تتزايد الضغوط السياسية والاجتماعية على حكومة حزب «العدالة والتنمية» في تركيا، لإيجاد حل للقضية العلوية بعد فشل محاولات للوساطة بين الحكومة والجمعيات العلوية خلال السنوات الأربع الماضية. وكانت تكررت وعود رئيس الوزراء رجب طيب أردوغان بحل القضية التي تمس حوالى 16 مليون علوي في تركيا وفق إحصاءات تلك الجمعيات غير الرسمية، وبين هؤلاء مليون ونصف مليون من العلويين العرب وهم امتداد للعلويين السوريين، أما بقية العلويين في تركيا وهي الغالبية العظمى فتختلف طائفياً وعقائدياً عن العلويين العرب إلى درجة أن بعض الجمعيات العلوية في الأناضول التركي ترى في توجهها ديانة منفصلة عن الإسلام وليست واحداً من مذاهبه. لكن توجهات الحكومة الحالية في السياسة الخارجية وتزايد الاتهامات لها بدعم التيارات السنّية في المنطقة، زادت شكوك العلويين ومخاوفهم على إمكانات حل قضيتهم. وفي تطور قد يحرج أنقرة، أقرت النمسا عطلة رسمية للعلويين في المناسبات الدينية الخاصة بهم، على رغم أن عدد الذين يقيمون منهم على أراضيها لا يزيد على عشرين ألفاً. جاء ذلك بالتزامن مع تظاهرة نادرة في لوكسمبورغ، خرج فيها آلاف العلويين المقيمين في أوروبا لإدانة «التمييز» الذي يلقاه العلويون في تركيا، والمطالبة بإعطاء ضمانات لهم كطائفة. وصرح الناطق باسم المتظاهرين محمد تشيتينر بأن أفراد هذه الطائفة هم «ضحايا أعمال عنف في تركيا»، متهماً حكومة أنقرة «باتباع سياسة تذويب قمعية» حيالهم. وتابع أن «العلويين مهمّشون في المؤسسات التركية، وأماكن عبادتهم غير معترف بها، وندعو إلى الإنسانية والعلمانية والمساواة بين الرجال والنساء، ونخشى أسلمة تركيا». وتأتي هذه التحركات بعد صدور التقرير الدوري للاتحاد الأوروبي عن تركيا المرشحة لعضوية الاتحاد، والذي صدر الأسبوع الماضي واعتبره كثيرون من السياسيين والمعلّقين الأتراك الأقسى في انتقاد حكومة «العدالة والتنمية» في ما يخص ملف الحريات وحقوق الأقليات، وتجاهلت أنقرة التقرير الأوروبي. وكان أردوغان وعد بحل المشكلة العلوية في تركيا على ثلاث مراحل، الأولى من خلال تقديم دعم مالي للجمعيات العلوية لبناء دور عبادة، والثانية اعتراف الحكومة رسمياً بدور العبادة العلوية، والثالثة إعطاء العلويين صفة دستورية تحفظ حقوقهم، ولكن ليس كأقلية. وتواجه تركيا مشكلة العلويين منذ تأسيس الجمهورية الحديثة، إذ لا تعترف بهم بوصفهم أقلية دينية ذات حقوق خاصة، وتعتبر أنهم مسلمون مثل بقية الشعب التركي، وأن خصوصيتهم هي خصوصية ثقافية أو تراثية لا تستدعي الاعتراف بهم دستورياً. لذلك، فإن الحكومات التركية لا تتعامل مع دور العبادة لديهم على أنها تحتاج إلى دعم مالي وسياسي، وإنما بوصفها مراكز ثقافية تتبع القطاع الخاص. وازدادت أخيراً حدة مطالبة العلويين بحقوقهم، بعد فرض درس التربية الإسلامية والقرآن الكريم في المدارس الحكومية على يد حكومة «العدالة والتنمية»، وهو ما اعتبره العلويون محاولة لتذويب أبنائهم في المجتمع السنّي وطالبوا بتقديم دروس اختيارية في العلوية لأبنائهم في المدارس الحكومية. لكن الحكومة اكتفت بأن يشمل المنهاج الدراسي لمادة التربية الإسلامية إشارة مختصرة إلى الطائفة العلوية.