لفاكهة التفّاح مكانة كبيرة عبر التاريخ، فقد كانت دائماً مركز جذب واجتذاب، ولعبَتْ أدواراً حاسمة ومصيرية أثّرتْ في مسار حيواتنا و»حيواناتنا» على كوكب الأرض! ولنستعرض معاً ثلاث ظواهر مفصليّة لهذه الفاكهة: أولاً: تفاحة حوّاء، أو تفّاحة آدم، أو تفّاحة آدم وحواء على حدّ سواء، وهي كما تعلمون – كما جاء في بعض الروايات – التفاحة التي كان ممنوعاً قطفها ومحظوراً أكلها. فحين قَضمَها «آدم»، صدَرَت الإرادة الإلهية، الآمرة بالهبوط الآدمي من رحاب الجنان الى الأرض! وصارت التفاحة رمزاً للغواية والمعصية والاستدراج. ثانياً: تفاحة إسحق «نيوتن»، وهي التفاحة التي سقَطَتْ عن الشجرة أمام ناظريه ليهرول بعد ذلك هاشًّا باشًّا ويضع اللمسات الأخيرة على قانون «الجاذبية»، الذي يقول بسقوط الأجسام من أعلى الى أسفل بفعل الجَذْب. وبطبيعة الحال، لم يكن هبوط آدم وحواء من الجنة إلى الأرض بفعل هذا القانون! ثالثاً: تفاحة «وليم تل»، هي التفاحة التي أُجبر المستر «تل» أن يضعها على رأس ابنه، ومن ثم أن يُطلق عليها سهمه، بما في ذلك من خطورة إصابة فلذة كبده! نَجَحَ «وليم تل» وأصاب سهمه التفاحة وشطَرَها إلى نصفين، وكان ما كان من الذيول والمضاعفات في رواية «شيللر». ثلاث تفاحات بمناخات وتجليات مختلفة، ترَكَت أثرها العميق في القصص الديني، وعلم الفيزياء، وعلوم السياسة والاجتماع. وكما هو معروف منذ القديم فإن لبنان مشهور بأنه بلد «التفاح»، بدليل ورود الكلام عنه والإشادة به في «نشيد الأناشيد» وشعر «المتنبي» ومعلِّقات الزجل اللبناني، لدرجة أن نصف «أنطولوجيا» هذا الزجل تروى عن التفاح والنصف الثاني يحكي عن العنب والتين والدرّاق! وتفاح لبنان وإلى اليوم ما زال فيه شيء من «نيوتن» وشيء من «وليم تل» وأشياء لا تُعَدّ ولا تُحصى من مزاجية آدم وحواء! ولقد أصبحنا اليوم مع هذه الفاكهة العظيمة، منتهكين، مدعوسين، مخنوقين، ممعوسين، وموضّبين في «مراتبين» معدّة للتصدير تحت عنوان «مربّى التفاح»! وأمسينا مع سائر الإخوة عصيراً للتفاح وتحت شعار: الوحدة في المسار والمسير والعصير! أيها القارئ العزيز، لن أزعجك بنقاش حول «ديالكتيك» التفاح، إذا كان من نوع «الغولدن» أو «الستاركن». كما لن أحمِّلك هموم تحليل قانون الجاذبية مع «نيوتن»، ولن أضعك في مركب صعب مع ألاعيب المؤامرات وفنون و»أفانين» السياسة مع «وليم تل»، إذ يكفي أن نعلم بأن الذين صعدوا إلى المراتب العليا في غفلة من الزمن وقيلولة ونوم الشرف والمروءة والأخلاق، وجلسوا «فوق»، سيقعون يوماً ما، بفعل جاذبية ما إلى تحت!