في وقت أطلقت محكمة سراح قائد «الجماعة الإسلامية» في مصر رئيس جناحها العسكري السابق مصطفى حمزة المحكوم بالإعدام، أصدرت محكمة أخرى أحكاماً بالإعدام بحق 14 «جهادياً» دينوا بقتل ضباط وأفراد شرطة في سيناء العام الماضي. ورغم أن الأحكام أثارت تساؤلات، إلا أن مراقبين ربطوا بين أحكام الإعدام التي صدرت أمس والمواجهة الجارية في سيناء بين الشرطة والجيش من جهة وجماعات متشددة من جهة أخرى، فيما وضعوا إطلاق سراح حمزة في سياق «تسديد فواتير انتخابية» من الرئيس المنتمي إلى جماعة «الإخوان المسلمين» محمد مرسي لحلفائه السياسيين في «الجماعة الإسلامية». ويعزز هذا الاعتقاد بأن إخلاء سبيل حمزة على ذمة إعaادة محاكمته في قضيتي «العائدون من أفغانستان» و «العائدون من السودان»، يأتي بعد إخلاء سبيل رئيس مجلس شورى «الجماعة الإسلامية» السابق رفاعي طه والقيادي في «الجماعة الإسلامية» عثمان السمان اللذين أطلقا قبل أسابيع على ذمة قضية «العائدون من أفغانستان» المحكوم عليهما وحمزة فيها بالإعدام، وأيضاً محمد الظواهري شقيق زعيم تنظيم «القاعدة» أيمن الظواهري ومحمد الإسلامبولي شقيق خالد الإسلامبولي قاتل الرئيس الراحل أنور السادات. وإضافة إلى هؤلاء، أصدر الرئيس مرسي عفواً عن قياديين آخرين من رؤوس الجماعات الإسلامية التي خاضت صراعاً مسلحاً ضد الدولة في عقدي الثمانينات والتسعينات، 4 منهم محكومون بالإعدام، بينهم قائد الجناح العسكري السابق ل «الجماعة الإسلامية» عبدالحميد أبو عقرب، فضلاً عن إعادة محاكمة الآخرين. لكن قائد تنظيم «طلائع الفتح» الجهادي السابق المحامي مجدي سالم رفض ربط الإفراج عن قادة الجماعات بالتحالفات السياسية. واعتبر أن هذه الأحكام «تصحيح لأوضاع خاطئة». وقال ل «الحياة» إن «الأحكام بإعدام قادة الجهاديين كان هدفها أصلاً إرضاء النظام السابق، وبعد أن تحرر القضاء العسكري من الأغلال قبل الطعون». وكان قادة الجماعات مثلوا للمرة الأولى أمام محاكم عادية بعد قرار القضاء العسكري بعدم اختصاصه بإعادة محاكمتهم، إثر إلغاء المادة السادسة من قانون القضاء العسكري التي تعطي الرئيس حق إحالة المدنيين على محاكم عسكرية. ولفت سالم إلى أن عدداً من قادة «الجهاديين»، على رأسهم محمد الظواهري، أطلقوا أيام تولي المجلس العسكري السلطة، «ما ينفي أن تكون هذه القرارات مرتبطة بتولي الرئيس مرسي». لكنه عبر عن عدم رضاه عن الحكم بإعدام 14 متهماً في قضية قتل ضباط شرطة خلال هجوم على مصرف وقسم للشرطة في مدينة العريش. واعتبر أن «الأحكام مبالغ فيها... والقاضي ربما وقع تحت تأثير الرأي العام والإعلام الذي يتحدث دائماً عن تنامي الإرهاب في سيناء، وربما رأى أن الأحكام المشددة قد تكون رادعة لمن يقدم على هذه الأفعال، لكن هذا الأمر غير مستساغ قانوناً». غير أن مدير «مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» ضياء رشوان لم ير غرابة في الحكم بإعدام 14 من «جهاديي» سيناء «طالما صدر من محكمة مدنية»، مشيراً إلى أن المحكومين «تظل أمامهم فرصة للطعن على الحكم». وفي ما يخص الإفراج عن قادة الجماعات، قال رشوان ل «الحياة» إن هؤلاء «ارتكبوا أخطاء واُرتكبت بحقهم أخطاء... وفي كل الأحوال نعترض على أحكام الإعدام من محاكم استثنائية، لكن أيضا يجب وضع قاعدة للعفو عن قادة الجهاديين أو إعادة محاكمتهم». وأيد «إعادة محاكمة كل من حوكم أمام قاض عسكري»، لكنه استغرب العفو عن القيادي في «الجماعة الإسلامية» عبدالحميد أبو عقرب الذي مثل أمام محكمة مدنية وقضت بسجنه. وقال إن «العفو في أحكام طبيعية متعلقة بالدم أمر يحتاج إلى إعادة النظر فيه، ويجب ألا تبقى المسألة متروكة للاجتهاد».