ساد الهدوء الحذر مدينة صيدا أمس، بعد الحادث الدموي الذي حصل عصر الأحد وخلّف 3 ضحايا وعدداً من الجرحى بينهم مسؤول «حزب الله» في منطقة تعمير عين الحلوة وعناصر آخرون من الحزب، نتيجة حال الاحتقان بين مناصريه وبين أنصار إمام مسجد بلال بن رباح الشيخ أحمد الأسير. وشهدت المدينة اقفالاً تاماً للمحال التجارية والمؤسسات فيما شيّع أنصار الأسير اثنين من مناصريه لبنان العزي وعلي سمهون اللذين دفنا في دوار الكرامة على الأوتوستراد الشرقي للمدينة الذي سبق أن كان موقع اعتصام نفذه الأسير قبل 3 أشهر للمطالبة بتسليم «حزب الله» سلاحه للدولة. واتخذ الجيش وقوى الأمن الداخلي تدابير أمنية مشددة، منعاً لتجدد الاحتكاك بين الجانبين في المدينة، وتحدثت مصادر أمنية عن حصول مداهمات بحثاً عن مطلقي النار أول من أمس حين وقع الإشكال بين الجانبين على خلفية إزالة مناصري الأسير لافتات ل «حزب الله» رفعها لمناسبة اقتراب ذكرى عاشوراء، بينها صور للأمين العام للحزب السيد حسن نصرالله. وفيما لوّح الأسير الذي أحاط به مسلحون من أنصاره أثناء التشييع باتخاذ خطوات رداً على مقتل مناصريه، زار والد الضحية الثالثة الشاب المصري علي شربيني، والذي كان ماراً في المنطقة التي وقع فيها الاشتباك، الأمين العام ل «التنظيم الشعبي الناصري» أسامة سعد وطالب بالاقتصاص من القتلة. وتكثفت الاتصالات لاستيعاب ردود الفعل على الحادث الدموي، لا سيما من قبل النائب بهية الحريري. واتهم الأمين العام ل «تيار المستقبل» أحمد الحريري ما اعتبره خلية من «حزب الله» بإطلاق النار أثناء الإشكال الذي وقع بين أنصار الأخير ومناصري الأسير، وسمى بعض أعضاء هذه الخلية. وهدفت الاتصالات الى منع المظاهر المسلحة في الشارع نظراً الى حساسية الوضع في صيدا على صعيد العلاقات السنية – الشيعية. ونبّه رئيس الجمهورية من «خطر الانزلاق الى الفتنة في الداخل»، ودعا الى تخفيف لهجة التخاطب السياسي وطلب البحث عن مسببي الحادث وإحالتهم على القضاء المختص. وفي مجال آخر، أعلن أمس أن زعيم «تيار المستقبل» رئيس الحكومة السابق سعد الحريري سيزور الفاتيكان ليومين من أجل لقاء البابا بنديكتوس السادس عشر ووزير خارجيته المونسنيور دومينيك مامبرتي وعدد من المسؤولين، يرافقه مدير مكتبه نادر الحريري ومستشاره داود الصايغ. وقال الأمين العام ل «حزب الله» السيد حسن نصرالله في مهرجان «يوم الشهيد»، إن «البعض يريد لنا أن ننسى ماضينا، كما يريد منا أن ننسى نحن ماضيه لنكون أمام انقلاب بالمقاييس فيصبح المقاوم متهماً بوطنيته وقاتلاً ومجرماً لمجرد التهمة السياسية، ويصبح العميل التاريخي والقاتل في وضح النهار حريصاً على الوطن». وزاد: «وصلنا الى نقطة أن العدو يعترف بواقع الردع الذي أوجدته المقاومة في لبنان... وفي هذا السياق طائرة أيوب كانت خطوة متقدمة، والإسرائيلي قال إنها حادثة خطيرة جداً... بينما لبنانياً جماعة 14 آذار بدأوا بالبكاء واللطم... وعلى ذمتي بعضهم كان يطلب من الله أن