بعدما قدمت فرقة «جدل» الأسبوع الماضي، فقرات غنائية اعتمدت بمجملها على الألحان الغربية القريبة من تنويعات ال «روك آند رول»، ضمن فعاليات مهرجان الأردن، استعادت على مدرج جبل القلعة في العاصمة الأردنية عمّان أخيراً، كل من فرق «إطار شمعة» من سورية و «عمر الفقير» و «عزيز مرقة» من الأردن، أمسية جاز ضمن فعاليات المهرجان نفسه. وشهدت الأمسية تنويعات من موسيقى الجاز أمام جمهور ملأ مقاعد المدرج البالغة ثلاثة آلاف. ولكن مع انتهاء آخر فقرة لفرقة «إطار شمعة» بدا المدرج خالياً إلا من مئات. وجاء تواصُل الجمهور عبر التصفيق والرقص وترديد المقاطع الغنائية، محدوداً للغاية، نظراً إلى قلّة عدد المتفاعلين مع هذا الفن الذي ما زال حديثاً نسبياً في الأردن. في القسم الأول من الحفلة التي قدمت فيها فرقة «عزيز مرقة» ست أغانٍ، تفاعل الجمهور وجلّه من الشباب، مع أغنيتين: «يا بنت الناس ردي علي» التي تشير كلماتها إلى إصرار الحبيبة على النأي عمّن أحبها، و «عيش ببساطة» التي تتناول تقلب صروف الدنيا. بينما أنصت الجمهور الى «ملموس»، وهي أغنية برز التركيب الغنائي فيها ممزوجاً بين الغناء الصوفي وموسيقى البلوز. واستمع الجمهور بصمت الى «خوفوني» التي تعرض نوازع البشر بين الخير والشر. غير أن «احكي لأمي» نالت تفاعلاً بارزاً من الفئات العمرية المختلفة لرصدها مشاعر الغربة خارج الوطن. عزيز مرقة يرى أن ما قدمه من غناء يتسم ب «حساسية جديدة في الغناء العربي، وضد النمط المكرور»، وذلك في معرض رده على أحاديث نقلتها «الحياة» له عن مشاهدَين. فالطالب في جامعة الزيتونة أحمد علي الهندي، يذهب إلى أن ما قدمه مرقة «ليس له علاقة بالجاز كون آلة الساكسفون غائبة عن الفرقة». أما الناقد جون كلود إلياس فقد عَدّ ما قُدّم جميلاً، مستدركاً: «لكن ليس لهذا علاقة بموسيقى الجاز». وأوضح مرقة أن ما قدمه في الحفلة يُدعى «rass» وهو أسلوب ابتكره في ولاية أركينسا، يمثل مزيجاً بين الروك والموسيقى العربية و «jass». وجاء القسم الثاني من الحفلة السابعة ضمن فعاليات مهرجان الأردن، مغايراً للأول من حيث خلوّ فقراتها من الغناء والاكتفاء بالعزف الموسيقي الذي أشرف على توزيع أداء تقنياته عمر الفقير. وتراجعَ تفاعُلُ الجمهور أثناء ذلك، لأن الوسيلة الوحيدة باتت الجمل والألحان الموسيقية، وهذا ما أكده الفقير نفسه ل «الحياة» بعد مغادرته المسرح، قائلاً: «أنا شخص عربي ألعب على نمط موسيقي غير موجود في منطقتنا، هو الجاز، وهذا يعبّر عن مقدرة وموهبة لدينا تجعلنا نتقنه. تقديم هذا النوع من الموسيقى يُعدّ رسالة، وتعريف الناس بهذه الموسيقى التي أصبحت عالمية ومنحهم فرصة لتذوقها رسالة أيضاً». وكان الفقير قدم ثلاث مقطوعات من ألبوم catch me if you can, saw Amman, alone، الموقَّع باسم فرقته التي نشأت عام 1990 من أفراد عائلته أساساً، مع العلم أن جده كان عازفاً مع محمد عبدالوهاب وأم كلثوم، ووالده عازف الناي حسن الفقير، وبهذا يشكل عمر الجيل الثالث لعائلة تمتد مسيرتها الفنية على مدى قرن. وتضم الفرقة: علاء الفقير (الغيتار الكهربائي)، عبدالرحمن الفقير (الدرمز)، عمر الفقير (البيانو)، ماهر حنيحن (إيقاعات)، دايفد فوتيان (ترومبيت)، وإبراهيم خريس (قيتارة). وفي اختتام الحفلة الموسيقية التي أحيتها فرقة «إطار شمعة» التي تأسست عام 1998، عاد غناء الجاز ثانيةً مع المغنية والملحنة رشا رزق التي بدا صوتها بارعاً في عذوبته، وعبر توظيفه بتناغم مع ألحان الجاز. وقدمت «إطار شمعة» أولى أغانيها «البلكون» التي عبّرت عن حساسية الأنثى ورهافتها، والتي أعادت شدّ الجمهور المتبقي على المقاعد، بينما اتسمت الأغنية الثانية بالطابع السياسي، وهي بعنوان «هلأ فهمت اللعبة». أما «في الليل»، فهي أغنية اتجهت إلى الرومانسية، وهيمن أداء المقاطع الصوتية على الأغنية الرابعة «صوت الأيام» التي ذهب المعنى فيها إلى طرح إشارات استفهام حول وجودية معنى الحياة. وتغير الإيقاع الصوتي واللحني في الخامسة «اطلع من راسي»، وفي السادسة «بسرعة تتغير الأغاني» أيضاً، لتقترب الأغنيتان من مشاعر وأحاسيس الغضب والتنفيس. واختتمت الفرقة ب «كذّاب» التي فاض المعنى فيها بمفاهيم العبث. وبهذا كانت فرقة «إطار شمعة» الأقرب في طرح مفهوم أغنية وموسيقى الجاز، بحسب العديد من الذين ظلّوا من الجمهور.