في إطار «كرة القدم من أجل السلام» لا يعلن فوز الذين سجلوا أكبر عدد من الأهداف بل الذين ارتكبوا أقل أخطاء... فإلى جانب اللعب النظيف تلقن هذه المبادرة التي أطلقت قبل عشر سنوات في كولومبيا، الأطفال نموذج عيش في بلد محاصر بالعنف. فأيام السبت يلتقي عشرات الصبيان والفتيات في ملعب متواضع في سواتشا إحدى ضواحي بوغوتا الفقيرة حيث يعيش آلاف «النازحين» الذين طردهم النزاع مع الميليشيات المسلحة والعصابات الإجرامية المتواصل منذ نصف قرن، من أراضيهم. على ملعب رملي يتواجه فريقان مختلطان «الحمر» و «السود» من خلال كرة قدم، وهدفهم قاعدة تتجاوز تلك المطبقة في هذه الرياضة الشعبية، ألا وهي احترام الخصم. فعندما تسقط جوليانا (11 سنة) المدافعة في فريق السود أرضاً يسارع زملاؤها لمساعدتها على النهوض فيما يقدم خصومها فرداً فرداً الاعتذار لها. ويوضح أديسون روخاس المسؤول في مؤسسة «وقت اللعب»، أن «كرة القدم من أجل السلام، تدور على ثلاث مراحل، أولها تحديد قاعدة التعايش، ومن ثم خوض مباراة مع فريقين مختلطين، وفي النهاية نختار الفريق الذي اعتمد أكثر من الآخر اللعب النظيف». وبعد ست سنوات على إنشاء هذه المؤسسة العضو في الشبكة العالمية «ستريت فوتبول وورلد» نجحت هذه المبادرة في جمع نحو 250 طفلاً خلال عطلة نهاية الأسبوع حول هذه الرياضة المفتوحة أمام اللاعبين من سن الخامسة إلى الثامنة عشرة. أما في بقية أيام الأسبوع فتجمع أكثر من ألفي طفل آخر ضمن نشاطات متنوعة. ويؤكد وليام خيمينث المنسق الإقليمي لمؤسسة «وقت اللعب»، أن «كرة القدم من أجل السلام تطورت كمبادرة تسمح من خلال الرياضة بتجنب تجنيد الأطفال والقصر من قبل العصابات والجماعات المسلحة الخارجة عن القانون فضلاً عن إدمان المخدرات وعمليات الحمل المبكر». ومنذ ذلك الحين حذت منظمات غير حكومية وجمعيات أخرى حذو هذه المؤسسة لتنظيم مباريات «غولومباوو» وهو الاسم الآخر لمبادرة «كرة القدم من أجل السلام»، لتلقين الأطفال قيم الاحترام في مناطق عدة من البلاد. وتقول خوانيتا منديث مسؤولة البرنامج الحكومي «كولومبيا خوبن» (كولومبيا الشباب)، إن «الحكومة اعتمدت عام 2003 هذا النوع من كرة القدم كسياسة تعايش الأطفال الشباب» مشددة على أن هذه الممارسة امتدت لتشمل رياضات أخرى مثل كرة السلة والكرة الطائرة. وتحظى هذه المبادرات بأهمية كبرى في كولومبيا حث يقع آلاف الشباب في دوامة العنف.