ودعت المديرية العامة لقوى الامن الداخلي رئيس شعبة المعلومات فيها اللواء وسام الحسن ومرافقه المؤهل اول احمد صهيوني اللذين استشهدا بفعل الانفجار الذي استهدفهما في محلة الاشرفية، باحتفال مؤثر انهمرت خلاله دموع كثيرة وسجلت مواقف صلبة لرئيس الجمهورية ميشال سليمان والمدير العام لقوى الامن الداخلي اللواء اشرف ريفي. مكتب اللواء الشهيد في المديرية الذي كان تحول مقراً لاقامته لسنوات، لاسباب أمنية، لف بالاسود. وارتفعت صور كبيرة له على جدران مبنى المديرية، وأقيمت كل الاستعدادات لاستقبال النعشين الآتيين من مستشفى «اوتيل ديو» حيث كان جثماناهما نقلا الى هناك بعدما تحولا الى اشلاء بفعل الانفجار الذي استهدف سيارة الحسن. أعدت كل الترتيبات والمراسم للوداع. حضرت عائلتا الشهيدين وانضمت اليهما عائلة الشهيد وسام عيد، وحضر للوداع رئيسا الجمهورية والحكومة نجيب ميقاتي ووزيرا الداخلية مروان شربل والاعلام وليد الداعوق والنواب: خالد زهرمان، معين المرعبي، نضال طعمة، قاسم عبد العزيز، وقائد الجيش العماد جان قهوجي الى جانب المدير العام لقوى الامن اللواء اشرف ريفي، والمدير العام للامن العام اللواء عباس ابراهيم، والمدير العام لأمن الدولة جورج قرعة ووفد من دار افتاء الشمال، وشخصيات امنية وعسكرية. حمل نعشا الشهيدين على الاكف، على وقع اصوات قرع اجراس الكنائس في المنطقة، ونثرت النسوة جارات المديرية اوراق الزهر والرز على النعشين اثناء دخولهما، وأدى جميع الضباط التحية، وسجي النعشان وسط باحة المديرية، ولف كل منهما بالعلم اللبناني وثبتت على كل نعش لوحة مذهبة كتب عليها اسماهما مع كلمة «الشهيد». اكاليل زهر من القيادات العسكرية والسياسية رافقت النعشين وأحاطت بهما. النشيد الوطني ولحن الموتى وموسيقى التعظيم، وحملة الاوسمة وضعهما اللواء ريفي على النعشين. ووسط دموع الاهل وخصوصاً نجلي اللواء الحسن، أعلن رئيس شعبة العلاقات العامة الرائد جوزيف مسلم: الله يعطي والله يأخذ». اللواء ريفي ثم خاطب اللواء ريفي بصوت أجش «الشهيدين البطلين» بعدما أدى التحية لهما، وقال: «إن في حضور رئيس الجمهورية رسالة لكل اللبنانيين أن يثقوا بمؤسساتهم العسكرية والامنية ويلتفوا حولها كما أن فيها رسالة الى أعداء هذا الوطن والعابثين بأمنه واستقراره. مواقفكم السيادية فخامة الرئيس ليست غريبة عنا وعن اللبنانيين، فأنتم حملتم السلاح الشرعي، لعقود طويلة دفاعاً عن لبنان في وجه كل الذين حاولوا الإعتداء عليه». وتوجه الى «شهيدنا اللواء البطل» قائلاً: «في 14 شباط من العام 2005 نجوت من الموت المحتم، وها أنت اليوم، بعد سنوات سبع تلتحق بقافلة الشهداء. راكمت خلال السنوات هذه كماً من الخبرات جعلتك أنت ورجالك، قادرين على اعطاء اللبنانيين احساساً بالأمان يجعلهم يشعرون بأنهم قادرون على المراهنة على مؤسسات الدولة لتأمين أمنهم واستقرار بلدهم». وقال: «عزيزي وسام، تعرف أني كنت اتابعك يومياً، وكنت أرى كيف كنت تغازل الموت من دون أن تهابه، كيف كنت تعمل وفي كل لحظة على حافة الهاوية، لا تهاب المخاطر ولا وجود في قاموسك للخوف ولا للخطوط الحمر، والخط الاحمر الوحيد لديك كان حفظ أمن الوطن، هذا الوطن العظيم، وسنتابع هذه المهمة وسنتصدى لكل من يعبث بالأمن كائناً من كان. ترفعت عن الصغائر، فكنت