تعلن إدارة قناة «دريم» الفضائية بكتابة إلكترونية على خلفية سوداء «تعذر بث برامجها على الهواء مباشرة بسبب القرار الصادر عن الحكومة المصرية بمنع البث رغم قانونية البث». هكذا، ورد حرفياً في التنويه الذي اعتمدته القناة لمخاطبة جمهورها ومشاهديها. الأكيد أن قطع التيار الكهربائي عن استوديوات القناة هو الإجراء الأول الذي يمكن أن يساهم في تنفيذ هذا المنع الذي يستند إلى ذريعة لا تبدو مقنعة لكثر. فمصادر القناة تقول إنها تملك تصريحاً بالبث من خارج مدينة الإنتاج الإعلامي منذ أكثر من ست سنوات، وإنها بالتالي لا تقدم على مخالفة بهذا الشأن، خلافاً لما يشدد عليه قرار الوقف. المتابع لشؤون القناة يدرك أن برنامجاً مثل «الساعة العاشرة» للإعلامي وائل الأبراشي قد يثير بعضهم. وقد يولد نقمة في صفوف آخرين، على رغم أنه استضاف دعاة متشددين في أوقات سابقة استفادوا من ظهورهم في هذا البرنامج، وقاموا بالدعاية المجانية لأنفسهم كما لم يحدث من قبل. حتى أن مثل هذا الظهور لم يكن ممكناً تقبله من «الفضائيات» الخاصة التي يملكون بعضها، والتي أخذت تتناسل أخيراً في شكل يدعو للعجب. بالتأكيد لا تحوي الكتابة حول «دريم» أي نوع من الشماتة. على العكس ثمة دعوة لإعادة تسوية أوضاعها، وإعادة إطلاقها بما يتناسب مع الدعوات الصريحة لبناء فضاء إعلامي عربي ديموقراطي تنويري حر خال من «مشتقات» التشدد والكراهية التي «أبهرنا» بها في وقت سابق بعض ضيوف هذه الفضائية، وهم يواصلون حروبهم العبثية مع القيم والثقافة والمرأة والفن والتعدد والتسامح. ربما لم تشكل الفضائية في مسيرة الإعلام المصري أرضاً خصبة كاملة للأحلام. هذا أمر صعب وقد يبدو متعذراً في مثل الأوضاع التي تمر بها البلاد. لكن فضائية «دريم» ساهمت في شكل أو آخر في وجود أرضية للحلم الواقعي البعيد من فضائيات الشعوذة التي عششت في الفضاء، وفي الذهن العربي، وأصبحت تشكل مرجعية ثقافية وروحية لأمم كثيرة تعاني من أميّات مركبة تتلخص بصعوبة القراءة، وفك الشيفرات الموجهة لها، حتى بدت من دون مبالغة، وكأنها من خارج الكوكب الأرضي الذي تقيم عليه. ليست المشكلة بالطبع بالتشكيك بإمكان وجود مثل هذه الأرض في فضاء عربي يفقد هويته يوماً بعد يوم لحساب هوية ملتبسة تنضح بالصور التي يقال عنها إنها تساهم بالتضييق على الحريات بخاصة في مجال الإعلام، ناهيك بعرقلة الاستتثمار، خصوصاً في مسيرة الإنسان العربي الجديد، الذي سيعاني طويلاً ليس من انقطاع التيار الكهربائي فحسب عن فضائية «دريم» وأخواتها، بل في انقطاعه عن أرض الأحلام الوردية التي أخذت تنمو أخيراً، وكأن قرار «ترشيد» الطاقة باتجاه واحد لم يجئ إلا مع نذر ما يسمى «الربيع العربي».