اليونيفيل ترحّب بوقف إطلاق النار في لبنان وتؤكّد مواصلة أداء مهامها    الاتفاق يتغلّب على العربي القطري بثنائية في دوري أبطال الخليج للأندية    أمين الرياض : تدشين قطار الرياض يعكس حجم الطموح الذي تحمله القيادة الرشيدة لمستقبل العاصمة    ترحيب دولي بوقف النار بين حزب الله وإسرائيل    الجاسر: افتتاح خادم الحرمين لقطار الرياض يمثل بداية عصر جديد لحركة التنقل وعلامة بارزة في حركة التنمية    محافظ خليص ووكيل محافظة رابغ يطّلعان على مشروع تحول حوكمة مكاتب التعليم    وكيل إمارة جازان يفتتح برنامج المخدرات عدو التنمية    «أبشر» تعلن تحديث بعض أنظمة خدماتها يوم الجمعة القادم    مجلس شؤون الأسرة يرعى كرياثون "الإبداع في الأسرة"    استطلاع: 60 % سيستخدمون مترو الرياض للذهاب للعمل والمدارس    تعيين اللاعب الدولي السابق "صالح الداود" مديراً للمنتخب الأول    أهالي الأسرى يعتصمون أمام مكتب نتنياهو.. بايدن: ستبذل أمريكا جهوداً لوقف حرب غزة    وزير الثقافة يوجه بتمديد معرض "بنان" حتى 30 نوفمبر الجاري    جامعة الأميرة نورة تُنظِّم لقاء "فتح أبواب جديدة وآفاق واسعة للمعرفة والتعلُّم"    طريف تسجّل أدنى درجة حرارة بالمملكة    خادم الحرمين يدعو إلى إقامة صلاة الاستسقاء في جميع أنحاء المملكة يوم غدٍ الخميس    أمير تبوك يستقبل رئيس وأعضاء اللجنة الوطنية لرعاية السجناء والمفرج عنهم بالمنطقة    الجاسر: قطاع النقل حقق نسبة نمو 17% منذ إطلاق الاستراتيجية الوطنية    أمير تبوك يقف على المراحل النهائية لمشروع مبنى مجلس المنطقة    الخريف: الصندوق الصناعي اعتمد مشاريع بقيمة 12 مليار ريال في 2024    وزير الرياضة : 80 فعالية عالمية زارها أكثر من 2.5 مليون سائح    رئيس مجلس الشيوخ في باكستان يصل المدينة المنورة    "أنا المدينة".. تجربة واقع افتراضي تنقل الزوار إلى العهد النبوي    وزير الطاقة يعقد اجتماعًا ثلاثيًا مع نائب رئيس الوزراء الروسي ووزير الطاقة الكازاخستاني    نائب وزير الصحة يستعرض إنجازات "مستشفى صحة الافتراضي" ضمن ملتقى ميزانية 2025    أمير تبوك يقف على المراحل النهائية لمشروع مبنى مجلس المنطقة    "سلمان للإغاثة" يوقع اتفاقية لتشغيل مركز الأطراف الصناعية في مأرب    شراكة تعاونية بين جمعية البر بأبها والجمعية السعودية للفصام (احتواء)    توقيع مذكرة لجامعة الملك خالد ووزارة الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية    المملكة تشارك في اجتماعات الدورة ال29 لمؤتمر الدول الأطراف لاتفاقية حظر الأسلحة الكيميائية في لاهاي    وزير الدفاع اللبناني: لا حرية لإسرائيل في أراضينا    السفير الجميع يقدم أوراق اعتماده لرئيس إيرلندا    الأونروا تحذّر من وصول الجوع إلى مستويات حرجة في غزة    هيئة تطوير محمية الإمام تركي بن عبدالله الملكية ترصد ممارسات صيد جائر بالمحمية    استقرار الدولار الأمريكي قبيل صدور