أكدت المحللة والخبيرة السياسية الأميركية زميلة برنامج سياسة الخليج في معهد واشنطن للدراسات وري بلوتكين بوغارت، أن السعودية تعمل بحزم أكبر لإحباط محاولات الدعم المالي والآيديولوجي للإرهاب، ووقف انتشاره في منطقة الشرق الأوسط. ودعت بوغارت في تحليل نشره المعهد أخيراً، واشنطن إلى «التعاون مع المملكة لتنفيذ مبادراتها الأمنية، بغية تقليص دعم الإرهاب، بحيث يكون لتدابير الرياض الحد الأقصى من التأثير في الخارج، وخصوصاً في العراق وسورية»، موضحة أن «هذا الأمر يتطلب مضاعفة تبادل المعلومات الاستخباراتية، وصقل أي تنسيق للعمليات الاستخباراتية وغيرها من الأنشطة بين البلدين ضد تنظيم الدولة الإسلامية وجماعات مماثلة، بغية دحر المكاسب التي حققها الإرهابيون، وإحباط الأجندة الإرهابية في هذه البلدان»، محذّرة من أن «التحدي الإرهابي في العراق وسورية يهدد بشكل كبير، المصالح الأميركية في الخارج والداخل، وعلى هذا الصعيد تتمتع السعودية بنفوذ خاص، ولهذا النفوذ أهمية كبيرة». واستعرضت المحللة الأميركية الجهود السعودية في مكافحة الإرهاب بقولها: «السعودية تعمل بصرامة أكبر على إحباط الدعم المالي والآيديولوجي للإرهاب. فخلال شهر رمضان وحده الذي انتهى في ال28 من تموز (يوليو) الماضي، أعلنت الرياض أنها تجري تحقيقات حول 17 من رجال الدين الذين لم يستنكروا في خطبهم الهجوم الذي شنه تنظيم القاعدة في ال4 من يوليو جنوب المملكة، كما حذّرت من التصدق أو التبرع بالأموال عبر أدوات التواصل الاجتماعي، لأن التبرعات قد تقع في أيدي الإرهابيين، وأعلنت أحكاماً بالسجن على أربعة مواطنين سعوديين خططوا للانضمام إلى القتال في العراق». ووصفت بوغارت الإجراءات التي تتخذها المملكة في هذا الجانب ب«التغييرات المؤسساتية الجديدة والمميزة هذا الصيف»، مضيفة أنه «في يوليو الماضي أبلغ رئيس هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، منسوبي الهيئة بأن القضاء على الأفكار المتطرفة، ومواجهة أولئك الذين يروّجون للمبادئ الإرهابية، باتا الآن من بين مهماتهم الرئيسة، إذ قال: لم تعد مهمتكم تقتصر على مراقبة المتاجر التي تفتح أبوابها في أوقات الصلاة، أو توجيه التعليمات إلى النساء بالالتزام باللباس المتواضع». وكشفت عن أنه «في وقت سابق من آب (أغسطس) أعلنت وزارة الداخلية، أن هذه المرحلة ستتطلب تحريات أمنية جديدة عن الأئمة، ومن المفترض أن يشمل ذلك تحريات عنهم لمعرفة ما إذا كانوا يدعمون الآيديولوجية المتطرفة. وفي الوقت نفسه، أعلنت هيئة كبار العلماء، وهي أعلى هيئة دينية في المملكة، أنها بصدد إنشاء منصة تفاعلية، يقوم القادة الدينيون من خلالها بإشراك المواطنين في مكافحة الخطاب الإرهابي، الذي يهدف إلى جذب الشباب إلى القتال في الخارج». وثمنّت دعوة خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز إلى بذل مزيد من الجهود الكافية لمكافحة التطرف، معتبرة أنها «مبادرة محددة، هدفها التركيز الكبير على مخاطر دعم الإرهابيين». التعاون الأميركي - السعودي