دمشق، بيروت - «الحياة»، أ ف ب، رويترز - في خطوة يمكن أن تمنح المعارضة السورية اعترافاً دولياً بشرعيتها لتمثيل الشعب السوري، وبعد مفاوضات مارثوانية استمرت حتى فجر أمس، توصلت فصائل المعارضة إلى اتفاق شكلت بموجبه «الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية» الذي يستهدف إسقاط نظام الرئيس بشار الأسد. وستنبثق من الائتلاف هيئة قيادية تنفيذية وحكومة موقتة فضلاً عن توحيد المجالس العسكرية في الداخل تحت لواء الائتلاف. وليل أمس تم إختيار الامام السابق للجامع الاموي في دمشق معاذ الخطيب لرئاسة «الائتلاف» بعدما كان المرشح الوحيد للمنصب. وهو من الشخصيات المعارضة وسجن غير مرة بعد انطلاق الثورة ويثقال انه من «الشخصيات المقبولة» في الداخل. وأعربت أطياف من المعارضة ترحيبها بالاتفاق، مشددة على أنها «تنتظر» الاعتراف الدولي الموعود. وقال معارضون إنهم تعرضوا لضغوط كبيرة كي يوقعوا الاتفاق، منتقدين «الائتلاف الوطني» لأنه «مشروع يسعى إلى حل سياسي غير واضح المعالم وغير واضح أيضاً فيه مصير بشار الأسد». وجاء اتفاق الدوحة مع تواصل نزوح آلاف المدنيين من ريف حمص بسبب الغارات الحكومية العنيفة. فيما قصف الطيران الحربي النظامي مدينة البوكمال في دير الزور ورأس العين على حدود تركيا. كما أطلقت إسرائيل طلقات تحذيرية تجاه سورية للمرة الأولي منذ عام 1973 ما يعزز المخاوف الدولية من تمدد النزاع السوري إقليمياً. وقال المعارض البارز رياض سيف، الذي كان صاحب المبادرة التي تم على أساسها التوصل إلى «الائتلاف الوطني»، «وقعنا بالأحرف الأولى على اتفاق تأسيس الائتلاف الوطني في وثيقة من 12 بنداً». وقال الرئيس السابق للمجلس الوطني عبد الباسط سيدا ل «الحياة» إن «الحكومة الانتقالية ستتشكل بعدما يحصل الائتلاف على الاعتراف الدولي»، موضحاً إن مقر «الائتلاف الوطني» سيكون في القاهرة لأن لها رمزية خاصة وفيها مقر الجامعة العربية، وسيكون مقر الحكومة الانتقالية «الأراضي المحررة داخل سورية». وأشاد الرئيس الجديد ل «المجلس الوطني السوري» جورج صبرا بالاتفاق، وقال ل «الحياة» إن التوقيع على تشكيل الائتلاف يمثل «خطوة مهمة نأمل أن توصف بشكل قوي باتجاه إغاثة شعبنا وتأمين احتياجاته في الداخل... ويجب أن تكون هذه الخطوة كبيرة باتجاه إسقاط النظام ولا معنى لها إن لم تفعل شيئاً ملموساً». وقال رئيس الحكومة السورية المنشق رياض حجاب ل «الحياة» إن ما تحقق هو إنجاز كبير للمعارضة وتوحيد صفوفها يُشكل خطوة متقدمة لإسقاط النظام. ورأى أن «توحيد صفوف المعارضة يشكل مظلة سياسية تطالب بالاعتراف بها كممثل للشعب السوري». وقال زياد أبو حمدان من «تجمع أحرار سورية» أن «اللجان الفنية ولجنة الصياغة لا تزال تعمل على استكمال النظام الأساسي للائتلاف الوطني السوري». وأضاف: «لم يعد يوجد أي خلاف الآن حول الاتفاق» وأنه «يجري الآن أيضاً البحث في نقطة الحكومة الانتقالية وما إذا ستكون بالتوافق أو بالانتخاب». وذكر مشاركون في الاجتماعات أن الحكومة الموقتة التي ستنبثق من الائتلاف ستتألف من 10 أعضاء فيما يفترض أن يكون الائتلاف مكوناً من ما بين 55 و60 عضواً مع إمكانية رفع عدد أعضائه في وقت لاحق. ويفترض أن يشرف الائتلاف أيضاً على «صندوق إنقاذي» لمد المساعدات