رجّح خبراء اقتصاد سعوديون زيادة معدلات التضخم في المملكة إلى 8 في المئة بانقضاء العام الحالي، نتيجة عوامل عدة في مقدمها التضخّم المستورد الذي أنتجه انخفاض سعر الدولار وارتفاع أسعار النفط، إلى جانب الأزمات السياسية التي أوقفت بعض الواردات المهمة إلى البلاد، واستمرار ارتفاع إيجارات المساكن. واتفق هؤلاء في حديثهم إلى «الحياة»، على عدم صدقية البيانات الرسمية التي تصدر حول معدلات التضخم في السعودية، إذ هي تزيد في الواقع على ما يعلن، مطالبين الجهات المختصة بمزيد من الشفافية والوضوح في إعلاناتها. وقال الأكاديمي في جامعة الطائف، سالم باعجاجة، إن معدلات التضخم نهاية العام الحالي لن تقل عن 8 في المئة، نظراً إلى الارتفاع الكبير في أسعار السلع والخدمات خلال الفترة الأخيرة، بخاصة السلع المستوردة، مقارنة بعامي 2010 و2011. وأضاف أن التضخم عززته عوامل خارجية، منها الأزمة الأوروبية وما تبعها من ركود اقتصادي، إضافة إلى ارتفاع أسعار المواد الأولية من بلد المنشأ، وصعود أسعار النفط إذ وصل سعر البرميل إلى 114 دولاراً، في حين لم يتجاوز في العام الماضي 100 دولار. وأوضح أن الأزمات السياسية والثورات العربية التي مرت بها الدول المجاورة، أثرت جزئياً في ارتفاع معدلات التضخّم وضاعفت أسعار السلع. وأشار إلى أن السعودية كانت تستورد النسبة الأكبر من الفواكه والخضار من سورية ولبنان. وبعد الأزمة وانقطاع الواردات من هناك، تضاعف سعر البديل من دول أخرى في شكل مبالغ فيه. ولفت إلى أن البيانات الدورية الرسمية التي تصدر عن جهات حكومية حول التضخم لا تكون في الغالب دقيقة، مطالباً بمزيد من الشفافية والوضوح في مثل هذه الإعلانات لأهميتها. ووافقه الرأي المحلل الاقتصادي علي الجعفري الذي قال إن الرواية الرسمية في آخر إحصاء للتضخم في السعودية لم تكن دقيقة، إذ يرى أن معدلات التضخم انخفضت مقارنة بالفترة ذاتها من العام الماضي، لكن وزير الزراعة يؤكد أن متوسطي الدخل لم يعد بمقدورهم شراء اللحوم الحمراء، بسبب ارتفاع أسعارها. وتابع أن أسعار كل السلع والمواد الأولية مرتفعة، والدولار ضعفت قيمته أمام العملات الأخرى، وأسعار السلع مرشحة لصعود كبير خلال الفترة المقبلة. وأوضح المحلل المالي تركي فدعق، أن الضغوط التضخمية مرشحة للزيادة بحدة خلال الفترة المتبقية من السنة بفعل عوامل عدة، وأن هبوطاً أكبر للدولار يعني مزيداً من الارتفاع في أسعار السلع المستوردة، وتصاعداً لمعدلات التضخم. وأشار إلى أن الأثر الواضح لزيادة معدلات التضخم في السعودية سيكون منتصف العام المقبل، إذ ستظهر الآثار الكبرى لهبوط الدولار أمام العملات الأخرى. وكانت مصلحة الإحصاءات العامة والمعلومات أعلنت عن وصول مستوى التضخم إلى 3 في المئة خلال أيلول (سبتمبر) الماضي، مقارنة بالشهر ذاته عام 2011. وسجل الرقم القياسي لتكاليف المعيشة ارتفاعاً نسبته 0.5 في المئة خلال أيلول ليبلغ 123.4 نقطة مقارنة بآب (أغسطس)، حين بلغ 122.8 نقطة.