دعت المحللة في معهد واشنطن أميركا، إلى ضرورة التعاون مع السعودية لتنفيذ مبادراتها الأمنية بغية تقليص دعم الإرهاب في منطقة الشرق الأوسط، بحيث يكون لتدابير الرياض الحد الأقصى من التأثير في الخارج، وخصوصاً في العراق وسورية. وقالت: «إن المملكة تبرعت في ال13 من أغسطس ب100 مليون دولار لمركز الأممالمتحدة لمكافحة الإرهاب في نيويورك»، مثمنة «اتخاذ الرياض تدابير مهمة للحد من تمويل الإرهاب في الخارج، وتضييق الخناق على الخطابات المحرّضة، والقبض على المتشددين وإعادة تأهيلهم». ونوّهت بما وصفته ب«مبادرة الرياض» لتوضيح خطورة الإرهاب على المملكة ومواطنيها والمقيمين فيها، مشيدة ب«النظام الذي وجّه به خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز، في شباط (فبراير) الماضي، الذي يجرّم بحزم، مختلف أشكال الدعم لجماعات معينة»، معتبرة أن هذا النظام هو «العمود الفقري لهذه الحملة». كما نوّهت بوغارت بجهود وزارة الداخلية السعودية ونشرها في آذار (مارس) الماضي لائحة بأسماء هذه الجماعات، بما فيها اثنان من المنظمات الجهادية، هما تنظيم «الدولة الإسلامية في العراق والشام» (داعش)، الذي بدأ منذ ذلك الحين يسمّي نفسه «الدولة الإسلامية»، و«جبهة النصرة» التي هي الذراع السورية ل«تنظيم القاعدة». وتحذّر من استهداف الإرهاب للمملكة ومواطنيها حذّرت وري بوغارت في تحليلها، من أن عدداً من التغييرات الإقليمية دفعت في اتجاه انتشار مخاوف جديدة عن العواقب الأمنية لدعم الجماعات الإرهابية في الخارج والأمن الحدودي الأساسي لدول المنطقة. وأشارت إلى أنه في أيار (مايو) الماضي أعلنت الرياض كشفها عن مؤامرات إرهابية لاغتيال مسؤولين حكوميين، ومهاجمة المصالح الوطنية والأجنبية في البلاد، وتم اعتقال 62 مشتبهاً بهم، ووفقاً لوزارة الداخلية في المملكة، كان بعضهم تم تشجيعه من عناصر «داعش» في سورية لتنفيذ تلك الاغتيالات. ويُعتقد أن آخرين من المشتبه بهم يدعمون ذراع تنظيم «القاعدة في جزيرة العرب» الذي مقره في اليمن من خلال جمع التبرعات والخدمات اللوجستية. وقالت بوغارت إن سيطرة «داعش» بسرعة البرق على أجزاء من العراق في حزيران (يونيو)، إلى جانب مكاسب التنظيم في سورية، زادت في حدة التهديد، ما دفع الرياض في يونيو، إلى تعزيز الأمن على طول حدودها مع العراق، في حين أظهرت «الدولة الإسلامية» تصميمها على اختراق حدود دول أخرى، عندما استولت على بلدة حدودية لبنانية في وقت سابق من أغسطس الماضي. فيما هاجم ستة عناصر من تنظيم «القاعدة في جزيرة العرب» حاجزاً من الجانب اليمني من الحدود السعودية - اليمنية في ال4 من يوليو، ما أسفر عن مقتل عدد من ضباط الأمن السعوديين وضابط يمني واحد، كما شقّ إرهابيان طريقهما عبر الحدود وفجّرا نفسيهما داخل مبنى حكومي سعودي على بعد عشرات الأميال شمالاً. وشكّل ذلك أول توغل لتنظيم «القاعدة في جزيرة العرب» إلى داخل المملكة منذ محاولة اغتيال الأمير محمد بن نايف عام 2009، عندما كان مساعد وزير الداخلية في ذلك الحين.