إلى الداخل السوري، وعلى إنشاء لجنة قضائية لملاحقة النظام السوري دولياً. وقال المراقب العام السابق لجماعة «الإخوان المسلمين» في سورية علي صدر الدين البيانوني والمعارض البارز هيثم المالح إن توقيعاً احتفالياً رسمياً على الاتفاق كان مقرراً في الدوحة بحضور شخصيات عربية ودولية. كما كان مقرراً انتخاب رئيس ونائب رئيس للائتلاف الجديد. في موازاة ذلك، وجه رئيس «الأمانة العامة « ل «إعلان دمشق داخل سورية» سمير نشار انتقادات شديدة لاتفاق الائتلاف الوطني. وقال ل «الحياة» إن الاتفاق جرى توقيعه تحت ضغوط كبيرة. وقال: «نتحفظ عن توقيع الاتفاق... لأننا نرفض توقيع مشروع يسعى إلى حل سياسي غير واضح المعالم وغير واضح أيضاً فيه مصير بشار الأسد، الاتفاق مشروع حل سياسي وليس فيه دعم للجيش الحر». وتابع: «إعلان دمشق يرفض التوقيع على الاتفاق بالأحرف الأولى، كما نرفض صيغة الائتلاف. وهناك أعضاء حراك رفضوا أيضاً الذهاب إلى الاجتماع». وعلمت «الحياة» أن مجموعة العمل الوطني «المشاركة في عضوية المجلس الوطني ستدعو إلى اجتماع خلال أيام لمناقشة» الائتلاف «لتحديد موقف»، وأنها ستراعي موقف الحراك الثوري والشارع من الائتلاف الجديد ومدى انسجامه مع أهداف الثورة». وقالت مصادر قيادية في «المجلس الوطني» إن «هناك ضغوطاً مورست على المجلس للتوقيع على اتفاق الائتلاف شاركت فيها دول عربية وأجنبية بشكل واسع». وتابعت: «نحن (في المجلس) اقترحنا فكرة الاتفاق لكن المخاوف موجودة من سيناريو حل قد يفرض على سورية». وقال مصدر قيادي سوري واسع الاطلاع: «تلقيت معلومات من مصدر قريب من الروس قال إنه يوجد الآن تفاهم روسي - أميركي على ملامح الحل السياسي في سورية» يرتكز على ثلاث نقاط هي «الموافقة على دخول قوات حفظ سلام وهو ما طرحه الموفد الدولي العربي الأخضر الإبراهيمي. وإنشاء كيان جديد بديل عن المجلس الوطني السوري نظراً لاعتراض الروس على المجلس وإصرارهم على كيان جديد. والنقطة الثالثة الدخول في حوار ومفاوضات مع النظام من دون ضمانات في شأن رحيل أو تنحي بشار قبل ذلك». ومع تسارع وتيرة التطورات في سورية، يعقد اليوم اجتماع غير عادي لمجلس الجامعة العربية على مستوى وزراء الخارجية لمناقشة الوضع في سورية، إلى جانب قضايا أخرى من بينها دعم الطلب الفلسطيني للحصول على صفة دولة غير عضو بالأممالمتحدة. ومن المقرر أن يشارك الممثل المشترك للجامعة والأممالمتحدة إلى سورية الأخضر الإبراهيمي في الاجتماع حيث يقدم للوزراء تقريراً حول جهوده لحل الأزمة وأفكاره خلال الفترة المقبلة. ويسبق الاجتماع الوزاري اجتماع للجنة الوزارية العربية المعنية بتطورات الوضع في سورية برئاسة قطر. وسيتم اطلاع أعضاء اللجنة على نتائج مؤتمر المعارضة السورية في الدوحة، والاستماع إلى رؤية الأوضاع لكيفية العمل والتحركات اللازمة وترفع اللجنة توصياتها إلى مجلس الجامعة. وأفادت مصادر عسكرية إسرائيلية ليل أمس أن القصف الإسرائيلي لموقع إسرائيلي تعمد عدم إصابة الموقع. وتابعت المصادر أن الجيش استخدم صاروخاً مضاداً للمدرعات دقته عالية. كما رفعت إسرائيل شكوى إلى قوات الأممالمتحدة المتمركزة في الجولان محذرة من أنه «لن يتم التساهل مع إطلاق النار الوارد من سورية إلى إسرائيل وسيكون ردنا قاسياً».