نجا الرئيس الفرنسي السابق نيكولا ساركوزي من توجيه الاتهام له في قضية تمويل غير مشروع لحملته الرئاسية عام 2007، بعدما اعلنه القضاء مساء الخميس في وضع «شاهد يرافقه محاميه» اثر الاستماع إلى إفادته على مدى 12 ساعة. وقال تييري هيرزوغ محامي الدفاع عن ساركوزي انه «لم يتم توجيه تهمة له». وتواجد هيرزوغ مع موكله أثناء خروجهما بالسيارة من قصر العدل في بوردو جنوب غربي البلاد، ولم يرغب في الإدلاء بأي تعليق حول ظروف جلسة الاستماع المطولة هذه. وفي وقت لاحق أعلن المحامي لإذاعة «آر تي أل» انه لم يتم استدعاء ساركوزي إلى أي جلسة استماع جديدة، متحدثاً عن «قضية لم تكن موجودة ولم تعد موجودة». ورأى المحامي هيرزوغ في عدم توجيه أي اتهام لساركوزي «انتصاراً للعدل». وقال: «على أي حال، إنها النهاية، قضائياً، للشبهات، للاتهامات الصحافية التي لا أساس لها». وعاد ساركوزي إلى باريس مساء الخميس وفق أوساطه. ونقل النائب باتريك بالكاني القريب من ساركوزي عن الرئيس الفرنسي السابق «ارتياحه» و «سعادته» بعد انتهاء جلسة الاستماع. وقال لقناة «بي أف أم» الإخبارية: «قال لي: أترى؟ يجب أن نثق بقضاء بلدنا». وصفة الشاهد الذي يرافقه محاميه ينفرد بها القانون الفرنسي وتم إدخالها عام 1987 وتعتبر في مرتبة وسطية بين صفة الشاهد العادي والمتهم كما تسمح لمحامي ساركوزي بالاستمرار في الاطلاع على ملفه. مع ذلك، إذا ما جمع القضاة أدلة «خطرة أو متقاطعة» تشير إلى تورط الشاهد في الوقائع الواردة في الدعوى، فإن هذا الشاهد قد يصبح متهماً. ومن شأن نجاح ساركوزي الذي انسحب من الحياة السياسية عن 57 سنة، بعد هزيمته في أيار (مايو) الماضي أمام الاشتراكي فرنسوا هولاند في الانتخابات الرئاسية، في الإفلات من توجيه التهمة له، أن يريح أنصاره في الوقت الذي يغرق حزبه، «الاتحاد من أجل حركة شعبية»، في الفوضى في غياب الاتفاق على تحديد خلفه. ووصل ساركوزي صباح الخميس إلى قصر العدل في بوردو (جنوب غرب) حيث تم الاستماع إليه في تحقيق في شأن إمكان قيامه «باستغلال الضعف» في إطار «قضية بيتانكور» التي تحمل اسم وريثة مجموعة لوريال العالمية العملاقة لمستحضرات التجميل ليليان بيتانكور (90 سنة) وهي أغنى سيدة في فرنسا. ويسعى القضاة إلى تحديد ما إذا كانت أموال ليليان بيتانكور التي ضعفت نفسياً منذ أيلول (سبتمبر) 2006، ساهمت في تمويل حملة ساركوزي في 2007 بحدود تتجاوز إلى حد كبير ما يسمح به القانون ومن دون موافقتها الصريحة. وهذه الفرضية تحدث عنها المحاسب السابق لبيتانكور الذي قال للشرطة في تموز (يوليو) 2010 إن باتريس دو ميستر كاتم الأسرار السابق لبيتانكور طلب منها 150 ألف يورو لإعطائها إلى ايريك فورت الذي كان المسؤول عن مالية حملة ساركوزي. كما يريد القضاة سؤال ساركوزي لماذا بدا انه يراقب ملف بيتانكور عن كثب واستقبل ثماني مرات بين 2008 و2010 المدعي العام السابق فيليب كوروج الذي كان مكلفاً بالقضية. وتوجيه التهمة إلى الرئيس السابق كان ليهدد احتمال عودته إلى الساحة السياسية قريباً في حال قرر ذلك. ومنذ هزيمته في الانتخابات الرئاسية لزم ساركوزي الصمت حيال نواياه لكنه ما زال المرشح المفضل لأنصار اليمين في انتخابات 2017. فهؤلاء خابت آمالهم حيال المرشحين لخلافة ساركوزي على رأس حزبه وهما الأمين العام الحالي جان فرنسوا كوبيه ورئيس الوزراء السابق فرنسوا فيون اللذين حولا انتخابات الأحد الماضي لرئيس جديد، إلى مشكلة لم تنته تبعاتها بعد. وبعد الإعلان عن فوز كوبيه بفارق ضئيل بلغ 98 صوتاً من أصل 175 ألفاً، رفض الفائز الخميس فكرة وساطة وزير الخارجية السابق ألان جوبيه من أجل وقف الحرب الطاحنة بينه وبين فيون الذي طعن بنتيجة الانتخاب. وأعرب فيون مساء الأربعاء عن استعداده لوقف المعركة من أجل رئاسة الحزب شرط توكيل فريق بقيادة جوبيه بتوليها موقتاً. ورد كوبيه صباح الخميس قائلاً: «لن ننصاع لما يناسب الخاسر وننصب الرئيس» الذي يريد، معتبراً رئيس الوزراء السابق «خاسراً يشعر بالمرارة ويأتي لإسداء الدروس من دون تطبيقها بنفسه».