أعادت ثورة 25 يناير، اكتشاف بعض الحقائق القديمة والمثيرة للدهشة، منها أغاني الشيخ إمام عيسى، التي ملأت فضاء ميدان التحرير فرحاً وحماسة، فشدت بها الحناجر وتحلقت الجموع صباحاً حول حازم شاهين ومحمد محسن، اللذين قدّما أغاني الشيخ. وفي الليل، كان السهارى يتجمعون حول علاء الدين إبراهيم الذي حظي بصداقة متينة مع الشيخ إمام، منذ نهاية ثمانينات القرن الماضي، وحتى رحيله عام 1995 ولطالما حلم بتقديم موسيقى أستاذه بالشكل الذي كان يحب أن يسمعها الناس. وإذا كان الشيخ علاء كما يناديه الأصدقاء، يرى أن أستاذه ظُلم كفنان وعُرف كمغن سياسي ومعتقل دائم على مدى سنوات طويلة، وهذه هي الصورة العالقة في أذهان الجميع، إلا أنه ملحن موهوب له أعمال في الإذاعة مثل «ساعة العصارى» التي غنتها ليلى نظمي و«عشق الصبايا» بصوت فايدة كامل، وهما لحنان لا يقلان أهمية عمّا قدم في الزمن الجميل. المحاولة الأولى في السنة التي رحل فيها الشيخ إمام، كانت محاولة أولى لتكوين فرقة بقيادة علاء، لتقديم ألحانه، وكانت تقوم على فكرة تأسيس جمعية باسم محبي أو أصدقاء الشيخ، ومن خلالها يتم تفعيل نشاط غنائي وتكوين كورال... لكن جاء رفض الجمعية لأسباب أمنية، في فصل جديد من مسلسل منع وجود اسم الشيخ إمام في عهود ما قبل 25 يناير 2011. المحاولة الثانية ولدت داخل مركز سعد زغلول الثقافي، بعد أن ترك الشيخ علاء فرقة الفنان انتصار عبد الفتاح للإنشاد الديني والتابعة لوزارة الثقافة، اعتراضاً على بعض النواحي الفنية في أسلوب التحفيظ، وذهبت معه مجموعة من هذه الفرقة، فضلاً عن مجموعة من مركز سعد زغلول، لتبدأ مرحلة البروفات بهذه التشكيلة. وفي آذار (مارس) 2012 وقفت للمرة الأولى فرقة باسم «الأولة بلدي»، وهي أحدث أغنيات الشيخ إمام على المسرح، ضمن فاعليات «الفن ميدان» ثم أحيت ذكرى رحيل الشيخ في مركز سعد زغلول في حفلة سجلت على أسطوانة رقمية. ويقول علاء الدين إبراهيم عن هذه المرحلة: «غلبت الاختيارات على الأغاني المعروفة لجمهور الشيخ إمام السهلة الترديد، مثل «اتجمعوا العشاق» و«شيد قصورك» و«أبوح». أعضاء الفرقة أصحاب موهبة وقدرات صوتية تمكنهم من أداء أصعب الألوان الغنائية مثل الموال الذي يقدمه المغني الرئيس للفرقة أحمد نافع الذي غاب في الفترة الأخيرة، لأن إمكانات الفرقة المادية لا تسمح بوجوده معها، وهذه مشكلة أخرى تهدد استمرار الفرقة. وفي آخر ظهور لها في احتفالية الفن ميدان، اقتصرت المشاركة الموسيقية على وجود اثنين من عازفي العود إلى جانب اثنين من آلات الإيقاع، وغاب عازفا القانون والكمان للأسباب نفسها. وعن مشاركة العنصر النسائي في الفرقة، يقول الشيخ علاء: «شجعتني أول مشاركة واسمها هالة على تثبيت الصوت النسائي لأنها من بيت عاشق للشيخ إمام وتحفظ أغانيه ووجدت أن رقة الصوت النسائي سيضفي طابعاً لطيفاً يقلل من حدة بعض الأغاني والجمل، وعلى مستوى التكنيك الموسيقي يخلق توازناً بين طبقة الصوت الرجالي والنسائي». وعن كيفية اختيار الأغاني وتقديمها، يوضح: «هناك تسجيلات عدة لكل أغنية ربما تصل إلى خمسة أو أكثر، كل تسجيل له جو ومزاج مختلف وأحاول أخذ أفضل ما فيها، فمثلاً تغيير سرعة الإيقاع أو تغييره تماماً لا يظهر في التسجيلات المشوشة أو حتى الجيدة نسبياً، لأنه يعتمد على عازف إيقاع واحد لا يظهر صوته بشكل مناسب ولكن مع تقديم اللحن أمام الجمهور والتأكيد على جزئية كهذه، يظهر التحول في اللحن إيقاعياً، وهناك مسألة التوزيع والتي أقوم بها من خلال الصوت البشري».