تجرّعت وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون «كأس» اعتداء بنغازي، محاولة تحييد البيت الأبيض والرئيس باراك أوباما عن تحمّل عبء إضافي قبل ثلاثة أسابيع من الانتخابات الأميركية. وأعلنت الوزيرة «مسؤوليتها» عن الهجوم الذي راح ضحيته السفير كريس ستيفنز وثلاثة أميركيين آخرين الشهر الماضي. وتقاطع ذلك مع إعلان البيت الأبيض وضع «وحدات خاصة» في حال تأهب وتوجيه طائرات من دون طيار إلى أفريقيا استعداداً لإمكان التحرك فوراً في حال كشف المجموعة المسؤولة عن الاعتداء. وفي سلسلة مقابلات تلفزيونية، قبل ساعات من المناظرة التلفزيونية بين أوباما ومنافسه الجمهوري ميت رومني ليل أمس، أعلنت كلينتون أنها تتحمل المسؤولية عن الهجوم الدموي على البعثة الديبلوماسية الأميركية في بنغازي. وقالت لمحطة «سي. ان.ان» خلال زيارتها لعاصمة بيرو ليما: «إنني أتحمل المسؤولية» عما حدث. وحاولت تحييد البيت الأبيض والرئيس ونائبه جو بايدن، مشيرة إلى أنهما لا يتحملان المسؤولية عن تعليمات الأمن للمنشآت الديبلوماسية الأميركية كون هذه المسؤولية ملقاة على وزارة الخارجية. وقالت كلينتون: «أنا مسؤولة عن العاملين في وزارة الخارجية الذين يزيد عددهم على 60 ألف شخص في أنحاء العالم»، مضيفة أن «الرئيس ونائب الرئيس ليس لديهما علم بشأن القرارات المحددة التي يتخذها خبراء الأمن. فهم الأشخاص الذين يقومون بتقويم كل المخاطر والتهديدات والاحتياجات واتخاذ قرار مدروس». وجاءت تصريحات كلينتون بعد انتقادات متصاعدة لإدارة أوباما بشأن هجوم بنغازي الذي سعى رومني إلى استخدامه في تقويض صدقية السياسة الخارجية لأوباما قبل انتخابات السادس من تشرين الثاني (نوفمبر) المقبل. وركّز الجمهوريون بوجه خاص على التغيّر في تفسيرات إدارة أوباما لما حصل في عاصمة الشرق الليبي، وتضارب تصريحات بايدن مع تصريحات مسؤولي الخارجية عن طلب السفارة في ليبيا تكثيف الاجراءات الأمنية، وهو ما نفاه بايدن وأكدته الخارجية. وعزت كلينتون، في مقابلتين تلفزيونيتين منفصلتين يوم الاثنين، هذا التضارب بأنه نتج عن «ضباب الحرب». وقالت كلينتون في مقابلة مع «فوكس نيوز»: «تذكّروا أن هذا الهجوم استمر ساعات عدة». وأضافت: «يجب أن يكون هناك الكثير من عمليات التدقيق. الجميع قالوا: هذا ما نعرفه وهو يخضع للتغيير». وكانت سفيرة واشنطن لدى الأممالمتحدة سوزان رايس نسبت الاعتداء الى «تظاهرات» بسبب الفيلم المسيء للإسلام، قبل أن تتراجع الإدارة عن ذلك وتعطي مؤشرات إلى تورط تنظيم «القاعدة». وأدت هفوات رايس إلى صدور دعوات من نواب جمهوريين، بينهم بيتر كينغ، إلى استقالتها، كما قد تعرقل حظوظ توليها منصب وزيرة الخارجية في حال اعادة انتخاب أوباما. وأكدت كلينتون حرصها على تفادي التلاسن الانتخابي «ولعبة القاء اللوم... وأود فقط أن أعود خطوة إلى الوراء وأن أقول من خلال تجربتي إننا في أفضل حالاتنا كأميركيين عندما نتحد. فعلت ذلك مع رؤساء ديموقراطيين ومع رؤساء جمهوريين». وقرأ كبار المعلّقين الأميركيين تصريحاتها بأنها محاولة لتحييد اعتداء بنغازي عن الجدل الانتخابي وحفظ مسافة بين البيت الأبيض وبين المسؤولية الأمنية عن البعثة الأميركية في شرق ليبيا. بدوره، وضع البيت الأبيض بحسب ما أوردت وكالة «أسوشييتد برس» فرق «عمليات خاصة في حال تأهب» و «نقل طائرات من دون طيار إلى سماء افريقيا». ونقلت الوكالة عن مسؤولين أميركيين إن هذه الفرق والطائرات «على استعداد لضرب أهداف عسكرية من ليبيا إلى مالي في حال وجد المحققون مسؤولية لمجموعة متصلة بالقاعدة عن الاعتداء» الذي وقع في بنغازي. وفي الإطار ذاته، ذكرت صحيفة «نيويورك تايمز» أن الإدارة الأميركية حصلت على موافقة الكونغرس لتخصيص ثمانية ملايين دولار لمساعدة ليبيا على تشكيل وحدة من قوات النخبة مهمتها مكافحة المجموعات المتطرفة. وسيتم اقتطاع هذه المبالغ من الأموال المخصصة لعمليات البنتاغون في باكستان، وذلك من أجل مساعدة ليبيا على مكافحة المتطرفين الإسلاميين الذين يزداد نفوذهم يوماً بعد يوم. ونقلت «فرانس برس» عن الصحيفة إن هذا المشروع الرامي إلى تشكيل وحدة من قوات النخبة تتألف من 500جندي ليبي مخطط له منذ ما قبل الهجوم على القنصلية في بنغازي، لكنه وضع على نار حامية بسبب خطورة الأوضاع في ليبيا.