منذ أن خلق الله سبحانه وتعالى الإنسان ميّزه عن سائر الخلق، وكذا ميّزك الله سبحانه بين خلقه أيضاً، عن باقي الناس جميعاً، بصفات وميزات لا توجد إلا عندك أنت، ولا يتصف بها غيرك... فخواص عقلك مميزة... وخواص حبك مميزة... وابتسامتك مميزة... وحتى غضبك وصمتك مميز، فلتكن ضربات فرشاتك مميزة في رسم لوحة حياتك، فأنت لم تُخلق هكذا عبثاً، حاشا لله من العبث! بل خُلقت لدور منوط بك أن تقوم به، هكذا أراد لك الله أن ميّزك بصفات كثيرة تميزك عن غيرك. ألا ترى من حولك، النباتات والأشجار كيف تنبت وتنمو وتزهر وتثمر؟ هل أنت أضعف إرادة أو قوة أو عزيمة، وبذلك أقل إنتاجاً وإيجابية من تلك الأشجار والنباتات؟ استثمر ما ميّزك الله به من اختلاف عن الآخرين، واجعل من هذا الاختلاف ميزة لك تميزك عن الآخرين، اعلم أنك فريد في هذا، وهكذا كل ما تختص به فهو فريد، فلم ولن يختص بها غيرك، لا تستهين بما يميزك فهذه ثروتك، وهذا كنزك الذي لا يقدر بثمن، وهنا تكمن قيمتك الحقيقية. ليس عليك أن ترث إرثاً عظيماً لكي تكون مميزاً، أو لتبدأ عملك لتنتهي بنجاحات متلاحقة ومتتالية، وإن كان لابد من أن يكون بين يديك ما يمكنك من الانطلاق، إلا أن إغراقك بذلك سيعود عليك سلباً على الأقل نفسياً، إذ لا طعم لنجاحات، المشاركة الكبرى فيها من صنع الآخرين، وسوؤها إن كانت على حساب الآخرين، الأفضل أن تقوم أنت بذلك بجهودك وقواك الشخصية، وأن تتقدم خطوة خطوة لتتذوق طعم النجاحات على أساس طعم مصارعة الصعاب والتغلب على العوائق، فذلك ألذ وأجمل وأنقى. تكمن في داخلك طاقة كبيرة وإمكانات هائلة، فاستجمع هذه القوى، وفجر هذه الطاقات الكامنة بتسلسل زمني يوصلك إلى الأعالي، وتأكد أن الفشل في الحقيقة بعيد من طبيعتك الإنسانية التي فطرك الله عليها، وما ميزك الله سبحانه به من خواص هي أقرب للنجاح، ما عليك إلا أن تبذر بذار مواهبك الأصيلة في التربة المناسبة، وتحت الظرف الملائم؛ لتنبت شجراً طيباً يزهر ويثمر، وعند حسن اختيارك المكان والزمان لتنمية تلك المواهب والمهارات ستجد الأبواب مفتوحة أمامك والفرص كثيرة تلقي بنفسها إليك، ابدأ اليوم لا غداً، ولا تخف من قلة خبرتك، فطالما جاءت الخبرات في الطريق، وإن أكلت بعض سنينك فلا بأس؛ لكنها ستقدم لك سلاحك الأقوى والأمثل تتسلح به باقي حياتك، فأنت تتعلم أفضل الدروس على جلدك، ونحن لا ندعو هنا بعدم الاستفادة من خبرات الآخرين، بل عدم التخوف من الإقدام للقيام بما يجب القيام به لكي تتميز، فلا تسمع للمثبطين، فربما ما كان صالحاً للأمس لم يعد كذلك اليوم. قف أمام مرآتك فسترى إنساناً مميزاً يستطيع أن يقوم بالكثير، وأن يقدم الكثير، وما عليك إلا أن تبدأ برمي جلدك القديم، الذي أغبرته سنين الوهن والكسل والتردد والخوف من المجهول، ارمِ به وبكل ما علق عليه من عادات سيئة، أجلستك في الظلام، لتلبس جلداً جديداً جميلاً يميزك بكل ما هو جميل ومبدع. تأكد أن الفرق الحقيقي بين أولئك المميزين وكل الذين فشلوا هو فرق العادات بينهم، راجع عاداتك القديمة كلها اليوم، وحاول أن تبنيها من جديد، واسلك طريق عادات جديدة إيجابية، وتخلص من عبوديتك لعاداتك السيئة القديمة. تميز بالعلم والعمل لا بالجهل والكسل... كن مميزاً بحبك لنفسك وللآخرين، لكي تكون إنساناً بين الناس، فأحب هؤلاء الناس، فإن تحب هو أن تحب كل شيء من حولك... كن مميزاً في تصرفاتك الإيجابية اليومية... كن مميزاً في كلمتك الطيبة... قدم أنت بنفسك هذا التميز ليستفيد منه الآخرون، فيكون تميزك إيجابياً ونافعاً... كن مميزاً في حبك للشمس والنور الذي يضيء دربك؛ ولكن تميز بحبك للظلام الذي هو السبب في تلألؤ النجوم. كن قائداً لتميزك في حياتك، ولا تنتظر من الآخرين أن يقودوك إلى حيث هم يريدون، بل انطلق إلى تميزك أنت، وقدم هذا التميز بقالب يليق بك أنت، وبجهدك أنت، الذي يجب أن يكون مميزاً لكي تكون نجاحاتك مميزة. اجعل من إبداعاتك فريدة ومميزة، فهي لا تشبه أي إبداع. [email protected]