كشف رئيس اللجنة الوطنية للاستقدام سعد البداح عن تخلي الجانب الإندونيسي عن مذكرة التفاهم (الاتفاق) التي كان من المتوقع التوقيع عليها بين الجانبين منذ نهاية شهر رمضان، وإرسال الجانب الإندونيسي مذكرة جديدة تشتمل على عدد من البنود «من الصعب التوقيع عليها من جانب المملكة» على حد قوله، في وقت تم التوقيع فيه على اتفاق استقدام بين السعودية والفيليبين وفتح الاستقدام منها من دون تحديد الأسعار والرواتب منذ الآن. وقال في مؤتمر صحافي عُقِد في الرياض أمس: «إن المذكرة الجديدة غير مقبولة» ما يعني «أن موضوع الاستقدام من إندونيسيا توقف تماماً»، عازياً ذلك إلى أن الكثير من البنود التي وردت في المذكرة التي صاغها الجانب الإندونيسي «لا يمكن الموافقة عليها»، فضلاً عن كونها «لم تراع ما توصل إليه في الفترة الماضية من خلال المناقشات التي تمت بين الطرفين». وأكّد البداح أن المملكة لم توقف الاستقدام من إندونيسيا إلا بعد قرار الرئيس الإندونيسي عدم سفر أية عاملة أو سائق إلى المملكة إلا بعد توقيع اتفاق بين الحكومتين، في إشارة إلى أن الاتفاقات السابقة كانت توقعها اللجنة الوطنية للاستقدام، وهي لجنة غير حكومية، ما جعل التأشيرات الموجودة للاستقدام من إندونيسيا «من دون فائدة» قبل أن يصدر وزير العمل قراراً بوقف التأشيرات، حتى لا يقع للمواطن أية خسائر. وبما أن أية مذكرة بين حكومتين يجب أن ترفع إلى مجلس الوزراء، ويصدر فيها قرار بالموافقة، تم العمل بتوجيه وزير العمل على توقيع اتفاق مع الجانب الإندونيسي بعد موافقة الجهات المختصة، يحفظ حقوق الطرفين ولا يتدخل في شؤون أي بلد من الطرفين، تبعه تشكيل فريق عمل من وزارتي العمل والخارجية بوضع الأطر العامة للاتفاق، وبعد ذلك استمر تبادل البنود التي سيتم من خلالها بناء الاتفاق، وحدث تقدم كبير وتفاهم جيد، وكانت على وشك الانتهاء حتى رمضان، إذ كان من المقرر توقيع الاتفاق بحسب البداح. لكن وزارة العمل فوجئت في آخر أيام رمضان باتفاق جديد بعيد عن كل ما تم التفاهم عليه، إذ ترك الإندونيسيون جميع ما تم مناقشته خلال الفترة الماضية، وأرسلوا مذكرة (اتفاق) ليس لها علاقة بالاتفاق الماضي، كما يؤكّد رئيس اللجنة الوطنية للاستقدام الذي أوضح أنه «بعد الاطلاع على المذكرة، تأكد أنه يجب وقف المفاوضات مع الجانب الآخر، خصوصاً أنها تشتمل على عدد من النقاط التي لن يرضى بها المواطن». وعلّق البداح خلال المؤتمر على جميع البنود الواردة في المذكرة، مؤكداً أن معظم النقاط التي وردت في المذكرة «من الصعب القبول بها»، واصفاً بعضها ب«غير المنطقي». وأضاف: «يجب على الجانب الإندونيسي مراجعة الاتفاق السابق الذي يمكن التعديل عليه أو الإضافة، لكن فرض اتفاق جديد من الصعب القبول به». وفنّد بعض المطالبات والبنود التي جاءت في المذكرة الجديدة، وبدأ بالفقرة الأولى في المادة الخامسة التي تشترط على حكومة المملكة سنّ القوانين، لتجنب حدوث العبودية أو المعاملة غير الإنسانية التي تشمل الآتي ولا تقتصر عليه: الاغتصاب، التعذيب، المعاملة العنيفة، الإجبار على الدعارة، التحرش الجنسي، الاعتداء غير اللائق على العاملة المنزلية، هل المملكة بتطبيقها للشريعة الإسلامية بحاجة إلى سنّ قوانين وضعية؟ متسائلاً: «لا يوجد في المملكة نظام يُجيز ممارسة الدعارة أو حتى الاغتصاب أو الضرب، فكيف تُطالب إندونيسيا بشيء لدينا ما هو أفضل منه وهي الشريعة الإسلامية؟ فكيف نوقع على هذا الشرط؟» أما النقطة الثانية التي تطالب بإصدار بطاقة العاملة الإندونيسية خلال شهر واحد، فاعتبر البداح أن «هذا تدخل في نظام المملكة الذي ينص على أن الإقامة خلال ثلاثة أشهر لتجربتها، وعدم تحميل المواطن تكاليف رسوم الإقامة إلا بعد التأكد من أن العاملة صالحة، وكذلك ما جاء في المادة الخامسة في الفقرة الخامسة التي تنص على مطالبة الجانب الإندونيسي باتخاذ كل الإجراءات اللازمة لحماية العمالة المنزلية الهاربة، فكيف نصدر نظاماً لحماية العمالة المنزلية الهاربة وهي مخالفة للنظام؟ فيجب على الإندونيسيين مراجعة ذلك، وعدم فرض شروط من الصعب تطبيقها ومناقشتها». وبالنسبة إلى الفقرة التي تنص على قيام صاحب العمل بتقديم العمالة المنزلية لوزارة العمل السعودية والمسؤولين من البعثة الديبلوماسية الإندونيسية، قال رئيس اللجنة الوطنية للاستقدام: «نحن نعرف أن وزارة العمل في المملكة لا تطلب العمالة، وبذلك فإن مطالبتها بتنفيذ سياسة معينة غير ممكن، كما لم يَرِد كذلك في المذكرة أنه في حال رفض العاملة العمل من يتحمل ما دفعه المواطن من رسوم تأشيرة ورسوم استقدام، وغير ذلك من التكاليف الأخرى». أما في ما يتعلق بالفقرة التي تنص على أنه يجب دفع رسوم تمديد عقد العمل في السفارة، فاعتبر البداح «أن هذا شيء جديد وغير مقبول»، وكذلك النقطة التي تنص على أنه للحصول على الإقامة، فإنه يجب على صاحب العمل أن يخضع العاملة للفحص الطبي خلال شهر واحد من وصولها، وهذا تدخل في النظام الموجود في المملكة. وبخصوص الفقرة التي تفرض على صاحب العمل السماح للعمالة المنزلية بالتواصل مع أفراد أسرهم وأصدقائهم، سواء في المملكة أم في إندونيسيا، وزيارة البعثة الديبلوماسية والأهل والأصدقاء في أيام الإجازات، فتساءل: «لو زارت هذه العاملة أي صديق لها، وبعد ثلاثة أشهر اكتشف أنها حامل، هل تنفذ عليها أحكام الشريعة الإسلامية أم لا؟». أما الفقرة التي تنص على أنه يجب على صاحب العمل أن يحترم ويقدر حساسية المعتقد الديني للعمالة، بما يشمل الحق في أداء الصلوات والحق في رفض تناول المواد الغذائية غير الحلال، هل نحن في المملكة لدينا خمور أو لحم خنزير، وللأسف، هذه البنود مطبقة على العمالة المصدرة من إندونيسيا إلى كوريا والصين، فكيف تطلب من بلاد الحرمين ذلك؟». وكشف البداح أن من ضمن البنود ما ينص على طلب خريطة المنزل للكفيل، وهذا تدخل في الشؤون الداخلية للمواطنين، مؤكداً أن وصول المذكرة أَوْقف بحث الاستقدام من إندونيسيا، «لن تقبل هذه الشروط، ولكن إذا أراد الجانب الإندونيسي تغيير هذه المذكرة، فاللجنة المشكلة تُرحب بمناقشة الأمور بما يخدم الطرفين». وطالب بفحص العمالة نفسياً قبل القدوم للعمل، «بعد حوادث القتل التي قامت بها عاملات إندونيسيات، نحن نطالب بفحص نفسي لهن، وطالبنا بذلك مرات عدة، ونحن نحمل المسؤولية في هذا الموضوع المكتب التنفيذي لوزراء الصحة العرب، وخصوصاً لجنة الأطباء».