أظهرت جماعة «الإخوان المسلمين» في مصر أمس إصراراً على المضي في طريق المواجهة، وتبرأت من دعوات إلى المصالحة، كما برأت ساحتها من أعمال العنف التي جرت في البلاد خلال الشهور الماضية. ويأتي بيان الجماعة الذي حمل توقيع أمينها العام الفار خارج البلاد محمود حسين، عشية إحالة الرئيس المعزول محمد مرسي على محكمة الجنايات في قضية رابعة متهم فيها ب «اختلاس وثائق أمنية وتسريبها إلى قطر». وقالت الجماعة في البيان إنها «لم تكن طرفاً ولن تكون طرفاً في أي عبث يقوّض مستقبل البلاد والعباد». وأشارت إلى أنها «ماضية في الحراك الثوري المتصاعد حتى النصر وعلى موقفها الواضح من السلمية انطلاقاً من فهمها العقدي لمنهج التغيير الذي تلتزمه ولا تقبل بغيره بديلاً». واعتبرت أن «من ينسب نفسه إلى الجماعة يجب أن يكون هذا نهجه وتلك سيرته، فإن دعا إلى غير ذلك أو اختط لنفسه نهجاً غير نهج الجماعة فهو ليس من الجماعة وليست الجماعة منه». ولفتت إلى أنها «غير معنية بالمشاركة في جدل الحملات الإعلامية المشبوهة الساعية إلى إفلات المجرمين من الحساب العادل أو أي طرح لا يترتب عليه إنجاز حل شامل وعادل يحقق كل أهداف الثورة وتطلعات الشعب». وقالت إنها «لن تمنح القتلة مخرجاً آمناً قط ولن تسمح بإفلات مجرم من العدالة ولن تسامح في حقوق الشعب وضحايا سلطة الانقلاب». وأشارت إلى «تمسكها بحقوق الشعب المصري كاملة وعدم تفريطها في استعادة ثورة 25 يناير ومكتسباتها الدستورية والمسار الديموقراطي». واستبعد الخبير في الحركات الإسلامية عمار علي حسن في شدة حصول مصالحة بين «الإخوان» والدولة، معتبراً أن بيان «الإخوان» أمس جاء «لنفي ما يطرح في شأن المصالحة بعدما أحدث بلبلة داخل صفوف الإخوان». وأوضح حسن ل «الحياة» أن «القرار داخل الإخوان بيد قلة، وهؤلاء تسيرهم قوى إقليمية ممثلة في تركياوقطر ومصالح يرتبط بها قادة التنظيم الدولي والقيادات الإخوانية في الخارج، وهؤلاء فقط هم الذين يؤخذ كلامهم على محمل الجد». وأضاف أن «حديث محمود حسين يعبر عن موقف الإخوان ويجب التعامل معه على هذا النحو، وأكد أن القرار ليس بأيدي من طرحوا المصالحة، وهؤلاء فعلوا ذلك إما لإنقاذ أنفسهم أو أنهم يعيدون تسويق أنفسهم للمجتمع، بعدما أيقنوا أن لا مستقبل لهم، وبعضهم الآخر يجري بتنسيق مع القيادة في الإخوان كبالونات اختبار تنتظر رد الدولة، وهو ما رد عليه الرئيس عبدالفتاح السيسي في خطابه (أول من) أمس ضمناً، بالمضي في طريق المواجهة، كما رسخته إحالة الرئيس المعزول محمد مرسي وعدد من معاونيه على محكمة الجنايات بتهمة تسريب وثائق أمن قومي إلى قطر». وأشار إلى أن بيان محمود حسين «ليس جديداً، لكنه يخالف الحقيقة. الإخوان انطلقوا لممارسة العنف وأعادوا سيرتهم في الخمسينات، سواء عبر ممارسة العنف المباشر أو استئجار بعض الجانحين والخارجين على القانون أو بالمساندة المالية والمعنوية للتنظيمات التكفيرية. الحديث عن السلمية لا ينطلي على أحد. كان يُصَدّق منذ الثمانينيات وحتى الثورة، أما بعد وصولهم إلى الحكم فانتهى الأمر إلى أن فكر التنظيم الخاص هو الذي يحكم الجماعة». ولفت إلى أن «البنية التنظيمية