رفع الاتحاد الأوروبي سقف ضغوطه على إيران أمس، إذ شدّد عقوباته، مستهدفاً قطاعات حيوية، مثل التعاملات المالية والاتصالات والطاقة والتجارة. لكن طهران كرّرت أن العقوبات لن تُحدث «تأثيراً دائماً» في اقتصادها، ورجّحت أن «يخفق الأعداء» في ما يصبون إليه. ورحبت الولاياتالمتحدة بقرار الاتحاد، وقال الناطق باسم البيت الأبيض جاي كارني: «حشد العالم لعزل إيران وزيادة الضغط على قيادتها، بحيث توقف سعيها إلى امتلاك سلاح نووي، كان على رأس أولويات الرئيس» باراك أوباما. ورأى أن ذلك «يعزّز الجهود الدولية للضغط على الحكومة الإيرانية وعزلها». واعتبر وزراء خارجية الدول ال27 الأعضاء في الاتحاد الأوروبي أن «إيران تتصرف في شكل يعدّ انتهاكاً فاضحاً لالتزاماتها الدولية، وتواصل رفض التعاون الكامل مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية». وأضافوا خلال اجتماع في لوكسمبورغ، أن «النظام الإيراني يمكنه التصرّف في شكل مسؤول ووضع حد للعقوبات»، من خلال جلوسه إلى طاولة المفاوضات، محذرين من أن امتناعه عن ذلك سيجعل الاتحاد «يزيد الضغط، عبر التنسيق الوثيق مع الشركاء الدوليين». وأعلن الاتحاد إقراره «تدابير أضافية مقيّدة» لإيران «تشمل قطاعات المال والتجارة والطاقة والنقل»، إضافة إلى تدابير، بينها تجميد أصول وقيود مالية على شركات، خصوصاً تلك «الناشطة في صناعة النفط والغاز» في إيران. وفرض الاتحاد حظراً مبدئياً على كلّ التعاملات المالية بين المصارف الأوروبية والإيرانية، وعزّز العقوبات على المصرف المركزي الإيراني. وثمة استثناءات لإرسال أفراد أموالاً أو للدفعات الإنسانية أو تلك المتصلة بشراء مواد غذائية أو معدات طبية. وقرر الاتحاد للمرة الأولى، استهداف قطاع الاتصالات وشركاته التي ستُحدد لاحقاً، كما أدخل تغييراً على سياسته، إذ بات على التجار الأوروبيين أن يقدموا طلباً للحصول على ترخيص من حكوماتهم قبل تمويل أي تعاملات بالسلع المسموح بتصديرها إلى إيران. وبعدما حظَّر استيراد النفط الإيراني منذ تموز (يوليو) الماضي، حظّر الاتحاد واردات الغاز من طهران، كما منع تسجيل سفن إيرانية أو تزويد طهران ناقلات نفط جديدة وقدرات تخزين للنفط، وجمّد أصول وزير إيراني و34 شركة جديدة، خصوصاً في قطاعي المصارف والنفط. كما سيمنع تصدير مواد يمكن طهران استخدامها في برنامجيها النووي والباليستي، مثل الغرافيت والألومنيوم. ونقلت وكالة «فرانس برس» عن ديبلوماسي أوروبي إن دول الاتحاد موافقة أيضاً على مبدأ معاقبة شركات اتصالات مرتبطة ب «الحرس الثوري» والبرنامج النووي، ولكن لاحقاً. وتُعدّ العقوبات الجديدة بين أشدّ الضغوط الأوروبية على إيران، وتشكّل تغييراً ضخماً في سياسة الاتحاد التي كانت تركّز على فرض قيود اقتصادية على أفراد وشركات في إيران، متجنبة معاقبة مواطنيها. وحجب القمر الاصطناعي الأوروبي «يوتيلسات» 19 شبكة تلفزيونية وإذاعية إيرانية امس، استجابة لعقوبات الاتحاد على «منتهكي حقوق الإنسان» في طهران. وبين تلك الشبكات، قناتا «العالم» الناطقة بالعربية و»برس تي في» الناطقة بالإنكليزية. وأتى تشديد الاتحاد عقوباته على إيران، بعدما أفادت بيانات أميركية بارتفاع مفاجئ لصادرات الولاياتالمتحدة إلى طهران، بنحو الثلث هذا العام، بفضل مبيعات الحبوب. كما أعلنت إيران أنها ستسعى إلى تقليص واردات السلع غير الأساسية، لكن وزير الخارجية علي أكبر صالحي اعتبر أن «عقوبات الغرب لن تُحدِث تأثيراً دائماً في اقتصاد البلاد، إذ يرتكز إلى اكتفاء ذاتي». أما مرشد الجمهورية الإسلامية علي خامنئي فاتهم «الأعداء» بمحاولة «زعزعة الاستقرار» في إيران، وزاد: «على مسؤولي الحكومة والبرلمان والقضاء أن يكونوا متيقظين، لئلا يتمكن الأعداء من تعكير الهدوء في البلاد بمؤامراتهم». ونبّه إلى أن «الأعداء سيخفقون في مواجهتهم الاقتصادية ضد الأمة الإيرانية، كما اخفقوا في المجالات الأخرى». في المقابل، اعتبر رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو أن «مَن يستخفون بالخطر النووي الإيراني، لا يستحقون قيادة إسرائيل يوماً واحداً. لدينا الآن قدرات على التحرّك ضد إيران وفروعها، لم نحظَ بها سابقاً».