لسان حال رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي اللبناني النائب وليد جنبلاط، مع رئيس تيار «المستقبل» سعد الدين الحريري، يقول: «البارحة يا سعد يوم جماعتك في نومهم خواشيع، وأنا على الكوع واعي، أنا يا سعد مركاي وعزوتي كوعي، صحيح اني اكسر كلامي وأغير مواقفي، وأرجع اعتذر، لكن كوعي اليوم يا سعد غير كل الأكواع». «التكويع» كان الى وقت قريب مصطلحاً في عالم السباكة، يعني تحويل اتجاه المواسير، لكن وليد جنبلاط طوّر مفهوم الكوع، وجعله مصطلحاً سياسياً بامتياز، وغيّر معناه. ف «التكويع» في السباكة هو تغيير الاتجاه في شكل نهائي، وكوع جنبلاط مرن يتغير بحسب قوة الضخ، وإن شئت القلق. لكن كوع وليد جنبلاط الأخير شيء آخر، فالمسألة اليوم لم تعد سباكة سياسية ولا مزحة، ومن يعرف شبكة أكواع جنبلاط السابقة يدرك ان كوعه الجديد مختلف. في أيلول (سبتمبر) العام الماضي كوّع وليد جنبلاط في حوار مع جريدة «الأخبار» اللبنانية، واتهم تيار «المستقبل» ونوابه بالتعصب، والتشدد المذهبي، وعسكرة السنّة، وشكّك بمستقبل «المستقبل»، وتماسكه ككتلة واحدة انتخابيّة. وأشار إلى أن «استمرار هجومه على سورية سببه ضرورات التعبئة والسياسة لا أكثر»، رافضاً الرهان على تغيير النظام السوري من الداخل، وطالب بالتعايش مع سلاح «حزب الله»، مبرراً وجوده بضرورات إقليمية، وقال إن الشخص الوحيد الذي يمكن أن يتحاور معه هو السيد حسن نصرالله. ثم اعتذر. يومها وُصِف تراجع وليد جنبلاط عن آرائه في ذلك الحوار، بأنه مجرد تكرار لأسلوبه في المناورة والحذلقة السياسية والكر والفر الإعلامي، و «التكويع»، لكن المتأمل لمضمون حواره مع «الأخبار»، ومضمون خطابه الأخير سيجد أن الرجل ردد المخاوف عينها، والفارق انه في ذلك الحوار خلط الجد بالهزل، ولم يكن حاسماً، أما اليوم فيبدو ان وليد جنبلاط حسم أمره وبات على يقين من ان مفهوم الغالبية ليس كافياً لحماية طائفته وحزبه، وانه لا مناص من العودة الى الأعراف اللبنانية التقليدية والتماهي مع إضعاف الدولة، ودخول المزاد الطائفي قبل اقتسام الغنائم. ريما يكون «كوع» وليد جنبلاط الجديد هو الأخير، ليس لأنه قرر التخلي عن لعبة «التكويع»، بل لأن كوعه هذه المرة جاء في التوقيت الخطأ.