لم يكن قد مر على مجزرة هيسل سوى 4 سنوات بينما كانت انكلترا تجمع شتات صورتها الكروية امام العالم حتى جاء يوم 15 شباط (فبراير) 1989 ليضرب كل شيء في تلك الامسية، إذ كان على ليفربول ان يقابل نوتنغهام فوريست في نصف نهائي كأس انكلترا على استاد «هيلزبره» في مدينة شيفيلد. لم يكن في الحسبان ان يتدافع جمهور ليفربول الذي كان في اوجه ذلك الوقت وخلف هذا التدافع 96 قتيلا من انصار «الريدز» في واحدة من اكثر الكوارث الدرامية في عالم كرة القدم على مر التاريخ. المباراة اعيدت بعد ايام قليلة وفاز ليفربول (3-1) وتأهل الى المباراة النهائية لكن القضية الاساسية لم تمت لأن عائلات الضحايا قاتلت طيلة 23 عاما للكشف عن حقيقة ما جرى في ذلك اليوم المشؤوم خاصة ان تقرير الشرطة لم يكن مثاليا والقى اللوم على بعض جماهير ليفربول الثملين على حد ما جاء في التقرير مما اعتبر انه بعيد عن النزاهة. عائلات الضحايا ال 96 حاربت التقارير الكاذبة على حد قولها مطولا وكانت تطالب بالعدالة لأنصاف الذين قتلوا ومنهم اطفال وشبان وطاعنين في السن ايضا. على كل حال المعركة تحولت الى انتصار كبير للعائلات لأن الشرطة البريطانية اتهمت بالفشل التام لعجزها عن التعامل بحرفية مع الحادثة انذاك وابدت شرطة ساوث يوركشاير (شمال انكلترا) والتي تدور الشبهات حولها انها مع احلة القضية الى الجهات التي تتولى الرقابة على عمل الشرطة في البلاد. اصابع الاتهام كانت واضحة منذ البداية فالجميع كان يعرف لان تقرير الشرطة اخفى حقائق دامغة حول تعاملها مع الكارثة واخفيت ادلة دامغة تدين افراد الشرطة الذين كانوا قادرين على انقاذ حوالي 41 من الضحايا لو تعاملوا بسرعة وحرفية مع الحادثة ولم يكن هناك خطة طوارئ ملائمة والدليل انه تم تعديل 116 تقرير من اصل 164 حول الحادثة من اجل اخفاء حقيقة ان الشرطة لم تكن على قدر المسؤولية. القضية الان اتخذت منحى آخر وتقول رئيسة لجنة الشكاوى المستقلة دبرا غلاس « تأثيرات ما حدث بعد الكارثة لم يتم التحقيق بها ابدا واهمية عملنا الان ستكون التواصل مع العائلات واشخاص اخرين مرتبطين واستطيع القول اننا بدأنا باتصالاتنا والعمل يسير بشكل جيد». ويتوقع ان يكون رئيس شرطة غرب يوركشاير السير نورمان بيتيسون على رأس من سيشملهم تحقيق لجنة الشكاوى المستقلة لمعرفة دولاره في اخفاء الحقيقة وتحويل الانظار الى الجماهير وتحميلها المسؤولية . ويبدو ان بيتيسون سيواجه عاصفة لأن عضو البرلمان ماريا ايغل طالبت بأقالته على الفور لأن دوره كان واضحا في الكارثة على عكس ما يعرف الرأي العام. لجنة الشكاوى المستقلة ستكون حازمة وحاسمة عبرت في بيان اضافي « ان الضباط الذي سرحوا من الخدمة بالتعاقد لن يكونوا بعيدين عن التحقيقات بل سيتم استجوابهم «. وتقول دبرا غلاس « سنستمع الى كل ما هو مرتبط بالكارثة فالعائلات انتظرت 23 عاما حتى الان لتصل الى الحقيقة والعدالة «. وكان هناك كلمة مؤثرة لرئيسة مجموعة عائلات الضحايا مارغريت اسبينال التي خسرت ابنها جيمس (18 عاما) في الكارثة حين قالت: «لقد ظهرت الحقيقة الشهر الماضي والن يجب ان تأخذ العدالة مجراها». وكما هو معروف فقد قدم رئيس الوزراء البريطاني دافيد كاميرون اعتذاره لعائلات الضحايا بعد صدور نتائج التحقيقات التي جرت حول الحادثة واثبتت تورط الشرطة بشكل اساسي وتحميلها المسؤولية. المباراة بين ليفربول ونوتنغهام فوريست اعيدت يوم 7 ايار (مايو) 1989 على استاد «اولد ترافورد» وفاز ليفربول (3-1) وتأهل الى المباراة النهائية ليحرز اللقب بفوزه على غريمه التقليدي ايفرتون (3-2) بعد تمديد الوقت في 20 ايار (مايو) لكن هذا اللقب كان ملطخا بالدماء.