كرّس زعيم «ليكود»، رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتانياهو يوم أمس لإقناع أوساط نافذة في حزبه بالتصويت إلى جانب اقتراحه بأن يخوض الحزب الانتخابات العامة المقبلة (في 22 كانون الثاني- يناير) في قائمة مشتركة مع حزب «إسرائيل بيتنا» اليميني المتطرف أطلق عليها اسم «ليكود بيتنا». وسعى نتانياهو إلى تخفيف حدة الانتقادات على خطوته هذه من داخل حزبه التي يقودها الوزير ميكي ايتان ويدعمها صمتاً عدد آخر من الوزراء يخشون إسماع صوتهم لتفادي قيام نتانياهو بالاقتصاص منهم عند تشكيل حكومته المقبلة. وتجتمع اللجنة المركزية ل «ليكود» اليوم لإقرار اقتراح نتانياهو، في ظل استياء عدد نواب الحزب، خصوصاً من الصف الثاني، من الذهاب إلى الانتخابات بقائمة واحدة، خصوصاً بعد أن أظهر استطلاع للرأي أن القائمة الموحدة لن تحقق أكثر من 33 مقعداً، خلافاً لتوقعات نتانياهو وزعيم «إسرائيل بيتنا» أفيغدور ليبرمان بأنها ستخرج فائزة بأكثر من 40 مقعداً. والتقى نتانياهو مساء أمس رؤساء السلطات المحلية من حزبه «ليكود» ليقنعهم بجدوى خطوته وبأنها الوحيدة التي تضمن بقاء «ليكود» في الحكم في أعقاب استطلاعات أفادت بأنه ليس أكيداً أن يخرج «ليكود» الحزب الأكبر في الانتخابات المقبلة في حال خاضها بمفرده. وترى الأوساط المعارضة لتوحيد الحزبين أن الذهاب في قائمة مشتركة يفيد نتانياهو شخصياً ويضمن له كرسي رئاسة الحكم، لكنه يضعف تمثيل الحزب في الكنيست، وهذا ما أكده استطلاع للرأي، فضلاً عن أن غالبية أعضاء الحزب لم تطّلع على مضمون الاتفاق بين نتانياهو وليبرمان. ويقود ايتان حملة المعارضة وسط أنباء بأن لا أقل من نصف وزراء الحزب يعارضون خطوة نتانياهو، لكن أياً منهم لم ينطق بحرف في اجتماع وزراء «ليكود» أمس مع نتانياهو، وعليه يطالب ايتان بأن يكون التصويت اليوم في اللجنة المركزية للحزب سرياً، ما سيتيح للمعارضين المتخوفين من النطق علناً بمواقفهم، التصويت ضد الاقتراح. في المقابل، يصر نتانياهو على أن يكون التصويت علنياً. وطالب ايتان رئيس الحكومة بإطلاعه وزملائه على مضمون الاتفاق مع ليبرمان فردّ عليه نتانياهو بأنه لم يُكتب بعد، مضيفاً أن الاتفاق يتيح لليبرمان اختيار إحدى الحقائب الوزارية الثلاث: الخارجية والدفاع والمال، وأنه يميل إلى البقاء وزيراً للخارجية. «مساوئ الشراكة» واعترف ايتان أمس بأن فرص إجهاض مشروع نتانياهو في تصويت علني في اللجنة المركزية للحزب، ليست كبيرة. وأضاف أن الذهاب في قائمة مشتركة سيء لثلاثة أسباب: الأول لأن لا أيديولوجية مشتركة للحزبين، والثاني لأن الاتفاق يمنح ليبرمان نواة سيطرة على «ليكود»، والثالث لأن القائمة المشتركة ستحصل على مقاعد أقل من المقاعد التي في حوزة الحزبين في الكنيست الحالية (42). وتوقع مراقبون بأن يحسم أعضاء في اللجنة المركزية ل «ليكود» موقفهم قبل ساعات قليلة من اجتماع اليوم، وبعد أن تُنشر استطلاعات جديدة للرأي عن قوة القائمة المشتركة، مشيرين إلى أنه في حال أظهرت الاستطلاعات أن القائمة المشتركة لن تحافظ على قوة الحزبين الحالية، فإن معارضة الخطوة ستكون جدية، وقد تهدد فعلاً بإسقاط اقتراح نتانياهو. الفروق في مواقف الحزبين إلى ذلك، تناولت وسائل الإعلام أمس الخلافات الجوهرية بين حزبي «ليكود» و«إسرائيل بيتنا» في عدد من القضايا، في