يعمد البعض إلى السهر خلال الإجازات، لعدم ارتباطهم في عمل أو دراسة. إلا أن السهر لدى البعض «ضرورة»، لا يمكن التنازل عنها، حتى مع وجود الارتباطات. تقول حنان عبدالله: «لا أتمكن من النوم ليلاً، وإن حصل فلإحساسي بالتعب، وأستيقظ قبل الثانية فجراً لأكمل يومي، وأعود إلى النوم ظهراً». ولا تشعر حنان بالنشاط والقدرة على العمل في المنزل إلا ليلاً، «ما أدّى إلى التزام أبنائي بالنظام ذاته، فبمجرد عودتهم من المدرسة، يتوجهون إلى الفراش حتى التاسعة أو العاشرة مساءً للبدء في إعداد وجبة العشاء، وهي الغداء أيضاً ومن ثم المذاكرة». ما شجّع على استمرار هذا الوضع عودة زوجي من عمله قبيل المغرب، فيخلد إلى النوم، كما تقول حنان التي تُقرّ بأن الكثيرين ينتقدوها، «إلا أنهم لا يعلمون أنني لا أرتاح إلا بهذا النظام، وأشعر بعدم الراحة والارتباك، إن نمت باكراً واستيقظت صباحاً». ويطلق محمد عبدالمحسن على أصدقائه مصطلح «الليليين»، فهم «يجتمعون ليلاً في ديوانية منزله»، ويقول: «على رغم التزامهم في الدراسة، إلا أن ذلك لم يمنعهم من السهر ومتابعة التلفزيون وتدخين الشيشة»، التي يطلق عليها مازحاً «رفيقة السهرة»، ويكمل: «إن حاولت النوم في ال11 مساءً، لا أتمكن من ذلك، حتى اتعب من الاستلقاء، وافتح «الديوانية» التي تمقتها والدتي، وتشير إلى أن سبب السهر وجودها في المنزل». وعن دراسته، يذكر محمد «أدرس في الصف الثاني الثانوي، ولي خمسة من زملائي، لهم النظام الحياتي ذاته، إلا أنني أشعر بأن ذلك لا يؤثر في دراستي، وكثيراً ما ضغط عليّ والدي وإخوتي، وحاولت تعديل برمجة يومي، إلا أنني لا أكون بالنشاط ذاته». وإذ كانت والدة محمد تكره «الديوانية»، يرى جواد شهاب أن وجود الاستراحات في المدن جعلها «ملاذاً» لشريحة كبيرة من الناس، ويقول: «نستأجر المزرعة سنوياً، وحين بدأنا في ذلك كان قبل خمس سنوات، تولينا العناية بها، إضافة إلى بعض الحاجات، في حين يُقسم المبلغ على 12 شخصاً، وتستمر السهرة حتى الثالثة فجراً، وتبدأ في التاسعة»، مشيراً إلى أن السهرة «لا تخلو من الشيشة، والأفلام المطروحة حديثاً في الأسواق، إذ نقوم بشرائها ومشاهدتها، إضافة إلى إعدادنا أطباق الأكل، وتحديداً الرز ليلاً». ويؤكد علي الثواب وهو أحد المترددين على استراحة، يرتادها أصدقاؤه، أن زوجته «كانت في بداية الأمر تشعر بالضيق، لتركي المنزل والعودة فجراً، إلا أنها اعتادت الأمر، بعد أن ذهبت للسهر في منزل والدها أو مع صديقاتها، فأصبح نظامنا واحداً»، وعن وسائل الترفيه والتسلية في الاستراحة، قال: «البلايستيشن والكمبيوتر ومشغل أقراص الفيديو، إضافة إلى الشيشة، التي تعتبر أساساً لسهرات الشباب عموماً». بدوره، أكّد الاختصاصي النفسي أسعد النمر، أن «مصطلح الليليين ينطبق على الأشخاص المصابين بالأرق عادة، إذ يتولون أعمالهم ليلاً، ومن الطبيعي أن ينام جزءاً من النهار، حتى يتعود الجسم على ذلك»، منوّهاً إلى أن هناك ما يسمى ب«الساعة البيولوجية، ومن التكوين الرباني أن يكون الليل للنوم والنهار للنشاط، بمعنى أن النظام الداخلي من وظائف الجسم والجهاز العصبي، إضافة إلى الساعة البيولوجية والمسؤولة عنه منطقة في الدماغ، فما يحدث أنه عندما يعتاد على النوم في ساعة معينة، يريد أن ينام في اليوم الثاني في الساعة ذاتها، فالجسم أصبح مُبرمجاً، ولكن من الممكن تغيير هذه البرمجة». ولفت النمر إلى أن هناك فروقاً فرديةً بين شخص وآخر في مسألة التحول الفسيولوجي للساعة البيولوجية، «ففترة التغير مُتعبة، وتخلف التوتر والضغط النفسي وعدم التكيف بسبب التغير القصري لنظام اعتاده الجسم، والسؤال الأهم: ما الأضرار لهذا التغير على المدى البعيد؟ ونلاحظ أن الموظفين في الدوام المتقلب يمرون بظروف التوتر النفسي، بسبب عدم انتظام الساعة البيولوجية، وهذا لا يعني أن من ينامون ليلاً ويستيقظون نهاراً يصبح أداؤهم ممتازاً، فمستوى التركيز يقل والوظائف العقلية أقل كفاءة». وعن لجوء البعض إلى المنومات، يقول: «المنومات تؤدي إلى الإدمان، لأنها عبارة عن مهدئات، وعليه فإن أي عقار مهدئ يؤدي إلى الإدمان».