مثالاً في الوطنية وأسست مدرسة في العمل الامني، وحولت هذا العمل الى ما يشبه الفن». وقال ريفي: «الرجال الذين دربتهم وأشرفت على إعدادهم وتربيتهم على المناقبية والإنضباط اكتسبوا من المهنية والاحتراف ما يجعلك تفخر بهم وتطمئن الى أنهم سيتابعون المسيرة. وثق اللبنانيون بك وبقدراتك، وثقوا بأخلاقك. كيف لا، وتمكنت من تحقيق نتائجٍ باهرة في مكافحة الارهاب، بكل أشكاله. واكبت التحقيق الدولي في جريمة اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري، ولعبت دوراً مهماً في تكوين ملف هذه الجريمة، كما كشفت عدداً كبيراً من شبكات العدو التجسسيَّة، وفككت بالتعاون مع رفاقنا في الجيش اللبناني وبقية الاجهزة الأمنية، عدداً لا يستهان به من الشبكات الارهابية، وكانت آخر مهماتك الامنية اكتشاف وضبط 24 متفجرة كانت ستستخدم لقتل العديد من الابرياء. كنت للوطن، وللوطن كله. كيف لا، وأنت ابن بتوراتيج هذه البلدة الكورانية الشمالية التي أعطت لبنان نخبة من الرجال الابطال، وابن عائلة عصامية كافح الأب فيها الى جانب الام، ليكون لهما اسرة ينعم الابناء فيها بعيش رغيد، نتيجة تعليمهم وتربيتهم الصالحة». وقال: «ارتضيت الشهادة ليحيا الآخرون، سهرت لينام الآمنون، أقسمت على الحق، قطعت العهد لتحمي العرين وتصون الأمن من أيدي العابثين». وتحدث عن «شهيدنا البطل المؤهل أول أحمد صهيوني، الذي رافقك في حياتك، وها هو اليوم يرافقك في استشهادك، كان كبيراً في حياته وفي استشهاده. ابن عائلة كريمة، من البيرة في عكار، هذه البلدة الشامخة، التي أعطت قوى الامن الداخلي والوطن الكثير من الشهداء». ورأى ان «عزاءنا إن سقط أحد منا، أنَّ الآخرين يكملون المسيرة بوطنية ومهنية واحتراف. عزيزي وسام، قبل فترة وقفنا وإياك في هذه الساحة نودع وسامنا الأول، وها أنت اليوم وسامنا الثاني نودعك لتلتحق بقافلة الشهداء والأبطال. فكما إرتضينا معك شهادة وسام عيد وفاخرنا بها سوية فإننا نفخر اليوم بشهادتك وشهادة رفيقك الوفي أحمد. ونعتبر أن استشهادكما ابلغ رد على المجرمين والإرهابيين الذين يضمرون الشر لهذا الوطن الحبيب». واستعاد ريفي عمله مع الراحل يوم «كانت مهمتنا تأمين سلامة رئيس حكومة لبنان، أما اليوم فمطلوب منا أن نساهم في تأمين سلامة كل لبنان. يومها رأيت فيك المناقبية والإنضباط، الصدق والوفاء والإخلاص، الالمعية والطموح، هكذا كنت، هكذا بقيت وهكذا رحلت. أنت اليوم شهيد كبير بحجم الوطن وها أنت اليوم في قلوب كل اللبنانيين. اللبنانيون الذين ضحوا للحفاظ على أمن بلدهم واستقراره كانوا يستحقون منك أن تبقى معهم فترة أطول. استعجلت الرحيل، أيها العزيز، ولكنه القدر. انها مشيئة الله، وداعاً ولا ندري متى اللقاء». وأقسم ريفي «أننا سنعمل بكل ما أوتينا من قوة لتظهر الحقيقة جليَّة وتأخذ العدالة مجراها، كي لا يضيع دمكما ودم الضحايا الأبرياء هدراً». وسام الأرز وبعد كلمة رئيس الجمهورية (نصها في مكان آخر)، تقدم سليمان الى نعش الحسن ووضع عليه وسام الأرز من رتبة «ضابط اكبر». وبعد تقديم واجب العزاء للعائلات الثكلى، اُخرج النعشان مرة جديدة محمولين على الاكف في اتجاه ساحة الشهداء، وودعا بالمزيد من الدموع. وتقدم الموكب الدراجون. فكان موكب اللواء الحسن معلناً ومن غير تمويه، هذه المرة.