مقدمها الملف الفلسطيني، إذ بينما يدعو نتانياهو رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس (أبو مازن) إلى استئناف المفاوضات السياسية وأعلن موافقته «لفظياً» على مبدأ حل الدولتين، يرى ليبرمان في عباس «أكبر عقبة في طريق السلام وليس شريكاً»، وصعّد أخيراً تهجمه الكلامي عليه وطالبه بالاستقالة. كذلك يرى أن «الهدف الحقيقي من مطلب الفلسطينيين إقامة دولة لهم هو القضاء على إسرائيل». في المقابل، يتفق الرجلان على الخيار العسكري ضد إيران، ورفض إدخال تغييرات على اتفاق السلام مع مصر. كذلك ثمة خلاف في الموقف من المواطنين العرب في إسرائيل، وتحديداً اشتراط ليبرمان في برنامجه السياسي منح الامتيازات الحكومية وحق الانتخاب والترشح لعرب الداخل بإعلانهم الولاء لإسرائيل «دولة يهودية ديموقراطية»، بينما أجهض «ليكود» مشروع قانون بهذه الروح طرحه ليبرمان على الكنيست بداعي أن مؤسس «ليكود» أكد «وجوب احترام حقوق الأقلية العربية». قلق الأوساط الشرقية في «ليكود» وثمة خلاف جوهري آخر بين الحزبين يتعلق بعلاقات المتدينين والعلمانيين في الدولة العبرية. وبينما يعمل «ليكود» على الحفاظ على «الوضع القائم» لتفادي إغضاب حلفائه التقليديين من اليهود المتدينين، يطالب حزب «إسرائيل بيتنا» الذي يمثل أساساً المهاجرين من دول الاتحاد السوفياتي السابق، بالسماح بالزواج المدني وبيع لحوم «ليست حلالاً» في الحوانيت. وفي مسألة التجنيد للجيش الإسرائيلي، يطالب ليبرمان بتجنيد كل من يبلغ الثامنة عشرة من عمره (بمن فيهم المتدينون المتزمتون «الحرديم» والعرب) بينما يؤيد نتانياهو تجنيداً تدريجياً لليهود المتدينين الذين أعفوا من الخدمة منذ إقامة إسرائيل. في هذا السياق، أشار المعلق يوسي فيرطر (هآرتس) أن أوساطاً مختلفة داخل «ليكود» ترفض هضم فكرة الوحدة مع حزب «إسرائيل بيتنا» العلماني المتشدد. وكتب أن الفكرة أحدثت شرخاً داخل أنصار الحزب من اليهود الشرقيين (السفاراديم) إذ يرى المتدينون منهم أن الشراكة مع «حزب اللَّحم الأبيض من الروس»، كما يسمون حزب «إسرائيل بيتنا»، شراكة «دنِسة». أما الأوساط «المحافظة» في الحزب التي تدعم مبدئياً حل الدولتين، فإنها «لا تستوعب سر ذهاب «ليكود» إلى شراكة مع حزب يرفض أي تسوية سياسية للصراع. وأيضاً، «لا تستوعب» الأوساط الليبرالية داخل الحزب «التي تدعم سلطة القانون والنظام الديموقراطي وحقوق الأقليات، فكرة التحالف مع حزب لا يحترم هذه القيَم». تخبط أحزاب الوسط في غضون ذلك، تتجه الأنظار نحو رد أحزاب الوسط على التحالف اليميني المتشدد، وتنتظر تحديداً قرار رئيس الحكومة السابق ايهود اولمرت العودة إلى الحلبة السياسية من عدمها، كذلك قرار وزيرة الخارجية السابقة تسيبي ليفني التي يتعزز الاعتقاد بأنها بصدد تشكيل قائمة جديدة برئاستها. ويستبعد مراقبون أن ينضم حزب «العمل» بزعامة شيلي يحيموفتش إلى تحالف يضم حزب «يش عتيد» برئاسة يئير لبيد وحزباً برئاسة اولمرت أو ليفني، لكن جهات مركزية نافذة قريبة من الأطراف الثلاثة تسعى إلى اتفاق بين هذه الأحزاب على دعم رئيس الحزب الذي يخرج فائزاً بأكبر عدد من المقاعد لمنصب رئيس الحكومة. في هذه الأثناء رفضت يحيموفتش الالتزام مسبقاً بأنها لن تدخل حكومة بزعامة نتانياهو - ليبرمان، وإن اعتبرت هذا الاحتمال «خيالياً تقريباً».