دراسة حديثة عن كفاءة الإدارة اليوم، وقدرة البلد على صناعة قادة الغد أو المستقبل قامت بها شركة SHL البريطانية المتخصصة. الدراسة حملت عنوان First Global Leadership Study، وتم أخذ عينة من 25 بلداً في العالم لقياس كفاءة الإدارة الحالية، ومقدرة البلد على صناعة قادة أو مديري الغد. ويتم القياس بأخذ نسبة القادة حالياً أو مستقبلاً كنسبة من عدد سكان البلد الإجمالي. وبحسب الدراسة، وفي تصنيف القادة أو المديرين حالياً، فقد حلت هونغ كونغ أولاً في كفاءة الإدارة اليوم، بنسبة بلغت 14 في المئة، أي بما معناه أن 14 في المئة من سكان هذه الدولة قادة أكفاءEffective Leaders Today بحسب تسمية الدراسة. تلتها ألمانيا بنسبة 13 في المئة، ثم بريطانيا فأستراليا وأميركا بنسبة 10 في المئة لكل منها. أما في تصنيف قادة الغد Potential Leaders of Tomorrow، فقد اختلفت الصورة تماماً، وجاءت المكسيك، ثم تركيا، فمصر، وسويسرا، والبرازيل، ثم الهند في مراتب التصنيف من الأول حتى السادس. وهذا يعني أن كفاءة الإدارة في المستقبل تميل لمصلحة دول العالم النامي الذي بدأت بعض دوله تحقق قفزات اقتصادية كبيرة في السنوات القليلة الماضية. كما صنف التقرير الإمارات ة في المرتبة ال12 في صناعة قادة المستقبل. والتقرير - وإن كان لا يمكن أخذه بدقة- يعطي مؤشراً جيداً لاهتمام الدول بصناعة قادة الغد. الدراسة لم تأخذ السعودية في عينة الدول التي استطلعتها، وبالتالي فلا يمكن الجزم بترتيب البلد فيما لو شملته الدراسة. ولكني أعتقد بأن المركز الذي سنحققه لن يكون جيداً، إذ ليس لدينا تركيز أو اهتمام كبير بصناعة القادة والمديرين اليوم ولا غداً. فالملاحظ أن ما يتم لدينا هو «تدوير» للوجوه نفسها من موقع إلى آخر. ولا يقتصر ذلك على الحكومة، بل تعداه للأسف إلى القطاع الخاص، وأوضح الأمثلة هو انتخابات الغرفة التجارية والصناعية في الرياض التي انتهت أخيراً، فقد عادت الوجوه نفسها للأماكن نفسها مع تغييرات طفيفة وتدوير بسيط بين المقاعد. كما يتعدى الأمر إلى الجمعيات غير الربحية والهيئات التي تجمع أصحاب الصنعة أو المهنة الواحدة، فالفائز معروف قبل أن تبدأ الانتخابات، والوضع لا يتغير دورة بعد أخرى. يجب أن نبدأ، ومن اليوم قبل الغد على صناعة قادة قادرين على تسلُّم دفة القيادة لليوم وللغد، بعد تأهيلهم بالمهارات والخبرات والدورات اللازمة، حتى لا نجد أنفسنا خارج سباق التنمية، وتتفوق علينا دول أقل منا موارد وقدرات بسبب عدم اهتمامنا بالإدارة. * أكاديمي سعودي متخصص في الاقتصاد والمالية. www.rubbian.com