنني من المدينة... بعدها تركوني». أما بالنسبة إلى المسؤول العسكري الجديد «أبو صالح الطحان»، فهو من مواليد مدينة تفتناز بريف إدلب في عام 1978. ووفق نشطاء، فإنه «لُوحِق من النظام ليتمكّن بعدها من الفرار ويقضي سنوات عدّة خارج سورية، ثم عاد مع انطلاقة الثورة السوريّة، منتمياً إلى كتائب أحرار الشام، ويؤسّس كتيبة أحفاد عليّ بن أبي طالب». وقال موقع «الدرر الشامية» إنه «أحد أبرز القادة العسكريّين في الحركة، وقاد معارك مهمة كان أبرزها معركة السيطرة على مطار تفتناز العسكريّ في إدلب، وتحرير منطقة (المركز الدولي للدراسات الزراعية والبحوث) إيكاردا بين إدلب وحلب ومعارك تحرير مدينة الرقة». وكان «أبو صالح» قد أُصيب سابقاً مرّتَيْن خلال معركة مطار تفتناز في كانون الثاني (يناير) 2013، ومعارك محافظة الرقّة في نيسان (أبريل) 2013. إلى ذلك، أطلق مجهولون يستقلون سيارة النارَ ليلة الخميس على قائد كتيبة «أصحاب اليمين» حسين القاسم (أبو علي) والإعلامي محمد القاسم على طريق الغدفة أبو دفنة بريف إدلب. يُشار إلى أن كتيبة «أصحاب اليمين» العاملة في ريف معرة النعمان تابعة ل «المجلس العسكري في إدلب».