يمتلئ عالم «التفحيط» بالأسرار والمعلومات، التي تجعله مستمراً ونشطاً، حتى في أشد حالات التضييق الأمني عليه. فعلى رغم إعلان الأجهزة الأمنية تكثيف وجودها في أحد أبرز المواقع التي يتجمع فيها المفحطون في المنطقة الشرقية، إلا أن أجهزة التواصل الاجتماعي، بثّت إعلاناً، تؤكد فيه مجموعة من المفحطين عزمها على إقامة «حفلة تفحيط» نهاية الأسبوع الجاري، في منطقة «العويرض»، الواقعة على طريق مطار الملك فهد الدولي في الدمام، والتي شهدت قبل 10 أيام مقتل شاب بطلقات من رشاش. وقد يستغرب البعض من سبب هذا الاستقطاب «المُبالغ فيه» من قبل مجموعات التفحيط، على رغم ما يرافق تجمعاتهم من ملاحقات أمنية، وخسائر في الأرواح وتكاليف مالية. إلا أن سبر أغوار هذا العالم «المجهول» يكشف عن حجم التأييد الذي يجده «أبطاله»، من قبل فئة الشباب، والتسهيلات التي يوفرونها لهم، ما يجعل الساحات «عامرة»، على رغم إجراءات التضييق كافة. ويبرر مرتادو هذه الساحات تجمعاتهم، بسبب «افتقارهم إلى مواقع ترفيهية، يمارسون فيها هواياتهم تحت مظلة رسمية»، ما ألجأهم إلى هذه الساحات «العشوائية»، وتحويلها إلى ميادين يعبرون فيها عن أنفسهم وإمكاناتهم وقدراتهم. لذا يشارك كل شاب بكل ما يستطيع من أجل إنجاح مثل هذه الأنشطة، إما عبر الحضور وتشجيع السائقين. ولهذه منزلة كبيرة لديهم. وتُعدّ «مفخرة» لقياس جماهيرية كل منهم، وقدرته على جذب المتابعين. وكذلك قيام بعض المتابعين بدفع كلفة الإطارات، التي تُعد الأكثر عرضة للتلف بين مكونات سيارة «المُفحط»، كمساعدة لحضّه على المتابعة، وعدم التوقف عن ممارسة التفحيط. ولعل من أبرز الملاحظات التي ظهرت أخيراً، في ساحات التفحيط رفع الأسلحة في مواكب تحمل طابعاً قبلياً، ويسودها روح التحدي بين الأطراف المتنافسة في الساحة. وبحسب بعض المحللين فإن هذه العادة «خلطت بين فكرة العبثية في قيادة السيارة، كترويح عن كبت وضغوط حياتية، وبين عبثية الفكر لتحويل هذه الممارسات لإثبات الهوية كقيمة، يجب أن تدخل حتى في طريقة قيادة السيارة». إلا أن الظاهرة «الأخطر»، التي برزت في ساحات التفحيط، هي تحوّل بعضها إلى «بؤر فساد، يخشى حتى الهاوي الاقتراب منها»، إثر انتشار بعض أصناف المخدرات، وتحديداً «الكبتاغون» بين بعض المفحطين، الذين يعتقدون أنه «يوحي لمستخدمه بقوة التركيز، والقدرة على مواصلة العمل بقدرة مضاعفة». وهذا يفسر ما يظهر في المقاطع التي تُبثُّ على شبكات التواصل الاجتماعي، وكيف ترتطم السيارات في بعضها، من دون وجود مسببات لذلك، كسرعة جنونية أو انزلاق، أو شيء من هذا القبيل. ولعل من اللافت في عالم «التفحيط»، قدرة تلك المجموعات على التعبير عن مخالفتها للنظام، عبر «واتساب» و»فيسبوك»، وغيرهما من وسائل التواصل الاجتماعي، والمواقع المتخصصة على شبكة الإنترنت، والتي حققت بعضها شهرة واسعة وانتشاراً لافتاً في أوساط الشبان، وساهمت في صنع «أبطال» في هذا العالم. في ظل «تراخي» من جانب أجهزة الأمن، يتجلى في عدم بروز جهودهم للحدّ من الظاهرة، إلى درجة أنهم باتوا لا يتورّعون عن الإعلان عن أماكن إقامة حفلات التفحيط، التي تقام في إجازة نهاية الأسبوع في محافظات متفرقة في المنطقة الشرقية.