فازت الكاتبة السورية سمر يزبك بجائزة بن- بنتر للعام 2012 مناصفة مع شاعرة البلاط البريطاني كارول آن دافي التي أعلن عن فوزها في تموز (يوليو) الماضي. اختارت دافي شريكتها بنفسها، وفق شروط الجائزة، من لائحة قصيرة أعدّتها رابطة «بن» المدافعة عن الكتّاب وضمت كتاباً تعرضوا للملاحقة لمعارضتهم العلنية للنظام. تشكلت لجنة التحكيم من الكتاب ملفن براغ، مارغريت درابل، أنتونيا فريزر، أرملة هارولد بنتر، ديفيد هير وجيليان سلوفو، رئيسة رابطة « بن» في بريطانيا. أسست جائزة بن/ بنتر في 2009 بعد وفاة المسرحي البريطاني الفائز بجائزة نوبل ( العام 2005 ) بالسرطان في 2008. وهي تمنح سنوياً لكاتب بريطاني أو مقيم في بريطانيا «يلقي نظرة لا تجفل أو تنحرف» على العالم وفق تعبير بنتر، ويظهر « تصميماً شرساً (...) للتعريف بحقيقة حياتنا ومجتمعاتنا». نالها قبل دافي حنيف قريشي وديفيد هير. منح بنتر أرشيفه الكبير للمكتبة البريطانية التي استضافت الحفل، وذكرت سلوفو أن الجائزة تقدم في ذكرى ميلاد الكاتب في العاشر من تشرين الأول (أكتوبر) وأنها تتميز بكون الفائز البريطاني يختار بنفسه شريكاً أظهر شجاعة في مواجهة الاضطهاد. أشار اللورد براغ إلى خصوصية دافي التي تستطيع أن تربط الحب في قصيدة «فالانتاين» بتفاصيل حياتية غير مألوفة وتبدأها بعبارة:»أعطيك بصلة». لفت إلى مداها «الواسع الرائع» وكتابتها عن قاتل، عشيقة، ضحية جريمة قتل، مشاهد إنسانية من الحرب العالمية الأولى وآخر الناجين منها. تحدث عن طفولتها السكوتلندية، جدها الشيوعي، كاثوليكيتها الباكرة، وطلبها من الله ألا تصبح راهبة «والحمد لله أنها لم تفعل». الليدي أنتونيا فريزر قدمت الجائزة إلى دافي ومعها رسم كاريكاتوري يمثلها للفنان مارتن راوسن. قرأت دافي بضع قصائد لها منها أربع جديدة وتحدثت عن خلفيتها، وأصدرت دار فابر قصائد الأمسية في كتيب محدود الطبعة وزع على الحضور. ارتدت الشاعرة ذات الشعر الأسود فستاناً أسود وجوارب سوداً وانتعلت حذاء أسود، تتمتع بحس مرح لاذع، وهي المرأة الأولى التي تعين شاعرة بلاط. نالت جائزة كوستا عن مجموعتها «النحل» ورحّبت خلافاً لغيرها بتعلّق الشبيبة بالهاتف المحمول، ورأت في الرسائل النصية ملامح شعرية. قالت إنها اشتركت وبنتر في الإعجاب بسامويل بيكيت والذهاب إلى مدرسة حكومية. تحدثت عن ليلة الميلاد في 1914 حين توقف الجنود من الطرفين عن القتال بشكل عفوي، ومن دون استشارة قوادهم، وتبادلوا السجائر والحلوى، وأطلع جندي ألماني أعداءه على صورة زوجته التي اشتاق إليها. سخرت من دائرة الامتحانات التي ألغت قصيدة لها من المنهج الدراسي الرسمي بحجة أنها تشجع المراهقين على ارتكاب الجريمة، وردّت عليها بقصيدة لاذعة. أشارت إلى إلغاء اسم المقاطعة من العنوان في الرسائل، وقالت إنها كتبت دائماً بعد «بريطانيا» على الظرف «أوروبا، العالم، قرب الله». قدمت دافي سمر يزبك قائلة إنها اختارتها لمهارتها الأدبية ومعارضتها النظام على رغم العواقب وتبرؤ العائلة والقبيلة منها. كتبت يزبك يومياتها في الأشهر الأولى للثورة في سوريا، ونال كتابها الصادر بالإنكليزية «امرأة وسط نيران متقاطعة» جائزة بن للكتاب المترجم. امتدح لتزويده القارئ ب «رؤية فريدة تماماً للصراع خلافاً لكل ما صدر حتى الآن». انتقدت النظام قبل اندلاع التظاهرات، وعزّز انتماؤها العلوي أهمية معارضتها. عبّرت عن تأييدها المتمردين منذ البداية، فاعتقلتها الشرطة وقادتها إلى زنزانة لتريها مصيرها إذا لم تتوقف. صفعها شرطي فوقعت على الأرض. خشيت على ابنتها ونفسها وهربت إلى باريس. تصدر روايتها «قرفة» بالإنكليزية عن «أرابيا بوكس» الشهر المقبل، وتتناول علاقة مثلية بين امرأة وخادمتها. قالت يزبك إن الجائزة لا تكرّمها شخصياً «بقدر ما تكرّم كاتبات وكتاب سوريا، سواء من وقف منهم مع الثورة علناً، أو من وقف معها ضمناً لأسباب تتعلق بشدة القمع والاستبداد. وهذه الجائزة فرصة ثمينة أخرى لكي يعرف العالم أن في سوريا تاريخاً عريقاً من الثقافة والإبداع يستحق الالتفات إليه (إنها ) تكرّم جميع الأشخاص والحكايات الفردية والوقائع الجماعية التي أتيح لي تسجيلها في كتابي، وشكلت روح النص وشرفه وقيمته الأخلاقية والإنسانية. ويحزنني أن قسماً كبيراً من صانعي مادة الكتاب الجوهرية هم شهداء الآن». هاجمت «النظام الأسدي المجرم» وتذكرت فقرة من كلمة بنتر في خطاب تسلم نوبل. «حين نتطلع في المرآة نخال أن الصورة التي تطالعنا دقيقة. لكنها تتغير إذا تحركنا ميلليمتراً واحداً. إننا في الواقع ننظر إلى مدى لانهائي من الانعكاسات. على الكاتب أحياناً أن يحطم المرآة لأن الحقيقة تحدّق فينا على الجانب الآخر من المرآة». أهدت الجائزة إلى الشهداء والنساء العاملات بصمت والمتنقلات بين زخات الرصاص والقذائف.