لم يكن حال العام الدراسي الجديد الذي بدأ قبل أيام في مصر أفضل حالاً مما سبقه، إن لم يكن أسوأ على الطلاب والمعلمين، على حد سواء. فالمعلمون كغالبية طوائف المجتمع يشكون من ضيق الحال، خصوصاً من لم يسعدهم حظهم بالنهل من «كنز الدروس الخصوصية» فاضطروا إلى الانضمام إلى طابور المعتصمين أمام مقر مجلس الوزراء في شارع قصر العيني، علَّ مسؤولاً ينظر إلى شكواهم. وفيما الإضرابات تنتشر في مختلف قطاعات الدولة، يستعد الأطباء لتنفيذ إضراب جزئي عن العمل بدءاً من الاثنين المقبل لتحسين أحوالهم المعيشية وتأمين المستشفيات بعد انتشار ظاهرة مهاجمتها من قبل البلطجية. ورغم أن الرئيس محمد مرسي ورئيس وزرائه هشام قنديل وكل المسؤولين تقريباً أقروا بمشروعية مطالب المعلمين والأطباء، إلا أنهم ناشدوا أصحابها «الصبر»، متعهدين تلبيتها في المستقبل، لكن من دون خطة زمنية واضحة. وتتعلل الحكومة بوصول عجز الموازنة العامة للدولة إلى 175 بليون جنيه ما يحول دون تلبية تلك المطالب. وأظهرت الحكومة الجديدة عجزاً عن لجم ارتفاع الأسعار وانخفاض الرواتب، ما دفعها إلى التشدد في التعامل مع المضربين. وواصل مئات من عمال المصانع وسائقي التاكسي والمعلمين اعتصامهم أمس أمام مقر الحكومة، لكن الأمن منعهم من الدخول إلى شارع المجلس وأغلقه أمامهم بالحواجز الحديد، ما أثار استياءهم، ورفعوا لافتات تؤكد أنهم مستمرون في إضرابهم إلى حين تلبية مطالبهم. وقال محمد إبراهيم وهو مدرس لغة عربية في محافظة كفر الشيخ: «يهددونا بفسخ تعاقدهم معنا لقمعنا... لن نتنازل عن حقوقنا بعد اليوم». واعتبر أن «الحكومة لا تحمي حق التظاهر والإضراب، وهم يستغلون أن عدداً كبيراً من المعتصمين من المعلمين المتعاقدين الذين لم يتم تثبيتهم، ويهددونهم بفسخ التعاقدات، وإن حدث ذلك فسنثور ثانية... بعض المسؤولين أحال زملاء لي على التحقيق بسبب إضرابهم عن العمل واعتصامهم». وفضلاً عن الاحتجاجات ذات المطالب المالية، انتشرت ظاهرة اعتصام المعلمين وإضرابهم عن العمل بسبب انتشار البلطجة سواء داخل المدارس أو خارجها، ما أثار استياءهم ودفعهم إلى الاحتجاج العلني. وتكرر تنظيم معلمي مدارس عدة في القاهرة وخارجها اعتصامات وتظاهرات للمطالبة بحمايتهم والطلاب والمدارس من البلطجية الذين لا يتورعون عن التعدي حتى على المعلمات في ظل عجز أمني عن التعامل مع الظاهرة. وهدد معلمو مدرسة في منطقة غمرة في القاهرة خلال تظاهرة أمس بالتوقف عن العمل ما لم تتحرك الوزارة لحمايتهم من البلطجية الذين يفرضون إتاوات عليهم وعلى الطلاب للسماح لهم بالدخول إلى مدرستهم. ورفع المعلمون لافتات كُتب عليها: «يا وزير فينك فينك؟ الإهانة بينا وبينك»، و «ضربوا المدرس، ضربوا المدير... الدور الجاي على الوزير»، و «جميع مدرسي غمرة معتصمون حتى تعود لهم كرامتهم وأمنهم». وروى معلمون ل «الحياة» كيف أن الإدارة التعليمية تتهاون في التحرك لحض الأجهزة الأمنية على حلِّ مشكلة البلطجة التي تعاني منها مدرستهم الواقعة قرب منطقة عزبة أبو حشيش العشوائية. وقالوا: «هم (المسؤولون) لا يتحدثون إلا عن ضرورة انتظام العمل، لكنهم لا يجدون لنا سبيلاً للوصول إلى مقر العمل أصلاً... يكتفون بنقل شكوانا إلى الشرطة من دون تحرك جدِّي لحلِّ الأمر، وإذا استمر الوضع على ما هو عليه فلن نذهب إلى العمل». وأوضح معلم يدعى حسين إسماعيل أن عدداً من زملائه أصيبوا بعد اعتداء بلطجية عليهم بأسلحة بيضاء، «والإدارة و الوزارة لم تحرَّكا ساكناً». وكانت نقابة الأطباء عقدت اجتماعاً لجمعيتها العمومية لاتخاذ قرار بتنفيذ إضراب جزئي عن العمل، شهد خلافات حادة بين الأعضاء ومجلس النقابة، الذي رفض طلب الأعضاء تطبيق عقوبة على من يخالف قرار الإضراب. والتقى الرئيس قبل أيام نقيب الأطباء ضمن وفد ضم عدداً من نقباء المهن الطبية ووعد بتلبية مطالب الأطباء في موازنة العام المقبل.