تنتشر محال بيع أجهزة الجوال بشكل واسع النطاق في السعودية، وتعد واحداً من النشاطات التجارية الأكثر ربحية، نظراً لأهمية هذه التقنية في حياة الناس إلى جانب ماتقدمه من بضائع واكسسوارات وجميع لوازم أجهزة الجوال، وهي في الغالب تلبي كل ماتحتاجه الفئات العمرية من دون استثناء، وتكاد تكون مكتظة في غالبية الأوقات والسبب أن هناك مرونة في عمليات البيع، وإيقاع مستمر لايهدأ داخل هذه الأسواق. ولاشك أن جهاز الجوال باختلاف شركاته المصنعة، تحول نتيجة التطور التقني إلى مكتبة متنقلة لدى البعض، إذ يحوي جميع صورهم ولقطاتهم المسجلة، الأمر الذي جعل خصوصية تلك الفئة معرضة لخطر تسرب أو سرقة ملفاتهم الشخصية، إزاء إهمال أو عدم اكتراث، خصوصاً عندما تكون تلك التسريبات أو الملفات أصحابها من الفتيات اللاتي لايدركن خطر هذا التصرف إلا عندما يفقدن هواتفهن لأي سبب كان. ولأن قطاع الاتصالات يحظى بزخم وافر من الشعبية والاهتمام، فإن التجاوزات التي تحدث فيه تعد مشكلة حقيقية وذات أبعاد مختلفة اجتماعياً واقتصادياً وأمنياً، إذ يرى بعض المهتمين أن هناك سلوكيات نشأت من خلال فئة من المتلاعبين وأصحاب «النفوس الضعيفة» وهواة نشر الصور والفيديوهات، وكانوا في الوقت ذاته داعمين لسوق غير أخلاقية تمتهن ترويج وبيع تلك الفيديوهات المسربة. وتأكيداً على كل تلك المخاطر والتجاوزات في سوق الجوال كان من الطبيعي أن يتحول الأمر إلى تجارة رائجة بين أوساط العمالة غير النظامية، إذ أصبحت الأقراص المدمجة تباع في وضح النهار وقد كتب عليها «مقاطع جوال» أي أنها التقطت بكاميرا الهاتف المحمول وسربت وتم نسخها إلى «أقراص مدمجة». «الحياة» تجولت في عدد من مواقع البيع من بينها السوق القديم في حي البلد بجدة، المنطقة التي تشغلها عمالة آسيوية وعربية، وتبين أن الحصول على «إسطوانة» لمقاطع جوال ليس بالمهمة اليسيرة، إذ يحتاج الأمر إلى مفاوضات وإعطاء تطمينات وتلميحات بأن القصد هو الشراء فقط، وبالفعل بعد محاولات متكررة أخرج أحد الباعة مافي جعبته من أقراص تحتوي على مقاطع فيديو مصورة بكاميرا جوال، ولم يفصح البائع بشكل مباشر عن مصدر تلك المشاهد، وكيفية الحصول عليها، لكنه أقر بأن أحد أصدقائه محترف في مجال الكومبيوتر واستطاع نقلها ونسخها في أقراص. من جهته، أكد الاختصاصي في أمن المعلومات المهندس زامل المانع أن هناك علاقة واضحة بين تسرب محتويات ذاكرة الهواتف الذكية وبين أطراف داخل محال بيع أجهزة الجوال، وقال ل «الحياة» إن الرقابة شبه غائبة عن ما يحدث بواسطة أجهزة الكومبيوتر الموجودة في غالبية المحال والأكشاك التي تبيع وتقدم خدمات البرمجة. وأوضح المانع أن «فئة النساء هي الأكثر عرضة للسطو والتلصص على محتويات أجهزة الجوال، وذلك من جانب بعض «ضعاف النفوس» داخل الأكشاك المنتشرة في الأسواق والمحال التجارية، ويكونون في الغالب متواطئين مع أشخاص يعملون على نشر وبيع الصور والمقاطع. مشيراً إلى أن التقنية الحديثة وبرامج التشغيل المستخدمة في الهواتف الذكية أسهمت بصورة جلية في ذلك، إذ بمجرد توصيلها بالحواسيب يتم سحب نسخة احتياطية لمحتويات وملفات الجوال بسرعة وفي وقت قياسي من دون أن يشعر صاحب الجوال بالأمر. واعتبر أن غياب النظام، وتقنين التعامل في هذا القطاع التقني والمعلوماتي، تسبب بشكل مباشر في حدوث كل تلك التجاوزات حتى أصبحت الثقة مفقودة تماماً في معظم أسواق الجوال، مشدداً على خطورة مايحدث وأنه أمر يهدد أمن المجتمع الأخلاقي والسلوكي. وطالب الخبير في الأمن المعلوماتي الجهات المعنية كافة ممثلة في هيئة الاتصالات وتقنية المعلومات، وكذلك وزارة التجارة لسن قانون واضح ينظم العمل في محال الجوالات، ووضع عقوبات صارمة بحق التجاوزات الحاصلة، داعياً إلى تعاون المواطن مع تلك الجهات في الإبلاغ عن أي مخالفات. ويرى الاختصاصي في الخدمات الإلكترونية أحمد إبراهيم عطية أن التدابير القانونية والرقابية على السوق المنتشرة في السعودية إذا لم تتخذ بشكل فعال وسريع أي إجراء فإن مخاطر التسريب والتلصص ستتفاقم، وقال: «لا بد من استصدار تصاريح لنشاط بيع الجوال تصدر من وزارتي الإعلام والداخلية، منعاً للتعدي على حقوق الملكية الفكرية، مع ضرورة ربط الهوية الوطنية والإقامة بجميع التعاملات التجارية في السوق، ومنها حالات البيع والشراء لمعرفة مصادر وأصحاب الأجهزة المفقودة والمسروقة، وسيسهم مثل هذا النظام الموجود في غالبية دول العالم في ردع المتلاعبين وهواة التجسس، والتخلص من عمليات سرقة الهواتف المحمولة التي تتزايد يوما بعد يوم». واعتبر أن وجود عمالة تتاجر في مقاطع الجوال المصورة هو نتيجة لانعدام الرقابة من جانب عدد من الجهات الرسمية إضافة إلى نقص الوعي لدى المستهلك أثناء التعامل مع أجهزة الجوال.