جاء الإعلان عن منح الشاعرة الكويتية سعاد الصباح جائزة (مانهي) للأدب في كوريا الجنوبية، تذكيراً بالدور الثقافي الكبير الذي لعبته الشيخة سعاد في ثقافة بلدها وفي ثقافة البلدان العربية عامة. (ملف سعاد الصباح، مجلة «العربي»، تموز /يوليو 2012). بعد أن أصدرت الشاعرة عدداً وفيراً من الدواوين الشعرية وأثبتت نفسها في ساحة الشعر، اتجهت إلى إصدار موسوعات تكريمية لأحياء من رجال الثقافة العربية، ونشدد على كلمة «أحياء»، فقد جرت العادة أن يتم تكريم رجل الثقافة بعد موته عند العرب. لقد اخترقت الشيخة سعاد هذا التقليد العربي العقيم، واتجهت إلى تكريم «الأحياء» من رجال الثقافة العربية، فأصدرت بداية كتابها المرجعي عن عبد العزيز حسين، رجل الثقافة المرموق في تاريخ الكويت والخليج والوطن العربي الكبير، الذي عاش مع «حلم التنوير العربي» وأسهم في إغنائه. ثم تتالت كتبها عن رجال الثقافة العرب من شاعر البحرين الكبير إبراهيم العريض إلى الشاعر السعودي الكبير عبدالله الفيصل إلى الشاعر العربي السوري المجدد نزار قباني إلى ذلك الرجل الذي قدم أجل الخدمات للثقافة العربية بمصر الأستاذ ثروت عكاشة إلى غسان تويني مؤسس دار «النهار» بلبنان إلى أديب المغرب البارز عبد الكريم غلاب. وأذكر أن الشيخة سعاد قد كلفتنا، زوجتي عائشة وأنا، الإشراف على السفر الصادر عن شاعر البحرين إبراهيم العريض وكان حدثاً لافتاً ذلك التكريم الكويتي للبحرين، فعندما تتجه الكويت خليجياً تجد امتدادها الطبيعي في البحرين. فالبلدان – تاريخياً – كانا منارتين للتقدم والتنوير والتطور. -2- واللافت أن الثقافة في البلدين معاً ترعاهما امرأتان صديقتان وهما الشيخة سعاد الصباح في الكويت والشيخة مي بنت محمد أل خليفة وزيرة الثقافة البحرينية التي تستعد هذه الأيام للحفل الختامي بمناسبة تدشين المنامة عاصمة للثقافة العربية طوال الأشهر المنصرمة. إن التعاون الإيجابي بين المرأتين قد خدم الثقافة والتراث في بلديهما وفي العالم العربي. وفي مصر العربية تركت الشاعرة د. سعاد الصباح أثراً أدبياً طيباً لا ينسى. فجوائز سعاد الصباح للأدباء العرب الشباب كانت باكورة ذلك النشاط الثقافي، ثم تلتها نقلة ثقافية أخرى بانتقال دار سعاد الصباح إلى القاهرة، ثم مشاركتها في معرض القاهرة الدولي للكتاب. وجاءت جوائز سعاد الصباح لأطفال «الانتفاضة الفلسطينية» لتسد فراغاً في الاهتمام العربي بالقضية الفلسطينية. وتضافرت جوائز الشيخ عبد الله المبارك الصباح للإبداع العلمي وجوائز سعاد الصباح للإبداع الفكري في رفد السيرة الثقافية العربية. ومن يتأمل في مطبوعات «دار سعاد الصباح» يجد أنها ذات اهتمامات عربية وإنسانية شاملة. هذا جانب من سجل الكويت في خدمة الثقافة العربية. فالكويت كانت «الرقم الثقافي الصعب» في وطنها العربي... وكذلك كانت البحرين. واليوم يشهد البلدان – للأسف – تراجعاً ثقافياً في الخطاب السياسي، على رغم التطور الحاصل، وعلى رغم الإنجازات الكثيرة التي حصل ويحصل عليها المواطنون في البلدين، وليس ثمة حل إلا إصرار رجال الثقافة، هنا وهناك، على إيجاد جدار رفض لهذه السلوكيات المتدنية. إن كثيرين من المواطنين متضامنون مع هذا الرفض لتلك السلوكيات الخاطئة. وينبغي عدم التعلل بالعوائق «الدستورية» وغيرها لترك الأحوال على ما هي عليه. -3- ثم تأتي الخطوة الجذرية الأهم: وهي الإقدام على «الاتحاد» ضمن بوتقة مجلس التعاون لدول الخليج العربية. فالاتحاد قدر الشعوب المنضوية تحت لواء المجلس. هذا ما أكده - بحق – الملك عبدالله بن عبدالعزيز، ملك المملكة العربية السعودية، في القمة الخليجية الأخيرة في الرياض. إن عدداً كبيراً من المواطنين يرون أن الاتحاد والتماسك أهم من النداءات «الشعبوية» التي لا تسمن ولا تغني من جوع. وغداً، لا سمح الله، عندما تدمر ديارنا وتقتحم حصوننا، ما الفائدة التي ستعود علينا جراء تلك «الاحتجاجات الشعبوية»؟ ومن لا يريد تحمل المسؤولية فليفسح الطريق لمن هم على استعداد لتحملها. في العمليات التاريخية الكبرى لا يعتمد على «النداءات الشعبوية»، فعندما قام بسمارك بتوحيد ألمانيا، هل استمع إلى ما قالته برلمانات الولايات الألمانية؟ وعندما وحد ماو تسي تونغ الصين هل أخذ في الحسبان رأي البرلمان الصيني، إن وجد؟ .. وعندما توحدت الدول الأوروبية في عصرنا هل تم الاستماع إلى رأي برلماناتها؟ ... وعلى ذلك قس. * أكاديمي وكاتب من البحرين