دخلت احتجاجات رفع الأسعار بالأردن أمس أسبوعها الثاني، وسط دعوات وجهتها «الجبهة الوطنية للإصلاح» التي يتصدرها رئيس الوزراء السابق أحمد عبيدات، إلى التراجع عن قرار الرفع، معتبرة أن العاهل الأردني الملك عبدالله الثاني هو «الوحيد القادر على سحب فتيل الأزمة». وشهدت العاصمة عمان ومدن عدة في الجنوب والشمال والوسط احتجاجات طالبت بالتراجع عن قرار رفع الأسعار، مطلقة شعارات طاولت مؤسسات سيادية في البلاد. وكان لافتاً خلال احتجاجات أمس توجه حراكات سياسية وعشائرية إلى تنفيذ حملات منظمة «تهدف إلى إفشال الانتخابات النيابية» المقررة مطلع العام المقبل، وفق وزير بارز في حكومة عبدالله النسور، وذلك عبر حرق وإتلاف جماعي لبطاقات الناخبين. وبعد أن قام محتجون غاضبون بإحراق بطاقاتهم خلال الأيام الماضية بشكل عفوي وفردي، قررت هذه الحراكات، وبينها مجاميع تتبع لتنظيم «الإخوان المسلمين»، تنفيذ حملات منظمة غداً لإتلاف آلاف البطاقات الانتخابية احتجاجاً على قرار الحكومة الأخير، وهي الخطوة التي من شأنها أن تهدد مصير الانتخابات المقبلة. في هذا الصدد، قال القيادي في حراك مدينة معان الجنوبية عصام أبو درويش ل «الحياة» «إن مئات المحتجين داخل المدينة أحرقوا خلال اليومين الماضيين ما يزيد عن ألفي بطاقة انتخابية»، كاشفاً عن تنظيم فعالية جديدة غداً الجمعة للغاية ذاتها، ومتوقعاً حرق آلاف البطاقات التي كان أصحابها يعتزمون المشاركة بالانتخابات غير آبهين بدعوات مقاطعتها. كما أكد الناشط في حراك مدينة الكرك الجنوبية هشام العضايلة حرق ما يزيد عن ألف بطاقة خلال يومين في قرى عدة تتبع المدينة، موضحاً أن «العمل جار على تطوير وتوسيع عملية حرق البطاقات». ووصلت عدوى حرق البطاقات إلى متقاعدي شركة مناجم الفوسفات (مؤسسة حكومية)، إذ هددوا في بيانات بحرق بطاقاتهم التي يصل عددها إلى نحو 50 ألف بطاقة، إن لم تستجب الحكومة مطالبهم بتحسين رواتبهم التقاعدية. وفي تطور لافت، أعلن حزب «العدالة والإصلاح» وهو أحد الأحزاب الوسطية، أمس مقاطعته الانتخابات احتجاجاً على رفع الأسعار. وكانت الأحزاب اليسارية والقومية علقت قبل يومين قرار مشاركتها بالانتخابات. وتواصلت الحوارات داخل مؤسسات الحكم المختلفة لقراءة الأوضاع التي آلت إليها البلاد، والتي يميزها حال الاحتقان الشعبي غير المسبوق. وأكدت مصادر رسمية تحدثت إليها «الحياة» خشية بعض هذه المؤسسات من عدم إجراء الانتخابات بموعدها، في حين حذر بعض المجتمعين من تدني نسب المشاركة ووصولها إلى أقل من 50 في المئة إذا ما أجريت في ظل حال من الإحباط والاحتقان. لكن مصادر حكومية متطابقة أكدت ل «الحياة» إصرار القصر ومؤسسات سيادية أخرى على إجراء الانتخابات في 23 كانون الثاني (يناير) من العام المقبل، وهو الموعد الذي تم تحديده سابقاً. يأتي ذلك، فيما تحدث عبيدات أمس عن وجود شركات لتوزيع وإدارة وتخزين المشتقات النفطية في مدينة العقبة الساحلية التي قال «إن عوائدها لا تدخل خزينة الدولة ولا تخضع للرقابة»، مطالباً الملك عبدالله بالتدخل منعاً ل «الأسوأ». وقال في بيان: «هناك شيء ما يحصل في الأردن، والكرة الآن بملعب الملك (عبدالله الثاني)». ووسط أجواء من الاحتقان، هدد أهالي معتقلي الحراكات أمس بالدخول في اعتصام مفتوح، إن لم يطلق أبناؤهم. وقالت رئيسة لجنة الحريات في النقابات المهنية الأردنية نور الإمام ل «الحياة» إن «عدد المعتقلين على خلفية الاحتجاجات الأخيرة يقارب 300 شخص». واتهم أطفال تقل أعمارهم عن 18 سنة الأجهزة الأمنية الأردنية بضربهم وتعذيبهم بعد اعتقالهم إثر مشاركتهم بالاحتجاجات. وأفرجت محكمة «أمن الدولة» العسكرية أمس عن 8 من أصل 12 حدثاً أقرت مديرية الأمن باعتقالهم. وأكد الصبي تقي الدين الرواشدة (16 سنة) ل «الحياة» تعرضه للضرب المبرح من عناصر الأمن «رغم معرفتهم بأنه حدث وتجب معاملته بطريقة متوافقة مع قانون الأحداث الأردني». غير أن المركز الوطني لحقوق الإنسان (مؤسسة رسمية تمولها الحكومة)، قال إنه أرسل فرقاً للسجون للتحقق من الانتهاكات في حق معتقلين. وقال المفوض العام للمركز موسى بريزات: «اتضح أن هناك مخالفات وانتهاكات لحقوق الإنسان من قوات الدرك حدثت لمعتقلين بينهم أحداث».