كيف يمكن لمصرف اميركي، احتاج الى 10 بلايين دولار من اموال دافعي الضرائب كي لا يُفلس نهاية العام الماضي، ان يعود الى تحقيق ارباح من عمليات الوساطة وتجارة الاسهم والمشتقات والاوراق المالية متوسطها مئة مليون دولار يومياً. الجواب الذي تم تداوله امس في الاوساط المالية كان الآتي: اولاً انها «المعجزة الاميركية» والثاني «ان المصرف استخدم كامل شجاعة وسطائه وبراعتهم لتنفيذ عمليات خطرة مراهناً على ان ازمة الائتمان انتهت». واظهرت البيانات المالية، التي كشفها بنك الوساطة «غولدمان ساكس» انه حقق ما معدله 100 مليون دولارا ارباحاً يومية خلال 46 يوماً في الربع الثاني من السنة، ولم يخسر اكثر من 50 مليون دولار في يومي تداول فقط في نيسان (ابريل) الماضي. وكان «غولدمان» الذي الغى عشرات الاف الوظائف حول العالم مع بداية الازمة، حوّل صفته من مصرف للوساطة الى مصرف عادي ليتأهل للحصول من وزارة الخزانة الاميركية على دعم بقيمة 10 بلايين دولار من حزمة الانقاذ المالية التي خُصصت للمصارف. ونجح المصرف برد «اموال الانقاذ» في الربع الاول، مع فائدتها البالغة1.42 بليون دولار ل «يتحرر» من سلطات الرقابة الاميركية ويعود الى ممارسة نشاطه في مجال التداول الحر في الاسواق الاميركية والدولية. وقال وليم كوهن المصرفي السابق في «جي بي مورغن» ومؤلف كتاب «هاوس اوف كارد» لتلفزيون «بلومبيرغ» ان الامر بسيط جداً خصوصاً مع غياب منافسين كبار عن الاسواق وحرية مطلقة لدى اركانه من دون رقابة شديدة من مجلس الاحتياط او السلطات المصرفية بعدما دفع اموال الانقاذ وعاد الى ممارسة آلية العمل وفق نظام السوق. واستفاد «غولدمان» من السيولة الرخيصة في الاسواق، التي امنتها الهيئة الفيديرالية للودائع، واستدان ما يزيد على 25.1 بليون دولار لتنفيذ عمليات شراء اوراق مالية واسهم وسندات وبيعها في اوقات ذروة الاسعار ومع تغير مؤشرات البورصة. واعترف «غولدمان» في بياناته المالية اول من امس انه تلقى اتصالات عدد من الوكالات الفيديرالية للرقابة التي وجهت له اسئلة عن نشاطاته في الاسواق لكنه لم يكشف ماهيتها مكتفياً بانه «يتعاون معها جميعاً». وكانت وزارة العدل الاميركية قالت الشهر الماضي انها تُحقق في عمليات «تداول اوراق مالية» بقيمة 27 تريليون دولار، وانها تُركز على نشاطات «ماركت غروب ليميتد» التي تؤمن معلومات مالية من لندن، ويُساهم فيها كل من «غولدمان ساكس» و «بنك اوف اميركا» و «جي بي مورغن» و «بنك اوف اسكتلند». وهي جميعاً تعثرت في بداية الازمة المالية وسارعت الحكومات الى ضخ الاموال فيها او دمج عملياتها مع مصارف اخرى. وتريد وزارة العدل الاميركية الحصول على المعلومات كافة عن المراسلات بين مالكي المجموعة والرؤساء التنفيذيين للشركات التي تؤمن خدمات المشتقات المالية اضافة الى المراسلات مع بنوك الوساطة. يُشار الى ان ل «غولدمان ساكس» نشاطات واسعة في العالم العربي، انطلاقاً من دبي، واوصى امس في مذكرة الى زبائنه في المنطقة بشراء اسهم شركة طيران «العربية» ومركزها في دبي مع سعر سهم مستهدف يصل الى 1.34 درهم، وعلى الفور ارتفع سعر السهم 4 في المئة.