للإخوان باتت مفككة، الأعضاء فيهم قوى قطبية ومجموعة أخرى تتعامل مع الإخوان كتيار سلمي. هناك قلة في الداخل لديها سلطة القرار بالتنسيق مع الإخوان في الخارج... وبين الأعضاء العاملين من كفروا بالقيادة، فيما تبقى مجموعات قطبية مؤمنة بالعنف تستطيع أن تجيش المهمشين لدفعهم في تظاهرات. أما المنتسبون والمتعاطفون فخرجوا من اللعبة. التنظيم لم يعد متماسكاً على حاله. الأمر اختلف تماماً. وحتى فكرة المراهنة على استقطاب قوى الثورة لم تفلح، كما أن المجموعات السياسية التي كانت حول الإخوان تفككت، وهو ما أدى إلى هزال وضعف قدرة التنظيم على التعبئة خلال الأشهر الماضية». وطالب الحكم ب «ألا يتوسع في الاشتباه أو يفرط في التوقيفات لمن لم يتورطوا في عنف، مع الإبقاء على منع الأحزاب على أساس ديني... على من يريد العمل منهم في السياسية الانخراط في الأحزاب، وعلى الدولة أن تكون على استعداد للتعامل مع الإخوان كأفراد - وليس كتنظيم - يمكن استيعابهم داخل الحياة السياسية». واعتبر نائب المرشد السابق ل «الإخوان» محمد حبيب أن البيان «محاولة لترميم بنية التنظيم الذي بات مفتتاً ومبعثراً». ورأى أن قادة الجماعة «يراهنون على الفوضى والتحريض على القتل. وعلى الدولة أن تواجه هذا العنف وهذا الإرهاب وتقوم بتصفيته أولاً. على أن تفرج عن كل من لم تتلوث يداه بالدماء أو التحريض، ويتم التعامل معهم كمواطن عادي له كل الحقوق». وشدد على «ضرورة عزل القيادة الحالية للجماعة واختيار قيادات بديلة، لأن الجماعة لا يمكن أن تستمر كما كانت، وعمل مراجعات جديدة هذه القيادة غير قادرة عليها». ورأى أن «المستقبل السياسي للإخوان مظلم». إلى ذلك، أعلن عدد من الناشطين وأهالي سجناء سياسيين مضربين عن الطعام، إضراباً تصاعدياً عن الطعام للمطالبة بالإفراج عنهم. وقالت حملة «الحرية للجدعان» للتضامن مع المعتقلين السياسيين في بيان أمس: «لم يعد أمامنا سوى الدخول في إضراب تصاعدي تضامناً مع رفاقنا المعتقلين ودعماً لمطالبهم المشروعة». وكان كل من أحمد دومة وعلاء عبدالفتاح ومحمد عبدالرحمن وسناء سيف وآخرون من المحبوسين على ذمة قضايا خرق قانون التظاهر، أعلنوا إضرابهم عن الطعام للمطالبة بالإفراج عنهم، ما دعا المجلس القومي لحقوق الإنسان التابع للدولة عقب زيارتهم في سجن طرة، إلى المطالبة بإجراء فحوصات طبية لدومة في مستشفى خارجي، وإخضاع عبدالرحمن للإشراف الطبي الدقيق ونقله للعلاج في مستشفى خارجي بعد انخفاض ضغط دمه، محذراً من دخوله في غيبوبة. وقالت الحملة في بيانها أمس: «لم يعد يمر علينا يوم من دون معتقل جديد لم يؤتِ جرماً لكنه يدفع ثمن أنه مختلف في الرأي مع النظام الحاكم. لم يعد يمر علينا يوم من دون أن نسمع عن معتقل يعذب في زنزانته أو يحرم الرعاية الصحية التي يحتاجها أو يتعرض لشكل أو آخر من أشكال التعسف». وشددت على أن «الإضراب عن الطعام هو شكل المقاومة الوحيد أمام ما يتعرض له السجناء من ممارسات غير آدمية». ولفتت إلى أن «الهدف من الإضراب هو التضامن مع المحبوسين المضربين في مطالبهم، وهي تحسين أوضاعهم وتوفير الرعاية الصحية والإفراج عن المحبوسين احتياطياً».