وسط دعوات للثأر شيع أكثر من ألف فلسطيني في جنازة سادها الحزن والغضب أحد عشر شهيداً، بينهم خمسة أطفال، قضوا في غارة جوية إسرائيلية على منزلهم في حي النصر شمال غربي مدينة غزة في وقت كان مسعفون لا يزالون يبحثون عن بقايا أجسادهم تحت الأنقاض. ورفعت جثامين الأطفال الخمسة، وهم من عائلة الدلو، بعد أن لفت بأعلام فلسطين على الأكتاف بينما حمل جثمان والدهم محمد الدلو وهو عضو في الأمن والحماية في حكومة «حماس»، وزوجته ووالدته إضافة إلى ثلاث نساء وشاب من الحي على نعوش. وخرج المشيعون من أمام ثلاجة الموتى في مستشفى الشفاء بمدينة غزة إلى منزل أقاربهم في حي النصر شمال المدينة. وبعد وصول النعوش إلى منزل مقابل لمنزل عائلة الدلو الذي دمرته مقاتلات حربية إسرائيلية بالصواريخ مساء الأحد، أحاطت نساء وعدد من الأقارب والجيران الجثامين التي وضعت وسط صالة المنزل حيث بُكِيَتْ وسط هتاف مئات الشبان أمام ركام المنزل المدمر ب «الروح بالدم نفديك يا شهيد». وأمام مسجد «الإسراء» القريب والذي أديت فيه صلاة الجنازة بمشاركة الجد جمال الدلو، إلى جانب عدد من قادة حماس وأبرزهم إسماعيل رضوان ردد المشيعون هتافات غاضبة تدعو ألى الثأر لمقتل هؤلاء ومنها «الانتقام الانتقام يا كتائب القسام» و «يا قسام يا حبيب فجر اضرب تل أبيب». ورفع صبية أعلام فلسطين ورايات حركة حماس حيث صعدوا فوق جرافة كانت قد أنهت إزالة حجارة وكتل إسمنتية تطايرت من القصف لتمهيد الشارع الضيق أمام الجنازة لإلقاء نظرة الوداع على القتلى. ويقول حمدي أبو وطفة وهو من سكان الحي «نحن نودع الشهداء ولكن، ما زلنا نبحث عن أجزاء من أجسادهم. لم نعثر بعد على قدم فتاة وأطراف امراة أخرى». وعلى وقع أصوات الغارات الجوية الإسرائيلية التي خفت حدتها في الصباح الباكر كان مسعفون بمساعدة حفار وجرافة لا يزالون يبحثون عن أشلاء يعتقد أنها طمرت تحت الركام. وأطلق مسلح شارك في الجنازة رشقة رصاص في الهواء مع صيحات تكبير. وتساءل ابن عم القتيل أحمد الدلو (40 عاماً) وهو يشير إلى جثة طفلة «ما ذنبها هذه الطفلة البريئة؟ هل كانت تحمل كلاشنيكوف؟ ما ذنب الأطفال والنساء تقتلهم طائرات إف 16؟ البيوت يقصفونها على أصحابها. كلنا مستهدفون والصواريخ لا تفرق بين حماس وفتح وغيرهما». ولم يسلم منزل أحمد الدلو المجاور من الدمار. وروى الرجل أنه كان يصلي وزوجته تعد الطعام عندما حصلت الغارة. وقال أبو مصعب وهو من نشطاء حماس في المنطقة بمكبر الصوت «ما أعظم غزة وهي تودع كوكبة من الشهداء الأطفال والنساء لسان حالهم يقول بأي ذنب قتلنا يا إسرائيل». وينتمي تسعة من القتلى الأحد عشر إلى عائلة الدلو فيما ينتمي القتيلان الآخران إلى عائلة المزنر. ويتكون منزل عائلة الدلو من ثلاث طبقات. وقبل دفن الشهداء في مقبرة «شهداء الشيخ رضوان» ألقى إسماعيل رضوان وهو وزير الأوقاف والشؤون الدينية في حكومة حماس كلمة شدد فيها على أن «دماء شهداء مجزرة عائلة الدلو لن تذهب هدراً». وتابع «دماء هؤلاء الأطفال والنساء ستكون أمانة في أعناق المقاومة ولعنة على الاحتلال الصهيوني». وهتف المصلون «حسبنا الله ونعم الوكيل».