يعتدي الإسرائيلي لكنه خيب آمالهم... هذا الفريق لم يؤمن قسم منه بالمقاومة من الأساس والجزء الذي كان حليفاً لسورية وأصبح مع 14 آذار اليوم لم يؤمن بالمقاومة ولكنه يبدل جلده وفق المواقف». وتطرق نصرالله للحوار الوطني، وقال «الذين يقاطعون الحوار ويضعون شروطاً، من كرم أخلاقنا وترفعنا نجلس معكم الى طاولة الحوار، ونقبل مناقشة الاستراتيجية الدفاعية معكم... هل من الإنصاف أن يجلس هؤلاء الى طاولة الحوار بينما فصائل قاومت وقاتلت إسرائيل لا تجلس الى هذه الطاولة؟ منها الحزب الشيوعي اللبناني، والجماعة الإسلامية وحركة التوحيد الإسلامي وأيضاً التنظيم الشعبي الناصري... كما يحق للآخرين وضع شروط للعودة الى الحوار. لماذا لا يحق لنا وضع شروط؟». وتناول نصرالله «جريمة اغتيال اللواء وسام الحسن التي أدخلت لبنان الى مشهد جديد والأزمة قائمة ومستمرة، وعندما يقع حدث بهذا الحجم ما المطلوب؟ المطلوب من كل القيادات السياسية التصرف بمسؤولية وطنية لأن أي تصرف خاطئ قد يفجر البلد، وأنا أوصّف». وقال «بعد اغتيال اللواء الحسن وجه الاتهام، بعضهم أخذ الاتهام باتجاه، والبعض أراد أخذ الوضع الى الداخل وبدأوا اتهام حزب الله وعدنا الى موضوع أن أكبر ضابط في الدولة سنّي قُتل وقاتله شيعي... هذا الذي قال من أول ساعة إن حزب الله قتل الحسن الى أين يريد الوصول؟». ولفت نصرالله الى أن البعض قال إن «هناك أشخاصاً كانوا موجودين في موقع جريمة اغتيال الحسن، فليعطوا صورهم للتحقيق، والأخطر هو الذهاب للعبة الشارع، نزل أناس مسلحون وقطعوا الطرقات، وغير صحيح القول إن أهل السنة قطعوا الطرقات، الى أين تريدون اخذ البلد؟ وصولاً الى القتال في طرابلس واستدراج قتال في الطريق الجديدة مع الشياح، لمصلحة من؟.. كان هناك انضباط كبير من الشارع الآخر... البعض في 14 آذار كان ينتظر كيف تشتعل الأوضاع، تم تفويت هذه الفرصة بالوعي... والأميركي والغربي لا يريد انفجار الوضع لأنه يعتبر أن هذا يخدم النظام السوري». واعتبر حادثة صيدا مؤسفة جداً، معتبراً أن هناك من يريد أن يأخذها الى الفتن، داعياً الى عدم الأخذ بالتضليل والعصبية والتحريض والإشاعات... «والدولة يجب ان تتحمل مسؤوليتها». واتهم الفريق الآخر «باعتماد منهج إقصائي الغائي، وفي 2005 شكلتم حكومة ودخلت إليها أمل وحزب الله وكان يجب إقامة أوسع شراكة ولكن تم استبعاد العماد ميشال عون الذي أثبت انه أقوى زعيم مسيحي وما زال، وخرجنا لاحقاً منها واستمرت من دوننا خلافاً لوثيقة الميثاق الوطني، وأكملتم الى أن جاء اتفاق الدوحة وأنتم بالقوة قبلتم بحكومة الوحدة الوطنية، الأولى والثانية وسقطت الحكومة (برئاسة الحريري) وكلف ميقاتي بتشكيل الحكومة وقلنا إننا موافقون على حكومة وحدة وطنية ولكن انتم رفضتم، وعندما كنتم بالحكومة قاطعتم الحوار واليوم في المعارضة قاطعتم الحوار، وهم يقولون إذا أخذوا الأكثرية يريدون حكومة منهم فقط»، ودعا الفريق الآخر الى خوض الانتخابات «بالقانون الذي قدمته الحكومة».