قضت محكمة سيليفري في ضاحية مدينة اسطنبول التركية على ثلاثة جنرالات متقاعدين بالسجن المؤبد، في أول أحكام تصدرها محكمة في قضية «مخطط المطرقة» أو المؤامرة الانقلابية على حكومة رئيس الوزراء رجب طيب اردوغان العام 2003، والتي استهلت جلساتها في كانون الاول (ديسمبر) 2010، وأدت نتائجها الفعلية الى تقويض سلطة الجيش في الساحة السياسية بعد نحو 80 سنة من سيطرته عليها. وخفِضت العقوبة الى السجن 20 سنة «بسبب فشل العملية الانقلابية». كما قضت المحكمة على جنرالين متقاعدين وثالث لا يزال في الخدمة بالسجن 18 سنة، فيما برئ 34 عسكرياً من 364 شملتهم المحاكمة. وشهدت الجلسة ال107 منذ انطلاق المحاكمة، استقبال مئات من الاشخاص المحتشدين كل متهم بالتصفيق الحار لدى دخوله القاعة. وهتف بعضهم مرات «تركيا فخورة بكم» و»انتم جنود أتاتورك وحماة الجمهورية»، قبل النطق بالأحكام وأقصاها السجن 20 سنة لكل من القائد السابق للقوات الجوية الجنرال خليل إبراهيم فرتينه، والقائد السابق لقوات البحرية الجنرال أوزدن أورنك، الجنرال المتقاعد جيتين دوغان أحد القادة السابقين في الجيش الأول، المتهم الأول في القضية. وكان الجنرال دوغان قال للقضاة في دفاعه الشخصي الأخير إن «الحكم سيحاكمكم انتم وليس نحن». اما الجنرال ارغون صايغن فقال: «الحق معنا لكن القوة معكم»، علماً ان جميع المتهمين نفوا التهم المنسوبة اليهم ب «اعداد خطة انقلابية لقتل مدنيين وتدمير مبانٍ وتفجير مساجد واسقاط طائرة عسكرية، واشاعة فوضى وقلاقل وزج البلاد في حرب مع اليونان». وكرر محامو المتهمين، باستثناء اربعة، مقاطعتهم الجلسة اثر اتهامهم في آذار (مارس) الماضي القضاة بالتحيز والخروج عن قواعد المحاكمة العادلة، بعد رفضهم استدعاء شهود النفي وتوفير أدلة النفي التي طالب المتهمون بتقديمها. وأخرجت قضية «المطرقة» فعلياً الجيش من الساحة السياسية، بعدما جمعت معظم المناهضين لحكومة أردوغان ذات الجذور الاسلامية وعزلتهم عن المؤسسة العسكرية، ما سمح للحكومة بتغيير التراتبية داخل صفوف الجيش وادخال جيل جديد من العسكريين الى القيادة، من مؤيدي الحكم المدني وعدم التدخل في الشأن السياسي. لكن القضية شابتها أسئلة كثيرة لم تلقَ أجوبة مقنعة، اهمها يتناول قوة الادلة وحقيقة تورط جميع المتهمين بالمخطط الانقلابي المزعوم. واستند الادعاء الى أنهم لبوا العام 2003 دعوة الجنرال دوغان الى عقد ندوة من اجل وضع مخطط انقلابي، فيما تشير الأدلة الى عدم حضور أكثر من نصف المتهمين الندوة وجهلهم بها. كما أن الادعاء الرئيسي استخدم قرصاً مدمجاً (سي دي) يحتوي ملف المخطط الانقلابي المكتوب ببرنامج «وورد ويندوز»، من دون أختام أو تواقيع. وأثبت محامو الدفاع ان الملف انشئ العام 2007، و أن تفاصيل كثيرة في الخطة تشير الى أماكن ومؤسسات لم تكن موجودة العام 2003، أو جرى تغيير اسمائها العام 2007. وأدى رفض المحكمة استدعاء شهود الدفاع، خصوصاً قادة في الجيش ابلغوا وسائل اعلام عدم علمهم بتحضيرات أو مخططات انقلابية، والاصرار على توقيف المتهمين سنوات ورفض الافراج عنهم بكفالة رغم أنهم شخصيات معروفة، الى زيادة الاتهامات الموجهة الى المحكمة بكونها سياسية. وعزز ذلك تصريح أردوغان الاسبوع الماضي بأن ما تسرب من المحاكمة «يبقى الجزء الظاهر والأصغر من جبل الجليد للخطط الانقلابية التي أعدت، وعصابة المطرقة أخطر بكثير مما يظن الشعب»، متخذاً موقفاً واضحاً من القضية والمتهمين قبل صدور أحكام القضاء.