بدأت أمس أعمال «مؤتمر الإنقاذ الوطني» السوري الذي دعت إليه «هيئة التنسيق الوطني للتغيير الديموقراطي» المعارضة، بمشاركة ممثلي 20 فصيلاً من «معارضة الداخل» وحضور ديبلوماسيين بينهم السفير الروسي في دمشق عظمة الله كولمحمدوف، إضافة إلى قياديين في الحراك المدني في مصر صلاح الدسوقي والأردن ليث الشبيلات. وقال رئيس اللجنة المنظمة رجاء الناصر أن المؤتمر «ليس خياراً بل هو الطريق الوحيد لإنقاذ الوطن والشعب»، مضيفاً أن» التغيير الشامل والجذري هو ما ننشده من دون أي تمييز بين أبناء الشعب». وتابع الناصر: «تلاقينا على نبد العنف في عملنا السياسي والثورة، مدركين أن طريق العنف هو الأكثر كلفة»، قائلاً: «فقدت ولدي الذي سقط شهيداً للوطن منذ أيام. هذا الألم يدفعني لأقول بوضوح: أنني لا أريد لغيري أن يعيش هذه المأساة وأن الانتقام ليس هو الحل». وتابع: «ندرك أنه يجب كسر التوازن بالقوى عبر النضال السلمي، نؤمن ونسعى من أجل وضع مخطط من أجل التلاحم الوطني الذي عرفته سورية ووضع خطط إسعافية وتأمين العيش لملايين السوريين ولا نجد مدخلاً لذلك إلا عبر النضال السلمي». ولم يشارك في المؤتمر ممثلون عن «معارضة الخارج». من جهته، أكد عبد المجيد منجونة باسم «هيئة التنسيق» على تمسك المعارضة «بالنهج السلمي ورفض العنف والطائفية والتدخل العسكري»، قائلاً إن التغيير هو «الجسر الذي نمر عليه إلى الدولة المدنية والديموقراطية». وأشار أن «الهيئة» توصي بتبني «وثيقة العهد» الصادرة عن مؤتمر القاهرة وتبني «وثيقة المرحلة الانتقالية» التي صاغتها اللجنة المنظمة لهذا المؤتمر. من جهته، أكد السفير الروسي «ضرورة إيجاد حل سلمي للأزمة في سورية وبأيدي السوريين أنفسهم بعيداً من أي تدخل خارجي بما يتضمن وقف التمويل والتسليح وإيواء المجموعات المسلحة المتضمنة مرتزقة أجانب». ولفت إلى أن الهدف الأساسي الذي يجب العمل عليه حالياً هو «وضع حد للعنف في سورية في شكل فوري من قبل جميع الأطراف والعمل على تحويل مسار الأزمة باتجاه الحل السياسي السلمي من خلال إطلاق الحوار الوطني الجاد من دون أي شروط مسبقة»، موضحاً أن ذلك هو «الطريق الوحيد للخروج من المأزق الحالي الذي لا يبشر الاستمرار به بخير سواء لسورية أو للمنطقة بأسرها». وقال كولمحمدوف إن الجهود الروسية الحالية «ترمي إلى تحقيق هذه الأهداف بالتنسيق والتعامل مع جميع الأطراف المعنية بما فيها الحكومة السورية التي نحن على اتصال دائم معها بما في ذلك في شأن القرارات من أجل التوصل في نهاية المطاف إلى حل سياسي للأزمة وفي اتصالاتنا أيضاً مع الدول الغربية بما في ذلك في مجلس الأمن الدولي وكذلك الأطراف الإقليمية ونركز جهودنا على الحث والتأثير على المجموعات المسلحة بهدف وقف العنف والتطرق إلى إيجاد حلول سياسية للأزمة في سورية». وشدد السفير الروسي على أن خطة مبعوث الأممالمتحدة السابق كوفي أنان وبيان جنيف يجب أن يكونا أساساً لإيجاد الحلول السلمية للأزمة في سورية، معرباً عن تأييد روسيا لجهود المبعوث الدولي الجديد إلى سورية الأخضر الإبراهيمي. وأفادت صفحة «هيئة التنسيق» على «فايسبوك» أن جلسة أمس اختتمت بالتصويت على اعتبار «وثيقة العهد الوطني»، التي تم إقرارها في مؤتمر القاهرة، كوثيقة من وثائق هذا المؤتمر وتمت الموافقة بغالبية قريبة للإجماع. وحدد المشاركون المبادئ الأساسية للعملية السياسية ومنها التحول الديموقراطي ونبذ الطائفية والمذهبية والتأكيد على النضال السلمي وضرورة استعادة الجيش لدوره الوطني والحرص على تحقيق أهداف الثورة بالقوة الذاتية للشعب السوري وحماية المدنيين وفق القانون الدولي بالإضافة إلى اعتبار الوجود القومي الكردي جزءاً أساسياً وتأريخياً من النسيج الوطني السوري وكون سورية الجزء الذي لا يتجزأ من الوطن العربي. قال لؤي حسين رئيس «تيار بناء الدولة» في تصريحات صحافية إن حركته قاطعت المشاركة في مؤتمر «الإنقاذ الوطني» ودعت إلى تأجيله، لأنه تحول إلى منبر خطابي ويحاول أخذ شرعيته من أطراف دولية. وأضاف أن المؤتمر لم يجلب خيارات جديدة لحل الأزمة بل يكتفي برفض بعض الخيارات القائمة. وأشار إلى أن المعارضة السورية كلها تتحمل جزءاً كبيراً من المسؤولية إزاء ما وصلت إليه الأوضاع في سورية لعدم مقدرتها على طرح أشكال قيادية جديدة يرضى عنها كل السوريين. وانعقد الاجتماع بمباركة من السلطات السورية على رغم اعتقال العديد من شخصيات المعارضة في الأيام الأخيرة. وفي تموز (يوليو) الماضي ألغي مؤتمر مشابه بعد تهديد قوات الأمن لصاحب القاعة التي تستضيفه. وأطلقت قوات الأمن النار أمام القاعة في حادث أسفر عن مقتل 14 شخصاً. وتقول جماعات معارضة أن روسيا والصين اللتين عرقلتا محاولات غربية لفرض عقوبات من الأممالمتحدة على دمشق وعدتا باستغلال نفوذهما في حماية الاجتماع. ورفض ناطق باسم الجيش السوري الحر المؤتمر قائلاً إن النظام «يحاول دائماً التفاوض مع نفسه». وقال لرويترز عبر الهاتف: «هذه ليست معارضة حقيقية في سورية. هذه المعارضة ليست سوى الوجه الآخر لنفس العملة. الجيش السوري الحر لن تكون له علاقة بهذه الجماعات». وأضاف: «إنها مجرد خطة سخيفة لتضليل المجتمع الدولي ليظن أن هناك مفاوضات جارية. لا يمكنهم أن ينجحوا في إنهاء الحرب الأهلية».