عاد المصريون إلى تجنب المرور في شارع القصر العيني الرئيس في قلب القاهرة والذي يضم مقري الحكومة والبرلمان، بعدما بات قبلة المحتجين وأصحاب المظالم الذي لجأوا مجدداً إلى غلق الشارع أمام حركة السير في محاولة منهم للضغط على الحكومة لتلبية مطالبهم، فيما اكتفت الحكومة بالانغلاق على نفسها وتشديد الحراسة على الشارع المؤدي إلى مقرها بغلقه بالمتاريس الحديد لمنع اقتحامه ما دفع شخصيات عامة إلى الدعوة إلى «إضراب عام» في ظل تجاهل الحكومة التعامل مع مطالب المضربين. ولليوم الثاني على التوالي أوقف عمال شركات استصلاح الأراضي حركة السير في الشارع، وافترشوه بأجسادهم، رافعين لافتات تنتقد الحكومة ورددوا هتافات ضد رئيس الوزراء هشام قنديل. وتسبب الزحام في الشارع في حدوث اشتباكات بين السائقين والمارة من جهة والمعتصمين من جهة أخرى، في حين سعى العمال إلى إقناع المارة بعدالة مطالبهم. ويطالب العمال بعودة شركات استصلاح الأراضي إلى ملكية الدولة ورفع رواتبهم المتدنية، وصرف مستحقاتهم المتأخرة. وقال أحدهم ويدعى حسين مسعد ل «الحياة»: «لسنا سبباً في تعطل الانتاج كما تسعى الحكومة إلى تصويرنا... فلا انتاج أصلاً في هذه الشركات»، مشيراً إلى أن عدداً كبيراً من هذه الشركات «نهب المال العام وأراضي الدولة، ونحن هنا لاسترجاع الحقوق المسلوبة وردها إلى الدولة... كثير من الشركات بدل نشاطه من استصلاح الأراضي الصحرواية وتعميرها بالزراعة إلى بناء منتجعات سياحية في غفلة من الحكومات السابقة، والمثير أن الحكومة الحالية لا تتحرك في مواجهة هؤلاء». وأضاف الرجل الخمسيني بنبرة يائسة: «نحن فلاحون، لا نعرف غير الزراعة والفلاحة وإعمار الأرض... كنا نتقاضى أقل من 500 جنيه راتباً شهرياً يكفينا بالكاد، وحتى هذا المبلغ الضئيل تم إيقافه، فوجدنا أنفسنا في الشارع... لن اترك الاعتصام ما حييت، فلا أملك حتى إطعام أولادي، لماذا أعود لبيتي إذاً؟». رصيف مجلس الوزراء والبرلمان ليس مأوى للعمال والفلاحين قط، بل لخريجي الدراسات العليا من حملة الماجستير والدكتوراه في مختلف التخصصات أيضاً، إذ اصطف عشرات منهم إلى جوار العمال رافعين لافتات تطالب بتعيينهم في الجهاز الإداري للدولة بعد أن استنزفتهم عقود «العمالة الموقتة». وقال محمود حسين الحاصل على شهادة الدكتوراه في البيئة، إنه يعمل في إحدى المصالح الحكومية منذ أكثر من ست سنوات من دون تعيين. وأضاف: «حين يصبح الاختصاصيون عمالة موقتة بسبب عدم توافر درجات، فلا يمكن انتظار نهضة في ذلك البلد... النهضة لا تُبنى إلا بالعلم». وتظاهر أمام مجلس الوزراء أمس عشرات من سائقي حافلات نقل الركاب الخاصة للمطالبة بإلغاء المخلفات المرورية المستحقة عليهم والتي قالوا إنها شهدت زيادة بنسبة مئة في المئة. من جهة أخرى، تقدم عدد من العاملين في رئاسة مجلس الوزراء ببلاغ للنائب العام ضد رئيس الوزراء وقائد حرس المجلس العميد صلاح راغب بسبب «اعتداء قوات العمليات الخاصة والأمن المركزي على موظفين لفض وقفتهم الاحتجاجية التي كانوا نظموها تحت شعار تطهير مجلس الوزراء». وأكد العاملون في البلاغ تعرضهم للضرب والسب «في سابقة لم تحدث في المجلس منذ إنشائه»، محملين قنديل المسؤولية عن ذلك «لأنه للمرة الأولى يقوم رئيس الوزراء باستدعاء قوات أمن لضرب وسب موظفيه». في غضون ذلك، دعا القطب الاشتراكي كمال خليل إلى تنظيم إضراب عام لإجبار الحكومة على تحقيق العدالة الاجتماعية. وقال في ندوة نظمها «مركز الدراسات الاشتراكية» إن «الثورة لن تنجح إلا بتحول المليونيات إلى إضراب عام... يجب الاتجاه ناحية الإضراب لأن المليونيات بدأت تفقد قيمتها». من جانبه، قال الناطق باسم حركة «الاشتراكيين الثوريين» هيثم محمدين في الندوة إن «دولة الإخوان تسن تشريعات لمصلحة رجال الأعمال ضد حقوق العمال... الحكومة يستحيل أن تصدر قانوناً ضد رجال الأعمال وخطة التقشف لن يتم تنفيذها إلا بالتعسف والقمع ضد العمال والباعة الجائلين».