فجأة ومن دون أية مقدمات، تبددت أحلام موهبة سعودية شابة، فشاهر الحسيني ابن ال20 عاماً، الذي لعب كرة القدم للمرة الأولى مع فريق إرلانغن بروك الألماني (درجة ثالثة) تحولت أمنياته إلى سراب بعد عودته إلى الوطن، فأقحم في أزمة احترافية ونفسية حقيقية، ربما أنها تحضر للمرة الأولى في الملاعب السعودية، وبات اللاعب الذي حضر إلى نادي الوحدة حاملاً معه (كومة) من المزايا الفنية والبدنية، إضافة إلى إجادة اللغتين الألمانية والإنكليزية، حبيساً لغرفته في منزل أسرته بعد أن صُدم بالواقع المرير، إذ وقّع مع الوحدة عقداً احترافياً يمتد ثلاث سنوات في مقابل مليوني ريال تسلم منها 50 ألف ريال، قبل أن يفاجأ بعد ذهابه للتوقيع رسمياً في مكتب رعاية الشباب بأن النادي لم يدرجه ضمن قائمة المحترفين، وأنه سينضم كلاعب هاو، في نية للتنصل من العقد الذي وقّعه مع اللاعب. «الحياة» التي نشرت قضية اللاعب الشائكة للمرة الأولى قبل أسبوعين تواصل اليوم سرد الحقائق والبراهين الموثقة بالعقود الرسمية والشكاوى التي دارت بين والد اللاعب الدكتور منصور الحسيني وبين لجنة الاحتراف في هذا الخصوص، كما تنشر حواراً ساخناً لوالد اللاعب جاء على النحو الآتي: دكتور منصور ما الجديد في قضية شاهر؟ - الجديد أننا وكّلنا محامياً شهيراً سيخاطب الاتحاد السعودي لكرة القدم رسمياً من أجل السماح لنا بالتحاكم خارج المنظومة الرياضية المحلية، فنحن لم نلق الإنصاف لا من لجنة الاحتراف ولا من اتحاد الكرة وكلاهما أخلى مسؤوليته من القضية وكأنهما غير معنيين بقضايا اللاعبين السعوديين الذين يتعرضون للظلم من إدارات الأندية. أوضحت في حديث سابق ل«الحياة» نيتك شكوى رئيس الوحدة علي داود إلى ديوان المظالم وربما إلى الاتحاد الدولي الفيفا؟ - بالفعل حدث ذلك، وهذا ما نبحث عنه الآن، لكن البند رقم (24) الوارد في عقد الاحتراف الذي وقّعه شاهر مع رئيس النادي يقول: «تعتبر لجنة الاحتراف ومجلس إدارة الاتحاد مرجعين لحل جميع الخلافات التي تنشأ بين الأندية واللاعبين المحترفين، ويحظر عرض هذه الخلافات على أية جهة قضائية أو تحكيمية غير رياضية، فإذا أعرضت لجنة الاحتراف واتحاد الكرة عنا، وكل منهما يقول: «مالي شغل»، بينما نلزم بعدم التحاكم خارج المنظومة الرياضية ماذا نفعل؟ هل نشكو رئيس الوحدة علي داود الذي ظلم اللاعب الشاب على الشرطة مثلاً ، أم نقفل ملف القضية ونرضى بالظلم، ونكون أضحوكة بين إدارات الأندية التي تجرأت على تجاهل مثل هذه العقود الرسمية وباتت لا تعترف بها وتعتبرها «كلام فاضي»؟ لجنة الاحتراف واتحاد الكرة هل أقفلا الباب في وجه قضيتكم نهائياً؟ - للأسف نعم، فرئيس لجنة الاحتراف السابق الدكتور صالح بن ناصر تهرب من المسؤولية بعد أن رفعت له شكوى عاجلة في 12 رمضان الماضي، وأكد أنهم حولوها إلى المستشار القانوني وسيأخذون رأي إدارة النادي في الموضوع، وبعد أن قضت الشكوى أكثر من شهرين، لم نتلق أي رد لا من رئيس لجنة الاحتراف السابق ولا من الرئيس الجديد. واتحاد الكرة ماذا كان رده؟ - هاتفت رئيس الاتحاد السعودي المكلف أحمد عيد بعد العيد مباشرة، وشرحت له القصة كاملة، وذكرته بأن شاهر لعب في ألمانيا هاوياً مع فريق إرلانغن بروك وحادثني حينها عندما أرسل بطاقته الدولية للاتحاد الألماني مثنياً على الخطوة الرائعة ومؤكداً سعادة الرئيس العام لرعاية الشباب الأمير نواف بن فيصل بها، وأنه يعتبر نفسه وكيلاً عن اللاعب، فتذكر جيداً وقال أعطني فرصة للاطلاع على القضية، ثم فاجأني برده حين أكد أن اللاعب ليس مسجلاً في كشوفات الاتحاد السعودي محترفاً أو هاوياً، وأنه لا علاقة لهم بموضوعه، ويمكنه التسجيل في أي نادٍ آخر، والموضوع في مجمله لا يخصهم. ألم تكن هناك مساعٍ وحداوية لاحتواء القضية؟ - القضية لا يقبلها منطق ولا عقل، فكيف يوقع رئيس النادي علي داود عقداً احترافياً رسمياً مع شاب طموح خضع لبرنامج انضباطي وتدريبي من أعلى مستوى في ألمانيا، وكان همه أن يمثل المنتخبات الوطنية، ثم يتنصل عن العقد الشرعي بأسلوب غير حضاري، ويريد أن يحول اللاعب إلى هاوٍ في الشهر الأول من العقد الممتد ثلاثة أعوام من غير علمه ومن غير موافقته، عبر التوقيع على إقرار وتعهد غريب ومريب مكتوب على ورقه بها شعار الرئاسة العامة لرعاية الشباب، وبه بنود مخالفة للعقد الرسمي، متبعاً أسلوب الغش المحرم، والمصيبة أن اللاعب لم يكتشف التمثيلية غير السوية إلا في مكتب رعاية الشباب عندما ذهب للتوقيع محترفاً، واستفسر من المسؤول في المكتب ليبين له أنه سيوقع كلاعب هاوٍ في تصرف غير مسؤول لم يحترم شرعية العقود، ولم يراع مشاعر اللاعب ونفسيته. ولكننا سمعنا عن تدخل عضو الشرف إبراهيم عساس لحل القضية؟ - هذه من ضمن مهازل القضية، إذ فوجئت بمحاولة عضو الشرف إبراهيم عساس بالتدخل في الموضوع وهو الذي حضر توقيع العقد شاهداً بيننا وبين رئيس النادي، إذ قال لي سنحل القضية ب«علوم القبائل»، والإدارة كلفتني بالتدخل في الموضوع، وحق الولد عندي، بس خليه يوقع على استمارة اللاعب الهاوي، لكني رفضت وأكدت له أن العقد شريعة المتعاقدين، ومثل هذه الأساليب الخارجة عن النص لن تنطلي علينا. وكيف تصف نفسية اللاعب بعد القضية وتعطل مشواره الكروي؟ - شاهر لم يكن يتوقع أن يتعرض لهذه المأساة في حياته الرياضية، وحالياً يمر بأزمة نفسية حادة من القضية، ويلازم غرفته في المنزل، ولا يرغب في الخروج إلى المجتمع، ويسألني في كل وقت: لماذا عملت إدارة النادي معي هكذا؟ وهذا السؤال لم أجد له إجابة حتى الآن، وما زلت مذهولاً مما حدث في الأيام الماضية. يبدو أن إدارة النادي تسرعت في التوقيع مع شاهر، وكانت تبحث عن طريقة لإلغاء العقد، فمارست هذا الأسلوب؟ - هذا ليس ذنبنا، فنحن لم نجبر داود على التوقيع مع اللاعب، بل هو الذي طالبنا بسرعة التوقيع قبل معسكر تركيا، وبعد العودة إلى مكةالمكرمة حاربوه وحولوه إلى لاعب هاوٍ من غير موافقته وعلمه، ولم يرفعوا أوراقه إلى لجنة الاحتراف في آخر يوم مع بقية اللاعبين، ما يؤكد أنهم كانوا بيتوا نية إلغاء عقده الاحترافي بطرق ملتوية، وفي نهاية الأمر حرموه من اللعب نهائياً بسبب تصرفاتهم الغريبة، وأضاعوا عليه فرصة الانضمام إلى الفرق الكبيرة التي فاوضته قبل حضوره إلى الوحدة. الرد الوحداوي الرسمي جاء ليؤكد أن العقد كان مبدئياً فقط، وغير ملزم لإدارة النادي؟ - هذا الكلام لم يصدر من إدارة النادي وإنما صدر من مسؤول الاحتراف عبدالعزيز دبلول، وبه افتراءات ومغالطات بأسلوب غير صحيح، وهذا الشخص بالتحديد سأرفع ضده دعوى قضائية بسبب تشويه سمعتي، إذ تحدث بتطاول علي، ووصفني بالمخادع لأنني جئت بشاهر إلى النادي، ولم يحترم سمعتي ومكانتي وأنني أمثل الوطن عضواً في الجمعية العالمية لأساتذة إدارة الأعمال في بريطانيا، فلدبلول أقول إن شاهر وقع عقداً رسمياً من أربع صفحات بها الشروط والقوانين على أوراق الاتحاد السعودي لكرة القدم وذلك برغبة إدارة النادي، والعقد شريعة المتعاقدين. ما أكثر ما حزّ في نفسك في القضية؟ - أكثر ما حزّ في نفسي طريقة تعامل إدارات الأندية مع اللاعبين، وأسلوب استغفالهم من غير رادع، فإلى هذه الدرجة يستسهل رئيس النادي بالتوقيع مع اللاعب ثم يرفض توثيق عقده الاحترافي، ثم يتركه لآخر يوم في التسجيل ويقول عقدك غير معتمد، ويجبره على التوقيع هاوياً، وفي النهاية يتم حرمانه من فرصة الانضمام إلى الأندية الأخرى، فشاهر صاحب حق ويجب أن يأخذ حقه، وقضيته أعتبرها قضية «رأي عام»، وسترسم المسار السليم لبقية مواهبنا الشابة، فيكفي التلاعب بالأنظمة والقوانين والتعليمات، ويكفي حرقاً لمشاعر الشباب الطموح في بلاد تطبق شعائر الله ولا ترضى الظلم على أي شخص من أي مسؤول أيا يكن.