في عام 1984، أطلقت شركة «آبل حاسوبها» الشهير «ماكنتوش» عبر شريط إعلاني صنعه المخرج البريطاني ريدلي سكوت، وهو من صنّاع أفلام الخيال العلمي. وذيّل الشريط بعبارة «آبل تعرض الكومبيوتر «ماكنتوش». عليك أن تفهم لماذا 1984 لن يكون مثل 1984». وللتوضيح، تحمل العبارة إشارة إلى رواية مشهورة للكاتب جورج أورويل عنوانها «1984». في تلك الرواية، تخيّل أورويل عالماً يسيطر عليه ديكتاتور لقبه «الأخ الأكبر»، تتولى سلطته الشموليّة مراقبة الناس في بيوتهم عبر شاشة إلكترونيّة يمنع عليهم إطفاؤها، كي تستمر في إيصال صورته إليهم. وفي الرواية، تنهض امرأة بتحدي سلطة «الأخ الأكبر»، عبر تحطيم تلك الشاشة. وفي الإعلان، تظهر امرأة تحطم شاشة السلطة الشموليّة، مع شعار «ماكنتوش» مطبوعاً على قميصها. ويشير الاعلان إلى عزم شركة «آبل» أن تكون شاشة الكومبيوتر أداة لتحرير الناس من السلطات الطاغيّة، فتكون نقيضاً حضاريّاً لشاشة «الأخ الأكبر» في رواية «1984». استطراداً، ثمة أقاويل كثيرة حول شعار «آبل»، وهو تفاحة مقضومة من طرفها، وعلاقتها بتفاحة نيوتن أو آدم أو غيرهما، إذ يذكّر إسم «ماكنتوش» بنوع من التفاح الأحمر له قشرة سميكة. وحمل التفاح ذكرى جون ماك انتوش الذي اكتشفه في كندا سنة 1811. ووصل تفاح «ماكنتوش» إلى أوروبا عام 1932. وأغرم أحد مؤسسي «آبل»، واسمه جيف راسكين، بذلك النوع من التفاح. وجاء الاسم تحيّة لراسكين الذي ترك الشركة لاحقاً بعد خلافات مع جوبز. ثمة قصة اخرى للتفاحة عينها، تقول إن ستيف جوبز وصديقه وزينياك (وهما مؤسّسا «آبل»)، أرادا توجيه تحية عبر التفاحة إلى البريطاني آلان تورينغ، وهو عالم رياضيات مشهور يعتبر من مؤسسي المعلوماتية. وفي الحرب العالمية الثانية، استطاع تورينغ تفكيك أسرار الشيفرة التي استخدمها الجيش النازي. وبعد أن وضعت الحرب أوزارها، اكتشفت السلطات ميولاً مثلية لدى تورينغ، فقررت أن يكون عقابه الخصي كيماوياً، بحسب القوانين التي كانت سارية حينها في الجزر البريطانية. ولم يحتمل تورينغ ذلك المصير القاسي. وفي 1952، انتحر تورينغ بأن أدخل سُمّاً إلى تفاحة، ثم أكلها، وهي طريقة تشي بتأثّره بقصة «بياض الثلج» المعروفة. ثمة قصة ثالثة تربط تفاحة «آبل» بتلك التي يروى أنها سقطت على رأس عالِم الفيزياء الشهير إسحاق نيوتين أثناء قيلولته تحت شجرة، فأوحت إليه بقوانين الفيزياء التي مازالت تعرف باسمه، خصوصاً تلك المتصلة بالجاذبية في الكون. ويساند تلك القصة أن الشعار الأول لمؤسسة «آبل» كان صورة لنيوتن أثناء قيلولته تحت شجرة تفاح، مع ظهور ثمرة متدليّة من أحد أغصان الشجرة. ومن الفرضيات المتداولة عن اسم «آبل»، أن جوبز ووزينياك كانا من محبي فرقة «البيتلز» Beatles الشهيرة، وأنهما قصدا من الإسم أن يعبر عن محبتهم للفرقة، لأن الدار التي نشرت موسيقى البيتلز كان اسمها «آبل كوربس». وقبل سنتين، أعطى الأميركي روب جانوف، وهو مهندس لغرافيك الكومبيوتر تولى رسم شعار «آبل»، رواية اخرى. ووفق جانوف، أدّت الصدفة وحدها إلى ظهور شعار التفاحة. فبعد أن عُهِدَ إليه باستنباط «لوغو» للشركة. وذات يوم، اشترى بعضاً من التفاح ووضعه في وعاء ليرسمه، متعمداً بذلك الوصول إلى شكل بسيط وشائع. وفي البداية، وضع اللون الأخضر على الشعار، لأن ورق التفاح هو اخضر. وأشار إلى أن القضمة تأتي من البساطة والشيوع أيضاً، لأن الجميع يقضم التفاح. وتذكّر رواية جانوف بمصادفة اخرى، تتمثّل في التقارب لفظيّاً بين كلمة «بايت» Bite بالانكليزية، ومعناها قضمة، وبين مصطلح «بايت» Byte المستخدمة في القياسات الإلكترونيّة في العوالم الرقميّة.