بيانات التضخم    وصول الطائرة الإغاثية ال24 إلى بيروت    أربعة آلاف مستفيد من حملة «شريط الأمل»    التعاون والخالدية.. «صراع صدارة»    في دوري يلو .. تعادل نيوم والباطن سلبياً    7 مفاتيح لعافيتك موجودة في فيتامين D.. استغلها    الزلفي في مواجهة أبها.. وأحد يلتقي العين.. والبكيرية أمام العربي    أنشيلوتي: الإصابات تمثل فرصة لنصبح أفضل    مشاعر فياضة لقاصدي البيت العتيق    جذوة من نار    لا فاز الأهلي أنتشي..!    هنآ رئيس الأوروغواي الشرقية.. خادم الحرمين الشريفين وولي العهد يعزيان القيادة الكويتية    هؤلاء هم المرجفون    الدفاع المدني: استمرار هطول الأمطار الرعدية على معظم مناطق المملكة    معاطف من حُب    الدكتور عصام خوقير.. العبارة الساخرة والنقد الممتع    اكتشاف علاج جديد للسمنة    السعودية رائدة فصل التوائم عالمياً    «السلمان» يستقبل قائد العمليات المشتركة بدولة الإمارات    أهمية الدور المناط بالمحافظين في نقل الصورة التي يشعر بها المواطن    "سلمان للإغاثة" يوقع مذكرة تفاهم مع مؤسسة الأمير محمد بن فهد للتنمية الإنسانية    حقوق المرأة في المملكة تؤكدها الشريعة الإسلامية ويحفظها النظام    زاروا المسجد النبوي ووصلوا إلى مكة المكرمة.. ضيوف برنامج خادم الحرمين يشكرون القيادة    نوافذ للحياة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



حسنات محاكمة «المطرقة» وسيئاتها
نشر في الحياة يوم 26 - 09 - 2012

محاكمة 365 عسكرياً تركياً بتهم التخطيط لانقلاب، أمر لا سابق له وحادثة تاريخية في تركيا، ويرى مراقبون أنها منعطف في تاريخ هذا البلد، ورمز لطيِّ حكم العسكر ووصاية الجيش على السياسة.
ويُجمع كثرٌ على أن المحاكمة شابتها أخطاء قانونية كثيرة وتجاوزات إجرائية وشكلية، شأنَ ثغرات الأحكام الصادرة في حق المتهمين، ما جعل السياسة تتداخل وتتشابك مع العاطفة والقانون في النقاشات التي دارت حول المحكمة.
ولا يستهان بأهمية تشبيه هذه المحاكمة بمحاكمة نورمبرغ التاريخية الشهيرة التي قاضت قيادات النازية في ألمانيا بعد الحرب العالمية الثانية. فهذا التشبيه دقيق، وأوجه الشبه بين المحاكمتين هي النتائج السياسية المهمة المترتبة على كل منهما، لأن مثل هذه المحاكمات رادع لحكم العسكر، وذلك كما اختتم المدعي العام الأميركي في محاكمة نورمبرغ مرافعته بالقول إنه في حال أفلت المتهمون من العقاب لأي سبب، فإن ذلك سيساهم في تقويض الحضارة والمدنية في القرن الحادي والعشرين ودمارهما. وقوله هذا إشارة إلى أهمية الحكم كرادع ومنعطف سياسي، فأهمية دور المحاكمة تلك تفوق أهمية قانونية الأحكام وإرساء العدالة، لذا لم تُفصَل في تلك المحاكمة سلطةُ القانون عن سلطة القوي المنتصر، أي بين مَن أصدر الأمر ومَنْ تلقاه ونفّذه، ولو أن السنن القانونية كانت تجري على التمييز بينهما في الجزاء، لكن المحاكمة -على ما تقدم- تحمل رسالة عِبَر رادعة للمستقبل.
