كأنما الأمر يتعلّق باختبار يومي عن الحرية عند الحدود الخطيرة بين الحريّة الإلكترونية التي ترسّخ حضورها وتقاليدها في الحياة اليومية المعاصرة، والبنى السياسية للدول التي تصطدم بهذه الحريّة، فكأنها تسير خلفها في التاريخ. بقول آخر، تبدو البنى السياسية للدول الحديثة وكأنها تخوض حرباً ضد التقدّم، ما يعني أنها في وضع متخلّف حيال المتغيّر الرقمي، ويفترض بها أن تعيد تعريف نفسها وتجديد صيغها كي تتآلف مع التغيير الهائل الذي تفرضه أصابع شباب الإنترنت عليها. لا يصعب إيجاد الدلائل يومياً عن هذه الصورة، بل ربما من العسير التغافل عن سيل الأخبار اليومي عنها. ال «هاكرز» يتحدّون حُجُب الكرملين في موسكو، أعلن بافيل راسودوف رئيس حزب «قراصنة الكومبيوتر» (يُطلق عليهم تسمية «هاكرز» Hackers) الروسي، وهو غير مُسجّل رسميّاً على رغم انتشار أحزاب ال «هاكرز» رسمياً في أوروبا، أن حزبه ينوي تأمين الدخول إلى مواقع الإنترنت المُدرجة على اللائحة السوداء للمواقع الممنوعة على الأراضي الروسية. وشدّد بافيل على أن ال «هاكرز» سيدقّقون أيضاً في المعلومات التي تتضمنها المواقع الممنوعة، فلا ينخرطون في عملية رفع الحجب عن موقع ممنوع، إذا تبيّن أن المعلومات التي يتضمنها تتعارض مع المعايير الأخلاقية للشعب الروسي. وأشار راسودوف إلى أن قيادة الحزب ستؤمّن الدخول إلى الصفحات المدرجة على اللائحة السوداء عبر إرسال رابط إلكتروني يمكّن أي مستخدم يحاول الدخول إليها من النجاح في محاولته، من دون طلب هوية هذا المستخدم. وأطلق حزب «القراصنة» موقعاً خاصاً هو «روبلاكليست.نت»، نشر عليه تعليمات عن طُرُق دخول المواقع المحظورة حكومياً، إضافة إلى روابط إليها توصل الجمهور إلى تلك المواقع مباشرة. في المقلب النقيض من المشهد، نشر الموقع الإلكتروني ل «هيئة مراقبة الاتصالات» في روسيا أخيراً، نسخة عن اللائحة الموحّدة لمواقع الإنترنت التي تضم معلومات يحظر نشرها وترويجها على الأراضي الروسية. ولم تشمل هذه اللائحة حتى الآن سوى 6 مواقع على الإنترنت تروّج مواد إباحية تتعلّق بالأطفال. وعلى الموقع عينه، وضعت هذه الهيئة الحكومية استمارة للشكوى تسمح بنقل عنوان الصفحة التي تحمل معلومات ممنوعة ووصفها، ما يعني أنها تحاول تنفيذ سياسة تقضي بتحويل المواطنين إلى مخبرين للدولة! ويخطط حزب «القراصنة» لمراقبة مواقع الإنترنت المفتوحة لمعرفة إذا كانت مواقع أخرى على الشبكة الإلكترونية العالمية، أُضيفت لائحة الممنوعات الروسية. وفاة «غامضة» في إيران في طهران، تسود شكوك بأن دماء سالت دفاعاً عن الحريّة الإلكترونية. إذ ذكرت «منظمة العفو الدولية» أخيراً أن مدوّناً إلكترونياً توفي عقب تلقيه تهديدات بالقتل بسبب مُدوّنته المعارضة للنظام، مع الإشارة إلى أن وفاته ربما نجمت عن عملية تعذيب. وعمدت هذه المنظمة الحقوقية الدولية وحكومات أوروبية عدّة، إلى حثّ إيران على التحقيق في وفاة ستار بهيشتي (35 سنة) الذي ألقي القبض عليه في منزله جنوب غربي طهران، ثم سُلّمت جثّته إلى أسرته بعد أيام قليلة من اعتقاله في 28 تشرين الأول الماضي. وأعربت المنظمّة عن مخاوفها من أن بهيشتي تعرّض للتعذيب في منشأة احتجاز إيرانية، بعد تقديمه شكوى عن ممارسات التعذيب في إيران. ولا يحوز بهيشتي شهرة واسعة في إيران حيث تسيطر الدولة بشكل صارم على وسائل الإعلام، لكن التدوين الإلكتروني يعتبر من الوسائل القليلة لانتقاد الحكومة، لكنها وسيلة ليست خالية من المشاكل. فقبل يومٍ من إلقاء القبض عليه، أورد بهيشتي على مُدوّنته أنه تلقى تهديدات، بل نسبت إليه «منظمة العفو الدولية» أنه قال: «أرسلوا إلي رسالة هذا نصّها (أبلغ أمك أنها سترتدي السواد قريباً لأنك لا تغلق فمك الكبير)». في سياق متّصل، أصدرت محكمة بحرينية حكماً بالسجن لفترة 4 أشهر لشخص، وشهر لآخر، بتهمة إهانة الملك عبر تغريدات على موقع «تويتر» للتواصل الاجتماعي. ونشر الموقع الإلكتروني لصحيفة «الوسط» البحرينية، هذه المعلومات متوقّعاً صدور حكم بحق متهم ثالث في هذه القضية، لافتاً إلى أن متّهماً رابعاً حُكِم بالسجن لستة أشهر في القضية عينها. وأوضحت السلطات البحرينية أن التفاوت في هذه الأحكام راجع إلى الاختلاف في العبارات المستخدمة في تلك التغريدات.