في حقيقة العلاقة بين التابع والمتبوع، أساسية الصراع على «السلطة» في أشكالها، في تاريخ الإنسان وأوليّته. «الصراع بين الأتباع من أجل المتبوعين»، منذ القدم إلى «تويتر» مثلاً، مسألة خالطها الكثير من كلمات حق يراد بها باطل، وكلمات باطل يراد بها حق! المشاركة مع جماعة (أتباع لمتبوع) والذوبان فيها من دون التفريق بين حقها وباطلها، فيهما الكثير من الفردانية الانتهازية، للانتصار للذوات على حساب العدل. حين يهب التابع مدافعاً عن متبوع لمجرد الدفاع في ذاته، إنما يعبّر عن حاله المأزومة التي تحتاج إلى انتصار شخصي، ذلك لا يعارض احتمال صدقه في دفاعه ولو على باطل، لكن هذا الصدق في معظمه، وكثرة أتباع المتبوع، يحولان التابع الفرد دون التفريق بين حق وباطل! في الغالب، تتراكم أصوات التابعين مشكّلة صدى ضخماً لقضايا مجتمعية صغيرة، يبدو «الصراع من أجلها» جماعياً في ظاهره، لكنه حقيقة فردي أناني ظالم في باطنه. المفهوم الأساسي الذي بني عليه موقع التواصل الاجتماعي «تويتر» فيه الكثير من «مفهوم التابع والمتبوع» (followers & following). وفي «تويتر» كما في الحقيقة: التبعية طبقات، فكل متبوع تابع لمتبوع آخر، في طريقة أو أخرى. النفاق الذي تمارسه شخصيات عامة (متبوعة وتابعة) في تويتر، إزاء الجهل، التخلف، الرجعية، الفساد العام، انتهاك حقوق الإنسان، إنما هو فساد آخر. هذا «الفساد» في معظمه لا ينم عن جهل بقدر ما هو خوف من خسارة أتباع في باطنه. فبعض المتبوعين من الشخصيات العامة قادر على خلق مبرر لكل قناع، يعيد إنتاجه، في أي توقيت! والأهم أنه يدرك توقيت الصمت المزيف. بات يتضح أكثر فأكثر أن الشخصيات العامة (متبوعة وتابعة) التي تزايد على الوطن والدين، وتخون معارضيها وتفسقهم، ولو همزاً، ليست سوى أداة لتعميق الجهل، على رغم شعبيتها. ربما بات ملحاً اليوم أن يعمل التابعون فرداً فرداً، في تويتر وسواه، على التفكير في ما وراء المقولات، فمن دون ذلك لن يكونوا أكثر من شكل آخر لنفاق يمارسه متبوعون بهدف الصراع على السلطة في أشكالها. إبراهيم بادي [email protected]