والحق يقال، إن ثمة فرقاً بين محاكمة نورمبرغ ومحاكمة «المطرقة»، وذلك في اختلاف الزمن والظروف والدولة والتهم. صحيح أن نورمبرغ قد تكون مثالاً يحتذى، لكنها ليست صِنْوَ محكمة «المطرقة»، وليس الأمران سيان فالحكم على 22 نازياً خرج 3 منهم أبرياء، لا يقارن بالحكم على 365 عسكرياً في تركيا يشكلون العمود الفقري للمؤسسة العسكرية، وبتصفية جيل عسكري بكامله.
من جهة أخرى، ثمة من يقيم مقارنة بين محاكمة «المطرقة» ومحاكمات الجنرالات الانقلابيين في اليونان والأرجنتين، لكنه يُغفل أن قياس عدد المتهمين والمحكومين في هذه الأمثلة الى عددهم في «المطرقة»، يُظهر المبالغة في ملاحقة العسكر في المثال التركي وتجاوز عتبة المنطق. بالتالي، كان من العسير على المحكمة أن تقنع المراقبين بأن جميع المحكموم عليهم كانوا فعلاً من الانقلابيين، وأنهم مذنبون، وأن الجيش هو بؤرة أوكار للانقلابيين.
وستؤجج الثغرة هذه، الغضب والإحساس بالظلم في أوساط الجيل الجديد في المؤسسة العسكرية، كما ستغذي الرغبة في الانتقام. ولا يستهان بدلالة انتشار الإشاعات والتحليلات والتسريبات التي تقول إن هذه الأحكام ستُلحق الضررَ بحكومة رجب طيب أردوغان، فهي ستؤدي الى اتهام رئيس الوزراء بتسييس القضاء من أجل حل خلافاته مع العسكر وتصفية الحسابات معهم. ولعل هذا الجانب من المسألة هو وراء امتناع وزراء الحكومة، وأردوغان نفسه، عن التعليق على الحكم، وتأكيد حق المتهمين والمدانين في الاستئناف. كما يجب ألاّ ننسى أن الحكومة لم تبادر بَعد إلى إرساء الإجراءات القانونية والدستورية التي «تنزع» قدمي الجيش من السياسة ولا تجيز له التدخل فيها. فالحكومة فرضت هذا على الجيش عبر سياسة الأمر الواقع، من طريق تقييد يديه وسجن كوادره داخل المحاكم، لكن هذا وحده لا يكفي لإطاحة الجيش وفصل السلطات، وهذه سابقة خطيرة. فمشاعر الغضب تتنامى في بعض الاوساط العسكرية وتتعاظم الرغبة في الانتقام، والمشاعر هذه قد تنتقل من حيز الانفعال الى حيز الواقع والى حوادث غير محسوبة النتائج.
وتمس الحاجة إلى إرساء حكومة أردوغان التعديلات القانونية والدستورية التي تربط هيئة الأركان بوزارة الدفاع، وإلى تغييرها قانوناً مازال يتيح للجيش التدخل في الشؤون السياسية، وهو قانون الخدمة الأساسية. فمن دون مثل هذه التعديلات ستبقى الحكومة ودائرة السياسة في تركيا تحت رحمة احتمال أن يصل جنرال غير ديموقراطي الى قيادة الأركان ثم يتشبث بمنصبه.
ولا يمكننا القول إن كل ما جاء في محاكمة «المطرقة» يجافي القانون، وإن بعض الجنرالات لم يخطط للانقلاب. فلا دخان من غير نار، والجيش ليس غريباً عن السيناريوات الانقلابية، لكن المحاكمة شابتها تجاوزات قانونية استُغلت لتوجيه الحكم الى اكبر عدد من العسكريين، والتجاوزات هذه قد تفضي الى شيوع الرأي القائل إن القضية كانت تصفية حسابات بين الحكومة والمؤسسة العسكرية بأسرها، وليست عملية قانونية لمحاسبة بضعة جنرالات ممن لا يحترمون الديموقراطية، وهذا قد يكون أخطر ما في المسألة.
* معلّق وكاتب، عن «حرييات» التركية، 25/9/2012، إعداد يوسف الشريف


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.